عادت صيغة " رابعة " للتداول بقوة، لكنها هذه المرة مقرونة ب " لا " الرافضة. لا يتعلق الأمر بمصر، بل بالجزائر، فرابعة المصرية غير رابعة الجزائرية. والفارق بينهما هو أداة النفي إياها (لا). في الحالة المصرية أصبحت إشارة رابعة غصة في حلق العسكر، لأنها تسترجع أحداث فك اعتصام الإخوان وأنصارهم في مسجد رابعة العدوية، وتعبر عن موقف رافض لتدخل الجيش ودوره في إسقاط محمد مرسي. بينما تختلف الصورة تماما في الحالة الجزائرية، حيث بات رقم أربعة أمرا واقعا يراد أن يفرض على الشعب الجزائري بعد تقديم الرئيس بوتفليقة ملف ترشيحه رسميا لولاية رئاسية جديدة هي الرابعة من نوعها منذ توليه السلطة سنة 1999، لذلك خرج بعض المتظاهرين إلى الشارع في العاصمة رافعين شعار: " لا لعهدة رابعة "، فلقيهم ما لقيهم من القمع والإعتقال كما جرت العادة.
بين الرابعتين إذن إختلاف في المعنى والدلالة، لكن شيطان التفاصيل هو نفسه في الحالتين معا. إنه سياق واحد بمسمى مشترك في اللفظ ومختلف في المعنى، لكنه يختزل واقعا واحدا. هو نفسه هنا وهناك. واقع يصيح في وجه هذه الشعوب : لم يحن وقت التغيير بعد، لن تكفي كل ثوراتكم لزحزحة أنظمة الإستبداد...
لا يوجد من الناحية القانونية أي مانع يحول دون حق الناس في التعبير عن آرائهم وإبداء مواقفهم بكل حرية، لذلك فإن هذه القاعدة تقتضي أن يسمح للجميع بحرية التعبير ومعارضة سياسات الحكام وممارساتهم والإحتجاج عليها بالطرق السلمية طبعا، وتلك هي مقتضيات الأعراف والتقاليد الديموقراطية في الدولة الحديثة. لكن الديموقراطية "العربية" المبدعة جعلت هذا القانون نفسه مبررا لسلوكها القمعي في مواجهة كل عصيان. وهكذا تفتقت عبقرية القضاء المصري عن قانون يجرم رفع شعار "رابعة"، ولم تعد بذلك تلك الإشارة تعبيرا عن إبداء رأي ما، بل أصبحت تهمة قد تصل إلى درجة الإرهاب بعد القرار الأخير الذي يصنف جماعة الإخوان تنظيما إرهابيا. وهذا يعني أن كل من يلوح في الهواء بأربعة أصابع يعرض نفسه للمساءلة والإعتقال وكل أشكال التعسف.
الأمر ذاته يتكرر في الحالة الجزائرية، حيث لا يوجد أي مانع قانوني يمكن الإستناد إليه لرفض ترشيح بوتفليقة للإنتخابات الرئاسية مادام الدستور الجزائري يسمح بذلك. وهذا يعني السلطة الحاكمة تعتبر أن الخيار الأمني في تعاطي الدولة مع الرافضين لترشيح الرئيس الحالي لولاية جديدة مبرر قانونيا، وهذا هو المشكل الحقيقي في كل بلدان المنطقة التي ترفع فيها السلطة شعارا دولة الحق والقانون، لكنه قانون على المقاس. وديموقراطية المقاس هذه هي التي جعلت إمكانية التغيير أمرا صعبا بالرغم من التضحيات التي قدمتها شعوب المنطقة خصوصا في دول ما سمي بالربيع، لأن كل محاولة للتغيير لن تنتج إلا الإستبداد ذاته وبمسميات وشعارات وتبريرات جديدة.
رابعة المصرية أصبحت رمزا لكل من يرفض العودة بأرض الكنانة إلى استبداد العسكر، وإن كانت سياقات إشارتها تحن إلى استبداد من نوع آخر، كانت دولة مرسي بصدد إرساء قواعده تحت ذريعة الشرعية الإنتخابية وقرار الأغلبية. ورابعة بوتفليقة في الجزائر تكريس للأمر الواقع باسم الشرعية أيضا. هي إذن عقلية واحدة تحكم الحالتين معا، وترهن معها مصير الشعبين الذي لا يختلف عن مصير كل شعوب المنطقة. فالمؤسسة العسكرية هي التي تحرك خيوط اللعبة وتتحكم فيها سواء تعلق الأمر بمصر أو الجزائر. هناك في أرض الكنانة أصبح السيسي المهدي المنتظر الذي سينقذ مصر وينظفها من كل رافعي إشارة "رابعة". وفي بلد المليون ونصف مليون شهيد يرهن الجنرالات مصير البلاد والعباد. أما بوتفليقة فليس إلا واجهة لديموقراطية مزيفة وخادعة. لذلك فكل من يرفع شعار "لا رابعة" يضع نفسه مباشرة في مواجهة العسكر.
محمد مغوتي. 05 – 03 – 2014.
التعليقات (6)
1 - فعلا هي ديمقراطية المقاس
محمد المحمدي - 2014-03-08 18:44:02
تفاعلا من تلميذ مع مقال أستاذه،وهو مقال متميز كغيره من المقالات السابقة التي دائما ما تكون في موعد الحدث،أظن أن ترشح بوتفليقت يثير تساؤلات عندنا كمتتبعين وكطلبة للقانون العام والعلوم السياسية خصوصا إذا ربطنا الموضوع بالحراك الذي عرفه ويعرفه المحيط الجهوي من ثورات عامة والحالة الصحية التي يعيشها بوتفليقة والتي لا تساعده على القيام بشؤون وتنفيذ سياسة الدولةخاصة، وهذه التساؤلات مرتبطة أساسا ب : ما المراد من الجنرالات الجزائرية بدفع بوتفليقة لولاية رابعة؟ وه\\ا التساؤل يجعلني بالذات أطرح مجموعة من الافتراضات التي سأتناولها في مشروع مقال سأطلعك عليه أستاذي أما عن ديمقراطية المقاس ففعلا دستور 1996 وفي مادته 74 كان قد حدد مدة الولاية في خمس سنوات تكون قابلة للتجديد مرة واحدة فقط، لكن البرلمان الجزائري صادق عاى خمس تعديلات دستورية اقترحها الرئيس بوتفليقة، من هذه التعديلات تعديل يلغي تقييد الولات المسوح الترشح لها لمنصب الرئاسة لتصبح مفتوحة، الأمر الذي مكن بوتفليقة من الترشح لولاية ثالثة سنة 2009 ورابعة في أبريل القادم
2 - فعلا هي ديمقراطية المقاس
محمد المحمدي - 2014-03-08 18:46:25
تفاعلا من تلميذ مع مقال أستاذه،وهو مقال متميز كغيره من المقالات السابقة التي دائما ما تكون في موعد الحدث،أظن أن ترشح بوتفليقت يثير تساؤلات عندنا كمتتبعين وكطلبة للقانون العام والعلوم السياسية خصوصا إذا ربطنا الموضوع بالحراك الذي عرفه ويعرفه المحيط الجهوي من ثورات عامة والحالة الصحية التي يعيشها بوتفليقة والتي لا تساعده على القيام بشؤون وتنفيذ سياسة الدولةخاصة، وهذه التساؤلات مرتبطة أساسا ب : ما المراد من الجنرالات الجزائرية بدفع بوتفليقة لولاية رابعة؟ وه\\\\\\\\ا التساؤل يجعلني بالذات أطرح مجموعة من الافتراضات التي سأتناولها في مشروع مقال سأطلعك عليه أستاذي أما عن ديمقراطية المقاس ففعلا دستور 1996 وفي مادته 74 كان قد حدد مدة الولاية في خمس سنوات تكون قابلة للتجديد مرة واحدة فقط، لكن البرلمان الجزائري صادق عاى خمس تعديلات دستورية اقترحها الرئيس بوتفليقة، من هذه التعديلات تعديل يلغي تقييد الولات المسوح الترشح لها لمنصب الرئاسة لتصبح مفتوحة، الأمر الذي مكن بوتفليقة من الترشح لولاية ثالثة سنة 2009 ورابعة في أبريل القادم
