علي جبار عطية
طرقت سمعي وأنا محشور وسط الزحام المروري الاسطوري يوم الاحد 7-11-2010 عبارة قالها رجل أنيق تطوع لتنظيم مرور السيارات اذ لم نفتقد بعد روح المبادرة تقول العبارة:(أسبقية المرور للسائق الجسور)! شاكست العبارة ذاكرتي فتذكرت فوراً قول الشاعر (فاز باللذات من كان جسوراً) وانفتحت ذاكرتي على تاريخ حافل من الغلبة والقهر والتسلط والقفز على المراحل.
حاولت أن أجد تفسيراً منطقياً أو لامنطقياً لما يحصل فالطرق مقطعة الاوصال والكتل الكونكريتية تسود وجه الشوارع وتسدها…
عشرات بل مئات من السيارات محشورة حشراً يفقد داخلها الركاب معالم انسانيتهم من دون ان يستطيعوا ان يفعلوا شيئاً.. صب الركاب والسواق جام غضبهم على رجال المرور وجنود السيطرة وتطور الحديث كالعادة ليطول السياسيين لم يتحدث أحد عن الارهاب الاعمى الذي حول الحياة المدنية الى ثكنة عسكرية .. احد السواق المنصفين قال لي انه يرى ان سبب هذه الفوضى المرورية هو ان كل واحد يفكر بنفسه ولا احد يريد ان يتنازل!
وضرب مثلاً لذلك فقال: البارحة كنت اسوق في شارع فرعي وكان الازدحام على اشده وسببه ان احدى السيارات متوقفة ولايتنازل سائقها عن تحريكها وايقافها في مكان آخر وهناك آخر لايريد ان يتراجع بضع خطوات الى الوراء ليفسح المجال لمن تسبب في الزحام فالكل يريدون ان يصلوا ويعتقدون ان الطريق لهم وحدهم لكن المهزلة انتهت حين جاءت همر عراقية فما ان نزل احد الجنود حتى اخذ السواق يتنازلون عن كبريائهم وجاءتهم الاريحية وفرغ الشارع من الازدحام في دقائق! قلت له: لقد اصبت كبد الحقيقة فما دامت روح الانانية والغلبة متأصلة في النفوس ولايوجد خوف من سلطة القانون فمن غير المتوقع حصول تغيير ايجابي في حياتنا فضلاً عن ان الجهات الرسمية تكون سبباً رئيساً في حصول الازدحام وقد صارت شوارعنا وطرقنا كلمات متقاطعة ومتاهات والغازاً يتعذر فك طلاسمها وازاء هذا الواقع المروري السريالي تصبح الحلول اكثر سريالية ومنها ان يصار الى تغيير مواقيت بدء الدوام في الوزارات او جعل نصفها تداوم في الليل والنصف الاخر في النهار او استيراد سيارات طائرة!.
كاتب وصحفي عراقي
التعليقات (0)