مواضيع اليوم

تأملات في الدين والسياسة (5) خلاصات تأسيسية

أحمد بوعشرين

2009-10-28 11:34:29

0

إلى حد هذه الحلقات حاولنا أن نؤسس بما قد نعتبره في تقديرنا أصولا للتصور السياسي الإسلامي ويمكن تكثيفها في الخلاصات التالية:

1-أن وجوب السياسة هو من مقتضيات كونها جزء من الدين وأن وجوبها هو من وجوب الدولة/الخلافة أو الإمامة في الإسلام التي تتم بها “حراسة الدين وسياسة الدنيا به”، وذلك بناء على الحجج التي قدمناها في حلقة سابقة، ومنها أن هناك أحكام واجبة متعلقة بحفظ أموال الناس وأعراضهم ودينهم جاءت بها نصوص القرآن والسنة،ولا تتم إلا بوجود كيان فعلي(الدولة) يقوم بها، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب،وإذن ضرورتها من ضرورة نفاذ هذه الأحكام “وإلا شمل القحط وهلكت المواشي وبطلت الصناعات وكان كل غلب سلب ولم يتفرغ أحد للعبادة والعلم إن بقي حيا” على حد تعبير الإمام أبي حامد الغزالي رحمه الله، ومنها أيضا إجماع جمهور الفقهاء على وجوبها باعتبارها من أعظم واجبات الدين ومنها أيضا إجماع كبار الصحابة رضوان الله عليهم على بداهة فهمهم لضرورتها ووجوبها، وأنها جزء من حفظ الدين، من خلال إسراعهم إلى سد الثغرة التي تركتها وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم،في سقيفة بني ساعدة، باختيار من يخلفه بعد وفاته لقيادة الأمة الإسلامية،وحراسة الدين.

2- أن الطريق الراجح في تثبيت طريقة التولية، هو التعاقد الذي مضمونه “حراسة الدين وسياسة الدنيا به”، وشكله الرضا والاختيار بما أنه ”عقد مراضاة واختيار لا يدخله إكراه ولا إجبار”.

3-أن نظرية الدولة في الإسلام تحققت بنموذج فعلي، وأن هذا النموذج الفعلي يعتبر في تقديرنا هو النموذج القياسي من حيث الأسس والأصول التي بني عليها لاستلهام نماذج سياسية إسلامية راهنة في الحكم والتدبير على مستوى الدولة، وهذا النموذج الفعلي هو نموذج الخلافة الراشدة لاعتبارين اثنين:أولهما أنه نموذج بشري لا نبوي، ثانيهما، أنه نموذج أخلص لثوابت النظرية السياسية الإسلامية في الدولة والحكم والتدبير والتي ذكرناها أهمها في حلقة سابقة، و المستمدة من النموذج النبوي الذي كان مرفقا بالوحي في التأسيس والتصويب والتصحيح.

4-أن من أهم عناصر الحيوية في النظام السياسي الإسلامي، كونه يعتمد بالأساس على إشاعة ثقافة النصيحة والرقابة والتقويم من داخله، ذلك لأن العصمة الجماعية للأمة مضمونة بضمان سريان هذه الثقافة وهذا السلوك التقويمي الذاتي من داخلها، وعلى هذا الأساس اعتبرنا أن المعارضة في النظام الإسلامي ارتقت:

من مستوى الحق إلى مستوى الواجب من جهة الأمة .

بل إلى مستوى الدعوة إليها من جهة الحكم، “إن أسأت فقوموني” ،وهذه خاصية فريدة في النظام السياسي الإسلامي: استدعاء المعارضة وليس فقط إعطائها الحق في التعبير والتنظيم، شريطة أن تتسيج هذه المعارضة بأصول اجتماع الأمة بحيث:

لا يكون مطلبها إلغائيا لأمر من أمور الدين.

وأن تكون معارضة لمنكر ظاهر لا يحتمل تأويلا أو اختلافا بين جمهور المسلمين

وأن لا يؤدي معارضتها لهذا المنكر الظاهر إلى منكر أكبر منه (وهنا تبرز أهمية منطق الموازنة وترجيح مصلحة الدين والنفس والأمة).

كانت هذه أبرز خلاصات حلقاتنا السابقة في تأملاتنا في الدين والسياسة، وسنكملها بحول الله بتأملات أخرى في الحلقات المقبلة، فإلى اللقاء في الحلقة المقبلة بحول الله وقوته.

 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !