مواضيع اليوم

بين عازف العود نصير شمة وفرقة التنورة منافسة صامتة !

حسن توفيق

2010-03-02 17:41:01

0

                   ملتقيان لقصيدة النثر .. وعداوة الشعراء بئس المقتنى

  بين عازف العود نصير شمة وفرقة التنورة منافسة صامتة !

                     بقلم : حسن توفيق

الشعر كان ديوان العرب ، منذ أن أبدع امرؤ القيس وطرفة ابن العبد وزهير بن أبي سلمى قصائدهم قبل ظهور الإسلام ، وكانت كل قبيلة تفخر بصنفين من الرجال ، هم الفرسان الذين يحمونها من غارات القبائل المعادية ، والشعراء الذين يتحدثون باسمها ويفاخرون بأمجادها وعلى امتداد عصور الأدب العربي التالية لعصر ما قبل الإسلام ظلت للشعر العربي مكانة خاصة وفريدة ، بحكم ارتباطه بالحياة ، كما كانت للشعراء العرب الكبار أدوار مهمة يسهمون من خلالها في تشكيل العقول والقلوب ، وحين ظهرت حركات التجديد وخصوصا حركة الشعر الحر لم يتنازل الشعراء عن أدوارهم تجاه قضايا مجتمعاتهم التي ينتمون إليها ، إلى أن ظهر من يقولون إنهم يتمردون على السائد والمألوف ويكتبون ما أطلقوا عليه اسم قصيدة النثر، والشعر في نظر هؤلاء لا بد أن يكون بعيدا عن التقيد بعناصر الوزن والقافية ومعرفة اللغة معرفة وافية ، ولا بد أن يكون منعزلا عن حركة الحياة لكي يصبح شعرا خالدا !

لم أشأ أن أرفض دعوة الصديق الشاعر والكاتب الرائع خيري منصور في الذهاب معه إلى نقابة الصحفيين بالقاهرة لحضور فعاليات ملتقى قصيدة النثر والذي تم افتتاحه مساء الأحد 21 فبراير 2010 ولكني اعتبرت نفسي دخيلا ومندسا ، وعلى أي حال فإن افتتاح الملتقى تمثل في عدة كلمات ألقاها منظمو هذا الملتقى ، ثم جاء الدور على عازف العود الشهير الفنان نصير شمة لكي يقدم عدة مقطوعات موسيقية ، وكانت القاعة مكتظة عن آخرها بالحاضرين ، وقبل أن يعزف نصير شمة المقطوعة الأخيرة قال إنه يريد أن يناصر شعراء قصيدة النثر وأن يصحبهم إلى مختلف الجامعات والمنتديات الثقافية لكي تتوثق الصلة بين الشباب العربي الجديد ومن يكتبون هذا النوع من الكتابة .
المفارقة التي تدعو للضحك أو للسخرية أن القاعة التي كانت مكتظة أثناء العزف على العود قد أصبحت شبه خالية خلال الأمسية الشعرية ، فكان كتاب قصيدة النثر يصعدون إلى المنصة ليجدوا أن المستمعين لهم هم أصدقاؤهم وزملاؤهم ، لأن الذين استمعوا إلى العود فروا هاربين خارج القاعة ، إما ليتبادلوا الأحاديث الجماعية أو ليعودوا إلى مقاهيهم أو بيوتهم وهذا ما كنت بالطبع أتوقعه ، لدرجة أني قلت لبعض الأصدقاء إن على كتاب قصيدة النثر أن يربطوا أقدام الحاضرين لكي لا يهرب أحد منهم بعد استماعه للعود !

