مواضيع اليوم

بيوت العفاف.

محمد مغوتي

2010-06-08 00:05:07

0

                   بيوت العفاف.
   " خبر كالصاعقة تتداوله مصادر الأنباء يفيد بأن السلطات الإيرانية سمحت رسميا بتخصيص بيوت لممارسة البغاء تحت اسم زواج المتعة يقوم فيه الإيرانيون بممارسة الجنس ليوم واحد مع النساء، وذلك بذريعة القضاء على ظاهرة الاغتصاب التي تنتشر بشكل خطير في البلد الإسلامي الشيعي."
    هذا الخبر تتداوله عدة مواقع إخبارية إلكترونية بنفس الصياغة التي نقلتها في مقالتي هذه عن موقع شبكة الإعلام العربية " محيط ". ووصف الخبر بالصاعقة له ما يبرره طبعا. إذ أن الأمر يتعلق بإيران. ولا يمكن أن يمر هذا الموضوع مرور الكرام، لأنه يثير كثيرا من علامات الإستفهام والتعجب. فهذا البلد الذي يحكمه نظام إسلامي يفترض فيه أن يحكم بما أنزل الله. لكن قضية بيوت الدعارة هذه تجعل الإنسان لا يفهم ما يجري حوله في بلاد المسلمين حقا. والإيرانيون أرادوا شرعنة البغاء على ما يبدو فمنحوه غطاء دينيا يرفع عن هذه الفاحشة صفة الرذيلة ويمنحها الشرف و المشروعية لذلك تتداول الأوساط الدينية في بلاد فارس منذ عدة سنوات اسم " بيوت العفاف " من أجل تشجيع الناس على التسوق الحلال و بتأشيرة رجال الدين الذين لا يمانعون هذه الممارسة، بل إنهم يشجعون عليها لأنها تتم في إطار شرعي هو " زواج المتعة ". لكن الحكومة عازمة الآن وفي ظل استفحال مشكلة الإغتصاب و الحمل غير الشرعي على توسيع هذه البيوت والمراكز التي تشرف عليها القوى الأمنية ولا يهمنا هنا الجدل الدائر بين الفقهاء بخصوص هذا النوع من الزواج الذي ينتشر في الأوساط الشيعية، لكن المهم هو فهم ما وراء الخبر. فالترخيص لبيوت العفاف هذه يأتي تحت ذريعة محاربة ظاهرة الإغتصاب التي بدأت تنتشر في إيران. وهذا على الأقل ما جاء في قصاصة النبأ المذكور. وهذا اعتراف مهم يثبت أن الرقابة على الناس و خطابات الوعظ والإرشاد والوعد والوعيد وحدها لا تكفي لبناء مجتمع أخلاقي ناضج. وما ينتقده المسلمون من ممارسات غير أخلاقية في الغرب بسبب الفراغ الروحي و مناخ الحرية الواسع هناك، يعيشونه في بلادهم بالواضح حينا وفي الخفاء في كل حين رغم الوازع الديني. بل وفي الحالة الإيرانية يعيشونه رغم العمل بقوانين مأخوذة من الشريعة الإسلامية...
   لقد أدرك الإيرانيون أن الواقع لا يرتفع، لذلك اختاروا هذه المرة أن يتناغموا ويتكيفوا مع متطلباته. وهذا يعني أن الجنس باعتباره واحدا من الطابوهات التي يصعب تكسيرها في المجتمعات الإسلامية، بدأ التعامل معه كأمر واقع في دولة تعيش تجربة الحكم الاسلامي منذ عشرين سنة.. وقد وجد الإيرانيون في الترخيص لبغاء شرعي خير وسيلة لمحاربة ظاهرة الإغتصاب. وكأن الإيرانيين يطبقون بذلك مبدأ " الضرورات تبيح المحظورات ". فماذا سيقول المدافعون عن تجربة الحكم الإسلامي في إيران بعد هذه النازلة؟؟. ماذا سيقول الذين ينتقدون العلمانية الغربية في هذا الشأن؟. وماذا يعني الترخيص لأقدم مهنة في التاريخ بمسوغات يدرك الجميع أنها مجرد التفاف على الدين؟؟.إنها أسئلة تفرض نفسها بقوة وتحتاج إلى نقاش حقيقي. فالنظام الإيراني الذي أغلق كل دور الدعارة مباشرة عقب نجاح الثورة الإسلامية، بدأ بفتحها من جديد منذ سنوات بمسميات جديدة، لكنها لم تكن تظهر إلى العلن. ويبدو أن الملالي وجدوا الوقت قد حان الآن للسماح بها على نطاق واسع. لكن المنطق يفرض علينا أن نطرح سؤالا جديدا : فهل سيسمح المسؤولون لبناتهم مثلا بتقديم تلك الخدمات العفيفة؟. أم أن الدعوة تقتصر على بنات الفقراء من أجل إشباع نزواتهم؟.
   طبعا لا يعدم رجال الدين الوسيلة لتجييش المتطوعات للعمل. ففي هذه المبادرة ثواب الدنيا والآخرة، لأن مرتادي بيوت العفاف سيدفعون ثمن زواجهم السريع نقدا، وفي هذا مورد رزق للنساء المتطوعات في الدنيا. وكل ذلك يكتب في ميزان الحسنات. وذلك هو ثواب الآخرة.
                       محمد مغوتي. 08/06/2010.

 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !