تأزم الفكر وتنطع المفكر
يكاد البعض أن يٌصاب بالدهشة جراء ما يسمعه من خطاب متغير تغير وتشكل فجأة دونما سابق إنذار , خطاب يتعارض مع القيم والمباديء التي كان يروج لها دعاة الصحوة الوجه الخفي للاخوان فالصحوة تزعمت وتصدرت المشهد نيابة عن المدارس والتيارات المسيسة للدين ذات الادلوجيات المذهبية والطائفية والتي انضوت تحت لواء الصحوة بدعوى الصحوة وإفاقة العقل تسيد للمشهد الاجتماعي ومحاولة لتسيد المشهد السياسي عبر خطاب تظليلي استخدمت فيه كل الادوات لتحقيق ذلك الهدف ؟
سيطرت جماعة الاخوان بالسعودية ممثلة بحركة الصحوة على التعليم وتغلغلت بالمدارس والجامعات حتى الانشطة الطلابية تم السيطرة عليها وأدلجتها مستندة على دعم وتأييد رموز التيار الوهابي فالصحوة خليط فكري نابع من فكر الاخوان وفكر الوهابية ولم يعد للوهابية كحركة تجديدية تصدرت المشهد الفكري فترة ليست بالقصيرة أي دور فدورها سلمته عن طيب نفس للصحوة ولرموزها الذين هم من رموز مدرسة محمد بن عبدالوهاب وتلك مفارقة عجيبة بتاريخ البشرية العربية السياسي والاجتماعي .
التغير الذي بدأ واضحاً للمتابع لا ينحصر في الخطب المتناقضة والمهيضة للاحتقان والطائفية لبعض مشايخ ورموز الدعوة /الدعاة الجدد والدعاة الاوائل / بل تعدى حتى أشتمل على التغريدات وتلك وسيلة استخدمها البعض للتضليل والتدليس ومحاولة حمل الناس على الاتباع فسياسة ومفهوم الصورة طبق الاصل مايزال معمولاً به ومازال البعض يحاول استنساخ فكرة وشخصيته عن طريق زرع ما بعقله وما بصدرة بعقول وصدور الاخرين تلك هي سياسة ونظرية الصورة طبق الاصل ! فجل التغريدات عبارة عن تزكيات لشخصيات صحونجية عٌرف عنها التشدد الغير منسجم مع سلوك وعادات المجتمع والمنافي لتعاليم الدين الحنيف , وعرف عنها ايضاً علاقتها المباشرة والغير مباشرة بتنظيم القاعدة فرع جزيرة العرب , ولعل اذكر تزكية لداعية حائز على القاب متعددة لشخص يشتبه بعلاقته بالفكر القاعدي فالداعية ذكر بزكيته انه جلس لمدة ساعة مع ذلك الشخص وانه من اهل الايمان والاحسان والتقوى , فالشخص المٌزكى بالسجن ينتظر محاكمته لعلاقته بالفكر القاعدي ومن زكاه لم يجلس معه الا لساعة وتلك الساعة لا تكفي لتقييم الشخص فماذا تعني تلك التزكية التي طار بها صغار الحركيين ضعفي القلوب والعقول فرحاً وتغنوا بكلماتها ليالي وايام طوال ؟
تغير لا تفسير منطقي له سوى ان تلك الشخصيات تسعى لان تكون في الصدارة فيدها وصلت لكل شيء وشعاراتها تعدت كل شيء حتى المرأة تم اقحامها في لعبة صراع التيارات فالمرأة تمثل الخطيئة والفتنة والغيرة واي شيء على علاقة بالمرأة يتم اقحامه والسبب ضعف التفكير والبحث عن طعم لجلب الكثير من الاتباع , وتناسى البعض ان المرأة جزء من المجتمع وتعيش بوسط مجتمع تربى وعاش في بيئة سليمة قبل أن تأتي تلك الافكار وتغربل المجتمع وتصنفه وتمارس القذف والقمع والظلم بحجة الدين فالمجتمع تربى ببيئة متدينة وليس بحاجة لاوصياء يرسمون له الطريق ؟