مفارقة أخرى جرت وقائعها خلال جلسة الافتتاح ، فقد اعترض عدد من كتاب قصيدة النثر على تنظيم هذا الملتقى الذي يشاركون في حضوره، وأصدروا بيانا مكتوبا بخط رديء وفيه طائفة لا بأس بها من الأخطاء الإملائية واللغوية ، وأكد المعترضون فيما كتبوه أنهم يستعدون لإقامة ملتقى آخر ، يكون له وقع عظيم ! وبالفعل فإني تلقيت رسالة إيميل من المتحدث باسم الملتقى الجديد ، ومنها عرفت أن ثلاثة وستين شاعرا من بينهم خمسة وعشرون شاعرا مصريا سيشاركون فيه ابتداء من يوم الأربعاء 10 مارس 2010وتقول الرسالة إنه ليس من الكرم مزاحمة الضيوف على المنصات أو إدارة الجلسات ، وإن هناك دولتين عربيتين قد دفعت تذاكر السفر لشعراء كل منهما وهما السعودية وليبيا ، وإن جمهورية اليمن تفكر هي أيضا في دفع تذاكر السفر للمشاركين منها ، كما تبشر الرسالة بأن رائدات وروادا في قصيدة النثر سيشاركون ، شكر الله سعيهم في الملتقى ، ونظرا لأن أمثالي من الدخلاء والمندسين لم يسمعوا من قبل عن الرائدات والرواد ، فإننا قد نفكر في حضور افتتاح الملتقى الجديد لكي نزداد علما ، وخصوصا أن الملتقى الجديد ستشارك فيه فرقة التنورة المصرية ، عملا بالقاعدة التي تؤكد – بالعامية المصرية – إن ما فيش حد أحسن من حد ،فإذا كان افتتاح الملتقى الأول بمصاحبة نصير شمة فإن الملتقى الثاني سيكون بمصاحبة فرقة التنورة لأن رقصاتها تعبر عن حالة صوفية وهي الحالة التي يستغرق فيها كتاب قصيدة النثر كما يؤكدون ، وفي الحالتين – حالة الملتقى الأول وحالة الملتقى الجديد – فإن على الحاضرين أن يسمعوا كلمات ركيكة مشبعة بأخطاء في القراءة ذاتها وليست لها علاقة بالوزن أو القافية أو سواهما من عناصر التخلف العربي ! ومن المهم هنا أن نعرف أن كاتب قصيدة النثر – العراقي لا يعرف شيئا عما جرى ويجري في العراق ، وكذلك هو حال زميله الفلسطيني الذي لا يحب التعمق في قضايا وطنه الضائع والمحتل لأن وقته الثمين لا يتيح له إلا أن يكتب عن القطط التي تموء في شهر فبراير لكي تعبر عن حاجتها الكونية للحب ، وقد يحذو كاتب من اليمن حذو زميليه العراقي والفلسطيني فيعلن - مزهوا وفخورا - أنه لا يعرف موقع مدينة صعدة على خريطة بلاده لأن الأمر لا يعنيه ، وأمثال هؤلاء يتصورون أن بدر شاكر السياب شاعر متخلف لأنه مزج بين حبيبته والعراق فقال :
         لو جئت في البلد الغريب إليّ ما كمل اللقاء
        الملتقى بك والعراق على يديّ هو اللقاء

وهؤلاء يعتقدون أن محمود درويش شاعر ضيق الأفق لأنه يهتم بوطنه فلسطين دون أن يدرك أن الشاعر لا ينبغي أن يكون له وطن لأن وطنه الحقيقي هو قصيدة النثر ، فكيف يقول محمود درويش مثلا :
         آه يا جرحي المكابر
         وطني ليس حقيبة
         وأنا لست مسافر
        إنني العاشق .. والأرض حبيبة !

ختاما .. أظن أنه على الحاضرين لملتقى قصيدة النثر القادم أن يتوقعوا منذ الآن أن القاعة ستكون مكتظة حين تؤدي فرقة التنورة رقصاتها الصوفية ،لكنها ستصبح خالية إلا ممن يكتبون ويصعدون تباعا على المنصة ، وربما تمرد آخرون على تنظيم الملتقى الجديد لكي يتاح لهم أن ينظموا ملتقى أكثر جدة وحداثة !
وعلى أي حال فإن خلافات ومشاجرات كتاب قصيدة النثر تؤكد كلها ما كان المتنبي الذي لا يعرفونه يعلنه وهو : وعداوة الشعراء بئس المقتنى ، كما تؤكد أن الخلافات والمشاجرات لا بد أن تهيمن على كل مجال من مجالات الحياة على امتداد أرض أمتنا العربية المنكوبة من الداخل والخارج على حد سواء !

 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !