تأجيل الدراسة درهم وقاية
قد لا يعي الاطفال مدى خطورة الامراض التي تصيبهم بين حين واخر ، لذا نجد الكثير منهم يتمنع عن تناول الدواء ، وبالاخص اذا ما كان ذو رائحة او طعم غريبين ، وذلك لجهل منهم وعدم ادراك لأهمية الدواء في سرعة تماثلهم للشفاء ليعودوا سريعا الى اللعب مع اصحابهم .
إن الطفل الذي رفض تناول الدواء بسبب طعمه او رائحته يجب ان لا نأمل منه وعي بحقيقة مرض هو في حقيقة الامر وباء ولا يتوفر له العلاج الشافي في البلد حتى الان ، فالاطفال جل ما يفكرون فيه هو اللعب واللهو برفقة اخوتهم أواصاحبهم وزملائهم في المدارس ، ولن يدركوا مهما حاولنا معهم معنى ضرورة اخذ الوقاية والحرص الشديدين ، هذا في ظل متابعة مستمرة من اهلمهم المسؤلين عنهم ، وعددهم قليل قد لا يتجاوز الـثلاثة أو الاربعة اطفال في البيت الواحد ، فكيف بهم اذا ما كانوا بعدين عنهم في مدارسهم ؟! . وكيف باستطاعة المدرس لوحده ان يتابع اكثر من 30 طالب في الفصل ويشرح لهم الدرس في نفس الوقت ؟!
وبحسب ما ذكرت وسائل الاعلام فان العلاج لن يكون متوفر في المملكة الا في شهر اكتوبر ، حيث ان وزارة الصحة اتفقت مع الشركة المنتجة ان توفر لها اربعة ملايين وحدة منه ، والشركة وعدت بتسليمه في شهر اكتوبر اي بعد قرابة شهر من الان .
وبحسب احصائيات موقع .flucount.org/ ، فان السعودية قد سجلت حتى الان 4034 حالة اصابة بانفلونزا الخنازير ، منها 26 حالة وفاة بسبب المرض ، اي بمعدل وفاة شخص واحد من بين كل 155 مصاب بانفلونزا الخنازير ، وبنسبة وفاة اقل من واحد بالمئة من الماصبين حتى الان .
الا ترى وزارة التربية ان عدد 26 وفاة هو عدد كبير جدا - فهو يمثل فصل او اكثر من نصف فصل في مدرسة ما - كافي لان تتخذ الوزارة قرار تأجيل الدراسة بدون اي تردد ؟
الا ترى وزارة الصحة ان هذا العدد من الوفيات هو كبير في وقت تقل فيه عادة الاصابة بمثل هذا المرض - الانفلونزا بصفة عامة - والذي عادة ما ينتشر في الاماكن المزدحمة ، وفي الاجواء الباردة ؟!
الا تكفي هذه الوفيات حتى ترفع وزارة الصحة تقريرها وتوصياتها الى مجلس الوزراء بضرورة تأجل الدراسة الى حين توفر العلاج لهذا المرض ، والانتهاء من موسم الحج ؟
لماذا تنتظر وزارة الصحة - وهي التي تعيش الظروف - توصيات منظمة الصحة العالمية؟! .
في الايام الماضية لمح احد المسؤلين في وزارة التربية عن انه اذا ما تم تأجيل الدراسة فان هذا سوف يكون للطلاب فقد دون المدرسين والاداريين. ولكنني اتسائل ما نفع تواجد المدرسين في المدارس بدون الطلاب ؟
قد يحسد البعض من الموظفين - سواء في القطاعات العامة او الخاصة - المدرسين اذا ما تم تأجيل الدراسة على طول اجازتهم ، ولكنني اقول ما هو الافضل ان تزيد اجازتهم او ان يتفشى المرض في البلد ولا يسلم منه احد ؟ فالوقاية خير من العلاج .
الا يجب ان نتعض مما يجري في الدول التي بدأيت فيها الدراسة وهي اقل مننا في عدد الحالات المصابة بالمرض واقل في عدد الوفيات . فالعاقل من اتعض من غيره لا منكان عضة لغيره . فخلال هذه الايام البسيطة التي بدأت فيها الدراسة في بعض الدول ، ونحن نسمع في كل يوم عن اكتشاف حالة مرضية في مدرسة ما في احدى الدول واقفال المدرسة التي فيها الحالات لمدة اسبوع الى اسبوعين . هذا ولم ندخل حتى الان فصل الشتاء والبرد ، وهو فصل الذي تكون فيه انتشار الانفلونزا في قمة ذروتها .
فهل سوف نسلك مسلك تلك الدول الى ان يأتينا علاج هذا المرض ؟!
بالرغم من اننا نفوقهم في اعداد المرضى والوفيات ، وبالرغم من ان بلدنا مقبلة على موسم الحج وتجمع اكثر من مليونين حاج في مكان صغير في نفس الوقت ، وهو الامر الذي لا ويكون في مكان اخر في الدنيا الان معنا .
أرى انه يجب ان يتم تأجيل الدراسة الى ما بعد اجازة الحج ، وتستغل هذه الفترة من كلا الوزارتين (التربية والصحة) لتحقيق ما يعود بالنفع للجميع .
فعلى وزارة الصحة ان تسعى جاهدة خلال هذه الفترة لتوفير العلاج الكافي لمواجهة ما قد يكتشف من حالات مصابة بهذا المرض او الامراض الاخرى بين الحجيج خلال موسم الحج المقبلين عليه ، بعد ان تم تقليل فرصة الاصابة بالمرض بين المواطنين بتأجيل الدراسة . كما عليها خلال هذه الفترة عمل حملة اعلامية مكثفة عبر كافة وسائل الاعلام المرئية والموسوعة والمقروءة عن طرق الوقاية من الانفلونزا ، وكيف نميز بين الانفلونزا العادية وانفلونزا الخنازير . والتي لا يعلمها الكثير من الناس .
وعلى وزارة التربية ان تستغل هذه الفترة والتي تمتد الى ثمانية اسابيع ، لتطوير وتدريب المدرسين خلال هذه الفترة والتي ان شاء الله لن تتكرر ، بعقد ورش عمل للمدرسين في المدارس نفسها وبتدريب من مدرسين زملاء لهم من مدارس اخرى . كما يمكن استغلالها بالتنسيق مع وزارة الصحة لعمل دورات تدريبة للمدرسين عن طرق السلامة المدرسية بين الطلاب - والتي قد يجهلها الكثير منهم - وكيفية التعامل مع الحالات المرضية في المدرسة اذا ما وقعت .
بذلك نكون قد اجلنا تواجد الطلاب وازدحامهم في المدراس والفصول الدراسية التي يحتوي بعضها على اكثر من 30 او حتى 40 طالب ، وقللنا من فرصة انتشار هذا الوباء بين الطلبة ، كما اننا قمنا باستغلال اوقات المدرسين بما هو مفيد لهم ونقل الخبرات فيما بينهم ، واعطيناهم فكرة واضحة عن طرق الوقاية من الامراض في المدارس . كما اعطينا وزارة الصحة الوقت الكافي للاستعداد لموسم الحج وتوفير الادوية والعلاجات للامراض المحتملة ، وذلك بعد ان رفعنا عنها ثقل تفشي المرض بين المواطنين بقدر المستطاع .
التعليقات (0)