ما يعيشة المجتمع من صراع هو نتيجة طبيعية لبروز تيارات ذات اهداف سياسية بشعارات دينية وتلك ظاهرة غير صحية لان الظواهر الصحية لا تنتج صراع بل تنتج اختلاف وتعايش ومراجعات فكرية وحوار وتعدد , لكن البعض ممن يسير وفق عواطفه لا يقتنع بتاريخ تلك الحركات الدموي حتى وإن ذٌكر له بالارقام اعداد الشباب الذين وقعوا ضحية للتغرير والتحريض بدعوى الجهاد ونصرة الامة , فكم من قيمة إنسانية سقطت بواسطة التشدد والغلو في الدين , كم وكم لكننا ومع كل ذلك نحمد الله على وجود اصوات معتدلة لا تسعى لبث الفتن الطائفية والمذهبية ولا تحاول ان تحمل الناس على إتباع اقوال معينة اصوات تستند على قواعد متعددة لعل أهمها قاعدة حسن الظن بالناس والتيسير قاعدتان إنسانيتان ومن صميم ديننا الحنيف لكنهما تغيبان عن الحركيين الذين لا ينفكوا عن توزيع التهم والتشكيك في النوايا .
كل يوم يمر اكتشف اننا نعيش بزمن تأزم الفكر وتنطع المفكر وتلك كارثة بحق الجميع لانها اعتمدت على تغييب العقل وتخديرة بشعار الدين وممارسة دور الوصاية على المجتمع بحجج واهية ومن نسج الخيال الساعي للسيطرة وبسط النفوذ , أزمة لن تنتهي الا إذا قام اهل الاعتدال وواجهوا تلك الاصوات ¸وتعايش الناس وتعايشت الافكار مع بعض دون اقصاء او تخوين او تشكيك , فالوطن ملك للجميع وفطرة الناس سليمة فلا تفسدوها يادعاة خلط الدين بالسياسة , فتسييس الدين يعني الموت للدولة المدنية دولة العدل والمساواة والقانون ودولة الرسول صلى الله عليه وسلم دولة مدنية ذات صبغة دينية لانها قامت على العدل والمساواة والتعايش والمشاركة فنشرت الاسلام وحققت العدالة للجميع , أما خالطي الحقائق فيردون بتسييس الدين دولة طالبانية أو دولة يكون الحكم فيها أولاً واخيراً لايه الله العظمى كما هو الحال في إيران وشعارهم الذي يرددونه إسلامية إسلامية ! وذلك يعني حلم الخلافة الوهمية الذي يعشش بعقولهم ومختصرة كلمة واحدة وهي الامة فكل شيء للامة هذا ما تربت عليه الاجيال , وما بثوه بعقول العامه , فقد قدموا الامة على الوطن وكان الاولى الوطن قبل الامة ومن ثم تأتي الامة كجسد واحد , فكيف تبني الامة وأنت تهدم وطن احتضنك عن طريق بث الفرقة ورزع بذور الشك والتضليل , لكن تلك العقول لاتقرأ التاريخ جيداً فالرسول عليه الصلاة والسلام بحث عن وطن ليبدأ منه رحلة الدعوة فهاجر الى المدينة وبدأ منها دعوته بعد أن مرعليه الصلاة والسلام بمراحل دعوية متعددة لم يتجاوب معها الا قلة من الناس رضوان الله عليهم وتلك حقيقة غائبة عن متبعي الهوى !.
الشعارات ازمتنا الراهنة فمنذ ما يقارب الستين عاماً نعيش بشعارات متعددة بداً من الاشتراكية و القومية والوحدة العربية حتى وصلنا لشعار الاسلاموية الذي لن يكون الاخير بجعبتنا العربية وتلك مفارقة عجيبة بتاريخ البشرية جمعاء ؟
التعليقات (0)