بين غزّة وبغداد!
بقلم رياض الحسيني: كاتب وناشط سياسي عراقي مستقل
لا أعتقد ان احدا لم يسمع تصريحات الشيخ يوسف القرضاوي وهو يؤلب المجتمع الاسلامي السني من على فضائية الجزيرة القطرية تحديدا ضد ايران بحجة ان الاخيرة في صدد تغيير عقيدة اهل السنة. تلك الدعوة التي شابهت في وجه من الوجوه من قبل دعوة سلمان العودة الداعية السعودي انطلاقا من فضائية (MBC) السعودية وهو يطالب حزب الله اللبناني بتغيير اسمه بحجة ان هذا الاسم القراني "حزب الله" يشمل جميع المسلمين وليس خاصا بفئة! طبعا هذه الدعوات لاتنطلق من منطلقات اسلامية ولايجد المرء عناءا في ان يشم منها رائحة غير صحية ولاتخدم الامة الاسلامية بكل طوائفها ومذاهبها.
اليوم تتعرّض غزة وجميع اهلها من السنيين ولانسمع صراخ القرضاوي ولاصراخ العودة ولاحتى شجب واستنكار مجاميع شيوخ الدعوة والدعاة والذين تضج بهم القنوات الفضائية والارضية حتى لاتكاد تخلو اية موجة بث تلفزيوني او اذاعي من هؤلاء، اقول لانسمع لهم رأي وكأنهم قد تبخّروا في لحظة! الغريب هنا ان ايران وحزب الله هم اكثر الدعاة الى نصرة غزة اليوم، فهل يقرع هذا جرس الانذار الى المجتمع الاسلامي السني ليوضح ان السوسة انما تنخر مجتمعهم من الداخل وليس من الخارج؟! سؤال يجب ان يجيب عليه المسلمون من المذاهب الاربعة تحديدا بشئ من التدبر وتحكيم العقل بدلا من العاطفة والشعارات.
نتسائل ايضا اين قائمة الـ 26 مفتيا سعوديا الذين افتوا بوجوب الجهاد في العراق؟! أين سلمان العودة من فتوى الجهاد في العراق وهو يرى اليوم المسلمين في غزة كيف تمزق اشلائهم آلة الحرب الصهيونية؟! للعلم بالشئ فقط فان منطقة تبوك السعودية اقل مسافة لاسرائيل من العراق. وللعلم بالشئ ايضا فان معبر رفح المصري اقرب لغزة من ايران. علاوة على ذلك فان حركة حماس هي حركة مقاومة شرعية ولدت من رحم الواقع الفلسطيني وهي حركة سنية وفقا للتوصيفات المذهبية وبالتالي نصرتها والوقوف الى جنبها هو من صلب عقيدة الدعاة واصحاب الدعوة الاسلامية من المذاهب الاربعة، فلماذا التقاعس اذن وماهو السبب الحقيقي وراء هذا الصمت؟!
لماذا قتل المسلمين الشيعة في العراق بالاحزمة الناسفة والمفخخات وارسال الانتحاريين يعده هؤلاء الدعاة من أعظم الجهاد الذي يوجب على الله الجنة بينما مقاومة الصهاينة المغتصبين للارض والعرض في فلسطين لايستحق ولو دعوة من هؤلاء المفتين فضلا عن بيان اشبه ببيان الـ 26؟! ماهو السبب الحقيقي وراء صمت القرضاوي والعودة واشباههم يوم يتعلق الامر بقتال الصهاينة وكأنهم لايسمعون ولايروون؟! لماذا تغلق السعودية حدودها وكذلك مصر والاردن بينما فتح هؤلاء جميعا الحدود على مصراعيها وسهّلوا لانتقال الارهابيين الى العراق بحجة الجهاد؟! لماذا تواصل السعودية دعمها السخي لمجاميع محددة في العراق وتمنع حتى المساعدات الانسانية عن غزة؟! لماذا تدفع السعودية اموالا بالمليارات لدعم الاقتصاد الامريكي فيما سمي بقمة العشرين وتمنع الخبز عن اهالي غزة والدواء عن اطفالها وشيوخها وعجائزها؟! لماذا تتدخل السعودية في الشأن العراقي واللبناني ولاتجرؤ على مناصرة غزة ضد الهجمة الصهيونية البربرية؟! اسئلة باتت ملحة ولابد لها من اجابات ولااظنها ستاتي الا بالتحرك الجماهيري على ارض الواقع لتتاكد مقولة: اذا الشعب يوما اراد الحياة فلابد ان يستجيب القدر.
التعليقات (0)