3 - من\\\\رابعة\\\\اى\\\\الرابعة
ابن\\النيل - 2014-03-09 00:20:27
رعبة\\\\مصر\\\\ارهابية\\\\قتلة\\\\الرابعة\\\\الجزائرية\\\\حرامية\\\\جبهة\\\\مايسمى\\\\التحرير\\\\50\\\\سنة\\\\سرقة\\\\فى\\\\اقتصاذ\\\\البلذ\\\\ولاحياة\\\\لمن\\\\تناذى\\\\الشعب-يسرق\\\\عينى\\\\عينك\\\\رئيس\\\\مريض\\\\وشعب\\\\مغلوب\\\\على\\\\امرة\\\\اما\\\\نحن\\\\المصريون\\\\عزلنا\\\\رئيسين\\\\فى\\\\ثلاثة\\\\سنوان\\\\ولا\\\\نخشى\\\\غير\\\\اللة\\\\اما\\\\العسكر\\\\هم\\\\اسياذكم\\\\منافقون
4 - العلمانيه غير مرغوبه لدينا
مالك الاشتر - 2014-03-11 19:44:45
اغلبيه الشعوب العربيه والاسلاميه ترفض رفضا قاطعا الحكم العلمانيه بجميع جوانبه مهما لمعت لمنهج العلمانيه ونظفتم سمعته فنحن نعرف جرائمهم فلاداعي لتحسين صورة العلمانين نحن نريد حكم اسلامي بمصر والعراق والشام ليس حكم علماني يتبع للدول الغربيه التي لديها سجل اجرامي بحق الانسان والحيوان واتمنى ان تظهر تعليقي هذا يا اخ مغوتي والا تتجاهله نريد حكم اسلامي وليس علماني
5 - الاستاذ\\\\محمذ\\\\المغوتى
ابن\\النيل - 2014-03-16 23:47:25
تحياتى--لك-اولا--رابعة\\\\المصرية\\\\باريئة-من\\\\ارهاب-الاخوان-اما-العسكر-شرف-لنا-انهم-خير-اجناذ-الارض-نحن-شعب-عزل-رئيسين-وقام-بثورتين-اما-رابعة-الجزائرية-الشعب-الجزائرى-مغلوب-على-امرة-من-عصابة-اسمها-جبهة-التحرير-زرعو-الخوف-فى-الشعب-مذى-الحياة-بسبب-العشرية-السوذاء-800-مليار-بسبب-القضية-الصحراوية-كان-الشعب-اولى-بها-سرقة-2000-مليارمن50-سنة-الى-وقتنا-هذا-كانت-كفيلة-ان-تجعل-الشعب-الجزائرى-اعلى-ذخل-فى-العالم-علما-بى-ان-800-مليار-الذى-تم-صرفهم-على-قضية-الصحراء-هى-خاسرة-لية-ع-الصحراوين-200000-فرذ-هل-نقيم-لهم-وطن----اى-عقل--وشكرا
6 - الاستاذ\\\\محمذ-المغوتى-تحياتى-لك
ابن\\النيل\\ - 2014-03-16 23:59:35
رابعة---المصرية-بريئة--من-ارهاب-الاخوان-اما-العسكر-شرف-لنا-انهم-خير-اجناذ-الارض-وانظر-ماا-يحرى-فى-سوريا-الحبيبة-امارابعة-الجزائرية-فهى-ظلم-فى-ظلم-للشعب-الجزائرى-مايسمى-جبهة-التحرير-زرعو-وسرقو-الشعب-المغلوب-على-امرة-50سنة-زرعو-الخوف-فى-الشعب-بسبب-العشيرية-السوذاء-وسرقو-الشعب-800مليار-تم-صرفها-على-قضية-الصحراء-وهى-خاسرة-سرقة-اكثر-من-2000-مليار-كانت-كافية-لجعل-الشعب-الجزائرى-اعلى-ذخل-فى-العالم-المقارنة-لاتشبة-المصرين-فى-شى-عزلنا-رئيسين-وقومنا-بثورتين-ونزعنا-الخوف-مى-الحياة-اما-بلنسبة-لى-مايسمى-بوتفلية-ضحك-العالم-على-الشعب-الجزائرى-شكرا-بلذى-مصصصصصصصصصصصصصصصصصصصصررررررررر