من منا لم يبكي بغداد و هي تسقط ؟؟ من منا لم تدمع عينيه و هو يرى ذكرياته تتلاشى مع سقوط تلك الجدران, من منا لم ينقش و يوشوه صورة تلك الجدران بـ " ذكرى فلان مع فلان أو فلانة" , من منا لم يطلق سهما يخترق قلبا على شجرة, من منا لم يفقد حبيب او صديق,من منا لم يترك بصمة في فضاء و ساحات بغداد , من منا كان يقول انا العراق بدون ان تكون بغداد؟؟؟؟؟؟؟
أحيانا أقع في حيرة من أمري حين اتحدث عن بغداد , عندما ألعن ابن وطني الذي أغتصب بغداد و لبس ألف وجه حتى انتسب لآل البيت الطاهرين و صدقه الناس , فيلعنونني... و حين استذكر بغداد يوم السقوطو هرعي إليها كي أستذكر اوراق الماضي التي خلّفتها لأكثر من عشرين عاما , صدمتني الرؤية و لم اجد مخلفاتي على الجدران و لا اشجار شامخة الأغصان , اطلال و ما بعدها من أطلال. ترى هل خانتني أحاسيسي بالفرح حين ولى و سقط صنم ذلك المجنون.
طالما تشبثت بمقولة كنت قد اكتسبتها من شخص قالها لكنه لم يستخدمها , فبصمتها ببصمتي , عجيب أمر هذا الرجل , الذي كان بدرجة وزير ..و رمز من رموز الثقافة العربية و الكوردية في العراق.. كان حين يفرغ من مهامه الروتينية كوزير, كان يطوف في شوارع بغداد و ينتهي به المطاف ليشرب الشاي عندنا , كانت زياراته ثقيلة الدم و اليد بالنسبة لي , كان أخي يحضر جهاز التسجيل و يدعواني لمشاركتهم الحديث بأسالة كانت تجعلني اشعر بغبائي, كون اني اعلم نتيجنها سلفا و هي اصفع بصفعة تطلق لحنجرتي العنان بالصراخ و البكاء , و حين يفرغون من تعذيبي يتبادلون القهقهات و يعيدون بكرة التسجيل و يستمعون لنبرات البكاء التي اطلقتها كأنهم يستمعون لسمفونية في جو من الرهبة على تقسيمات مايسترو شهير في اجواء اوبراوية إيطالية .. ذات مرة صادفته يرسم صورة لابنته الصغيرة و هي تبكي, الذي اضحكني انني ظننت انه رسام كاريكاتير, فيما بعد تبين لي انه يجهل الرسم تماما, و حين بادرته بالسؤال عما يفعل, بدون ان يشيح بنظره عن مفكرته ,رد بأستعلاء و مكابرة" قد لا تفهم انها تأريخ أهمل تأريخ" ..
تناثرت بين اشيائي الكثير من الأوراق المبعثرة أحتوت الكثير من ذلك التاريخ الذي أهمل و نظرا للتضاريس التي تجاوزتها خلال مسيرة انتكاساتي و عثراتي بعض تلك الأوراق لم تعد موجودة ,تناقلت الأنباء خبراعن حدث وصلني رابط ذلك الحدث عن طريق بريدي الألكتروني و حين فتحت الرابط كانت بداية معرفتي بئيلاف , تصفحت ئيلاف لأسبوع بكل ابوابها , و أخر باب كتب علها " المدونات " ..
من هناك بدا لي ان استجمع ذاكرتي و أجمع شتات اوراقي التي أهملها التأريخ و ادونها و ابحث بين سطور المدونين عن صور ضاعت مني تحت ظروف معينة , أقرأ احيانا امور و سطور كتبها الأخرون احسستها كأنها كانت من ضمن اوراقي الضائعة, فيها من حب للأشياء ,و كره بغيض لبعض تلك الأشياء, اخرى تلبس غير ألوانها , بعضها اضحكتني فوضويتها أخرى قاتمة متشردة في ضياع و متاهات , تلك الأختلافات و الصراعات , حذف لوجود الأخرين , سباق بين الكلمات, تلك صورة المدونات , بين السطور ترسم صور مخفية مشتركة بين أناس لم يلتقوا أبدا و لن يلتقوا, تلك رسمت ملامح غير التي يكتب عنها في مدونات الدولة , فيها تنافر و تشبث بالحياة , ملامح من عصر مرفوض في يوميات نحاول ان نتقبلها على إنها تأريخ حاضر, ثقافة الخبز اليومي الذي ترفض الدولة تدوينه بكتب التأريخ, نحن بهارات حكايات حكم الدولة اليومية , نحن مصدر ألهامها الخصب و لا نكون ضمن كتب التاريخ!! , كل هذه الأمور تجمعت تحت عنواني عبر الأزمان تأريخ أهمل تأريخ...
التعليقات (0)