بين صغائر الامور واللمم ..وكبائرها
في البداية استعرض مقدمة كتاب للمؤلف د .ريتشارد كارلسون بعنوان لا تهتم بصغائر الأمور فكل الأمور صغائر..يقدم لنا نصائح في كيفية تغيير بعض عاداتنا وتفاعلنا مع مجريات الحياة ..
ويعلمنا كيف نبتعد عن صغائر الأمور !
ففي مقدمة الكتاب ذكر لنا انه الكثير منا يبالغ في تصرفاته وتضخيم الأمور ..
والتركيز على الجوانب السلبية من الحياة ..
فعندما تحركنا بعض الأمور الصغيرة _ عندما نغضب , نقلق , وننزعج بسهولة
رد فعلنا المبالغ فيه لا يؤدي بنا فقط الى الشعور بالسخط ..
بل يقف كذلك في طريق الحصول على ما نريد !
حيث تعمى بصائرنا عن رؤية الأمور من منظور عام ونركز على ماهو سلبي
شاهد من المزح ما قتل وكانوا يريدون اللعب ...
وبعد وتاكيدا لهذا قرأت هذه القصة بعنوان ""الجرسون ة والصبي ""في إحدى الأيام ، دخل صبي يبلغ من العمر 10 سنوات، مقهى كائن في أحد الفنادق، وجلس على الطاولة، فوضعت الجرسونة كأسا من الماء أمامه سألها الصبى (بكم آيسكريم بالكاكاو)
أجابته الجرسونة : (بخمس جنيهات )
فأخرج الصبي يده من جيبه وأخذ يعد النقود،
وسألها ثانية: (حسنًا، وبكم الآيسكريم العادي؟)
في هذه الأثناء، كان هناك الكثير من الناس في انتظار خلو طاولة في المقهى للجلوس عليها،
فبدأ صبر الجرسونة في النفاذ، وأجابته بفظاظة : (بأربع جنيهات )
فعد الصبي نقوده ثانية، وقال : (سآخذ الآيسكريم العادي)
فأحضرت له الجرسونة الطلب ، ووضعت فاتورة الحساب على الطاولة، وذهبت ...أنهى الصبي الآيسكريم، ودفع حساب الفاتورة، وغادر المقهى، وعندما عادت النادلة إلى الطاولة، إغرورقت عيناها بالدموع أثناء مسحها للطاولة، حيث وجدت بجانب الطبق الفارغ ، جنيه واحد ! أترى ؟ لقد حرم الصغير نفسه من شراء الآيسكريم بالكاكاو، حتى يوفر النقود الكافية لإكرام الجرسونة (بالبقشيش)
نعم لا تستخف بأى أحد ، حتى لو كان صبيا صغيرا.
ولذا فإن زراعة نبات تمنحنا فرصة رائعة لأن نتمرن على منح الحب دون قيد أو شرط
أمنح نباتك الحب سواء أزهر أو ذبل ..
سواء بقي أخضر يافعاً أو يبس ومات !
عليك فقط أن تحبه ..
وبعد فترة وجيزة ... سوف تتمكن من توسيع دائرة حبك وعطفك إلى أشياء أخرى بخلاف النبات
وعندما تلاحظ الحالة الطيبة التي تكون عليها عندما تحب فتنظر إن كان بمقدورك أن تمنح نفس الحب إلى من حولك
تمرن على ألا تحتاج إلى أن يتغيروا أو أن يختلفوا حتى تمنحهم حبك !
امنحهم الحب وهم على نفس الحاله التي هم عليها .
قال تعالى :
(إِنَّ اللَّهَ لاَ يَسْتَحْيِي أَن يَضْرِبَ مَثَلاً مَّا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُواْ فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُواْ فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلاً يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً وَيَهْدِي بِهِ كَثِيراً وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلاَّ الْفَاسِقِينَ) (26) سورة البقرة
لو تتبعنا مسار هذه القصة نجد الوقوع فى استصغار الذنب وصل الى وسوسة النفس والشيطان وادى الى غفلة عن مراقبة الله ووقوع فى كبيرة بعد وقوع متكرر فى اللمم لنرى
كان عابد فى بنى إسرائيل من أعبد أهل زمانه وكان فى زمانه ثلاثة إخوة لهم أخت وكانت بكرا ليس لهم أحت غيرها ..فخرج ثلاثتهم للجهاد فلم يدروا عند من يخلفون أختهم ولا عند من يأمنون عليها ولا عند من يضعونها قال الراوى :فأجمعوا رأيهم على ان يخلفوها عند عابد بنى إسرائيل وكان ثقة فى أنفسهم
فأتوه فسألوه أن يخلفوها عنده فتكون فى كنفه وجواره إلى ان يرجعوا من غزوتهم فأبى ذلك وتعوذ بالله عزوجل منهم ومن اختهم قال الراوى: فلم يزالوا به حتى أطاعهم
فقال العابد : انزلوها فى بيت بجوار صومعتى .. فأنزلوها فى ذلك البيت ثم انطلقوا وتركوها فمكثت فى جوار ذلك العابد زمانا ينزل إليها بالطعام فى صومعته ثم يأمرها فتخرج من بيتها فتأخذ ما وضع لها من الطعام
قال : فوسوس له الشيطان فلم يزل به يرغبه فى الخير ويعظم عليه خروج الجاريةة من بيتها نهاراً ويخوفه ان يراها أحد فيؤذيها فلو مشيت بطعامها حتى تضعه على باب بيتها ولم يكلمها ..قال :فلبث على هذه الحالة زماناً ثم جاءه إبليس فرغبه فى الخير وقال : لو كنت تمشى اليها بطعامها فى بيتها كان اعظم لاجرك قال : فلم يزل به حتى مشى اليها بالطعام ثم وضعه فى بيتها ثم جاءه ابليس فقال لو كنت تكلمها وتحدثها فتأنس بحديثك فانها قد استوحشت وحشة شديدة قال : فلم يزل به حتى حدثها زمانا يطلع اليها من فوق صومعته
ثم حاءه ابليس فرغبه فى الخير قائلا لودنوت منها وجلست عند باب بيتها فحدثتها ولم تخرج من بيتها فلبثا على ذلك حينا ثم جاءه ابليس فلم يزل به حتى دخل البيت فجعل يحدثها نهارها كله فاذا مضى النهار صعد الى صومعته
قال : ثم اتاه ابليس بعد ذلك فلم يزل يزينها له حتى ضرب العابد على فخدها وقبلها فلم يزل ابليس يحسنها فى عينيه ويسول له حتى وقع عليها فحملتمنه فولدت له غلاما
فجاءه ابليس فقال ارأيت ان جاء اخوة الجارية وقد ولدت منك كيف تصنع؟ لا اّمن ان تنفضح او يفضحوك فاعمد الى ابنها فاذبحه وادفنه فانها ستكتم ذلك عليك مخافة اخوتها ان يطلعوا على ماصنعت بها ففعل
فقال له ابليس اتراها تكتم اخوتها ما صنعت وقتلك ابنها قال خذها واذبحها وادفنها مع ابنها فلم يزل بها حتى ذبحها وألقاها فى الحفرة مع ابنها واطبق عليهما صخرة عظيمة وسوى عليهما ثم صعد الى صومعته يتعبد فيها
فمكث ذلك ماشاء الله ان يمكث حتى اقبل اخوتها من الغزو
فجاءوا فسألوه عنها فنعا لهم وترحم عليها وبكاها وقال كانت خير امرأة وهذا قبرها فانظروا اليه فأتى اخوتها القبر فبكوا أختهم وترحموا عليها وأقاموا على قبرها أياما ثم انصرفوا الى أهاليهم
فلما جن عليهم الليل واخذوا مضاجعهم جاءهم الشيطان فى النوم على صورة رجل مسافر فبدأ بأكبرهم فسأله عن أختهم بقول العابد وموتها وترحمه عليها وكيف أراهم موضع قبرها فكذبه الشيطان وقال لم يصدقكم امر أختكم انه قد أحبل أختكم وولدت منه غلاما فذبحه وذبحها معه وألقاهما فى الحفرة احتفرها خلف باب البيت الذى كانت فيه عن يمين من دخله ثم أتى أصغرهم فقال له مثل ذلك فلما استيقظ القوم أصبحوا متعجبين مما رأى كل واحد منهم فقال كبيرهم هذا الحلم ليس بشىء فامضوا بنا ودعوا هذا عنكم فقال أصغرهم والله لا أمضى حتى اّتى الى هذا المكان فانظر فيه قال: فانطلقوا جميعا
حتى أتوا البيت ففتحوا وبحثوا الموضع الذى وصف لهم فى منامهم فوجدوا اختهم وابنها مذبوحين فى الحفرة فسألوا عنها العابد فصدق قول ابليس فتجمعوا عليه وانزلوه صومعته حتى يُصلب فلما أوقوه على الخشبة أتاه إبليس فقال : انا صاحبك الذى فتنتك بالمرأة التى أحبلتها وذبحتها وابنها فإن انت اطعتنى اليوم وسجدت لى وكفرت بالله الذى خلقك وصورك خلصت مما انت فيه
فسجد العابد للشيطان من دون الله فلما كفر تخلى عنه الشيطان وتركه وهذا تفسير قوله تعالى
" كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلإِنْسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ"
البعض تصدر عنه أفعال غريبه ( وهل هناك من لايفعل ذلك ) ؟
إلا أننا نحن من يصاب بالاحباط ولذا فنحن من نحتاج الى التغيير !!
ولا أتحدث هنا على القبول أو التجاهل .. إنني أتحدث فقط عن مجرد أن نتعلم الانزعاج بدرجة أقل نتيجة لسلوك الآخرين
تواضع للناس وتظاهر بأنك الأقل معرفة و ثقافة : فرسالة الانبياء واضحة تدعوك ,وتدعوا كل الصالحين للخير والعظه وقد تقودك الى الجنه وهذا امل كل مؤمن ولكن ما هي الرساله التي يحملها لك بقية الناس مع تعدد وظائفهم وجنسياتهم ومشاعرهم
يجب ان تتخيل بأن جميع من تقابله أعلى منك معرفة ً وعلماً ، لأنك ستتعلم منهم شيئا ما ،فالسائق الطائش والمراهق السيئ الأخلاق ما وجدوا إلا ليعلموك الصبر ، فتمتع بمزيد من الصبر ودرب نفسك عليه ، وأسال نفسك : لماذا يفعلون ذلك ؟؟وماذا يحاولون تعليمي ؟؟
اعلم إن قدرة الله تبدو في كل شي:
قال الشاعر العربي :لا تحقرن صغيرا في مخاصمة إن البعوضة تدمي مقلة الأسد.
في شروق الشمس وفي غروبها وفي ابتسامة طفل وفي .....؟؟؟ لتشعر
بالسكينة ولترى الجوانب الايجابية في الحياة
التعليقات (0)