لم يكن حجي خلف يرغب في مغادرة قريته الهادئة لأي سبب من الأسباب خاصة وهو ينعم فيها بصفاء البال وبساطة الحياة ... ولكن إلحاح حرمه المصون على ضرورة التسوق لشهر رمضان أجبره على الإستسلام ... فعزم المسكين على السفر وهو يضرب يدا بيد ويقول : أمرنا لله الواحد القهار ... ماذا أفعل ... فهذا حكم القوي على الضعيف !!! .
المهم ... ركب حجي خلف سيارة الأجرة متوجها إلى مركز المدينة لشراء المواد المطلوبة ... وفي عز الصيف حيث الغبار الذي يعمي العيون والحر الذي يذيب الدهون !!! ... ومع جو السيارة الخانق وشبابيكها الصغيرة شبه الموصدة صاح حجي خلف مخاطبا السائق بعد ان طال الإنتظار : ( يمعود حرك مو متنه من الحر !!! ) ... فقال السائق : نفر واحد ونطلع ... (عيني حجي إنتظر شوية تره بيها صالح ) ... وبعد إنتظار ممل جاء النفر وانطلقوا ... وما إن إستقرت السيارة على الطريق العام حتى صاح احد الركاب : ( يمعود نسيت الجنطة بالكراج !!! ) ... فاستجاب السائق وأقفل عائدا إلى القرية ... فصاح حجي خلف ... يمعود مو حنتأخر !!! ... فقال السائق : ( عيني حجي إنتظر شوية تره بيها صالح ) ... وما أن جاءوا بالحقيبة وخرجوا من القرية حتى طلب أحد الركاب الوقوف لقضاء حاجته !!! ... وبينما يركن السائق سيارته على جانب الطريق إذ إنفجرت إحدى عجلات السيارة ... فصاح حجي خلف : هسه شلون ... يمعود هو هذا وكتها ما كدرت تتحمل ... فقال السائق ... ( عيني حجي إنتظر شوية تره بيها صالح ) ... وبعد أن فرج الله تعالى عن الراكب عسرته تحركت السيارة ... وإذا بصوت عال في محرك السيارة يتبعه إنطفاءها ... فصاح حجي خلف هسة شلون ... فأجابه السائق : ( عيني حجي إنتظر شوية تره بيها صالح ) ... حينها طفح الكيل بحجي خلف ... وصاح : والله ما أمشي خطوة بعد إذا ما صالح هذا ينزل من السيارة !!! ... المهم ... ما أطولها عليكم ... بعد ساعات من الدعفسة بمحرك السيارة تم إصلاح عطلها ... وصعد الركاب ... ومنهم حجي خلف ... وصالح ما نزل !!! ... وبقت المسيرة ... سواء رضي حجي خلف أو لم يرض ... بيها صالح !!! .
واليوم وبعد إنكشاف عورة العملية السياسية في العراق الجديد ... وظهور الفرعون توت عنخ المالكي ... وآمون راع البرزاني ... وإستعراض العضلات المُقرف الذي قام به عامل النظافة الفاشل صالح المطلك أمام المالكي واتهامه بالدكتاتورية ... والتي طُرد بسببها كأي ساعي أو مراسل في مبنى رئاسة الوزراء !!! ... فافرح ذلك الكثير من المساكين والمهمشين ( المتورطين بانتخاب شيبوب العملية السياسية صالح المطلك ) ... وقالوا لعلها الفرصة الذهبية لينزل هذا الدعي من قطار العملية السياسية إلى غير رجعة ... وقد ضحينا يوما بأرواحنا وأبنائنا من أجله عندما خرجنا لإنتخابه في أحلك الظروف ... بينما رفض شيبوب المطلك أن يضحي بكرسيه ومنصبه الهزيل أمام كرامته وكرامة من إنتخبوه ... ليكون ولو لمرة واحدة رجلا في وجه الظلم ... بدل أن يُسارع في تقبيل الأيادي ... ولتذهب بعدها الى الجحيم بلادي ! .
إن خبرتنا المتواضعة في أنصاف رجال العملية السياسية العرجاء ... تقول لنا إن إمعةً مثل المطلك صاحب التاريخ الأسود والصاعد على أشلاء ودم العراقيين بالخطب الرنانة والمواقف المتخاذلة ... كان من المتوقع أن يقوم بأي عمل ليعود إلى كرسيه الذي يوفر له فضلات المقاولات وزهيد المكافئات التي يسير بها حفلاته وبقية التزاماته ... وليظهر على شاشات الفضائيات في حملات النظافة ورفع الأنقاض !!! ... ليلتقي المواطنين المساكين ويشكوا لهم وضع القشمر الذي يعيشه في ديوان رئاسة الوزراء ... بلا سلطة أو صلاحيات ... قبل أن يسمع منهم همومهم وشكواهم التي فاقت حجم الأنقاض التي يُشرف شيبوب العملية السياسية على رفعها !!! .
لقد كنا نتوقع ممن يبيع ويشتري في بقية رفاقه في قائمته المتهرءة أن يفعل اكثر من هذا ... وقصته في المساومة على ملف الهاشمي معلومة ... وحركات التذلل والتوسط عند السفير الإيراني وبعض أزلام المالكي منه مفهومة ... فهو لا يتوانى عن بيع قضية العراق امام مصلحته ... وهذا ما كان منه... حين فجر مطلك العراقية قنبلته ... وأعلن أن المالكي رجل وطني !!! ... وأنه ليس دكتاتورا !!! ... ليسارع المالكي ( حفظه الله ورعاه ) إلى سحب ورقة حجب الثقة عن المطلك كنائب ثالث ( قشمر ) لرئيس الوزراء !!! ... وليعود قطار العملية السياسية العرجاء إلى الإنطلاق ... ويضطر الشعب العراقي المسكين للركوب فيه ... وأولهم حجي خلف ... وبعد كل البلاوي التي يقترفها السياسيون يصيح السايق : بيها صالح !!! .
|
التعليقات (0)