مواضيع اليوم

بين رأسين ابوجهل وعبدالله بالخير

خالد السويدي

2011-12-31 11:00:21

0

 

الرأس الأول

 

 

في آخر يوم للدوام الرسمي قبل الإجازة الرسمية تصل رسالة من الجهات المختصة مثل دائرة الترويج السياحي وغيرها من الدوائر التي تمارس نفس النشاط إلى الفنادق والمراقص والديسكوات والبارات، تهنئ فيها الجميع بحلول رأس السنة الهجرية وتعتذر لرواد هذه الأماكن عن إغلاقها ليوم واحد بسبب قدسية المناسبة، داعية جموع المترددين والقائمين عليها إلى التجاوب مع الرسالة وإلا سيتم اتخاذ كافة الإجراءات القانونية الرادعة.

في صلاة الجمعة من نفس الأسبوع، تستمع في جميع المساجد إلى نفس الخطبة، في تلفزيون دبي خطبة الجمعة بموضوع الهجرة النبوية الشريفة، تنتقل إلى قناة أبو ظبي مع فارق التوقيت واختلاف الخطيب نفس الخطبة، إذاعة القرآن الكريم تنقل نفس الخطبة بدون أي تغيير نصي تأثرا بمبدأ منقول وكوبي بيست.

بعد صلاة العشاء في ليلة السنة الهجرية الجديدة تتابع القنوات الفضائية، تبدأ بمتابعة الفضائية المصرية التي يعرض فيها فيلم (الهجرة النبوية) من بطولة ماجدة وايهاب نافع، تنتقل إلى قناة اقرأ نفس الفيلم لكنه يبث في وقت مختلف، تنتقل إلى قناة الكويت الفضائية لتشاهد فيلم (واسلاماه) من بطولة فريد شوقي ولبنى عبدالعزيز ورشدي اباضة واحمد مظهر، تنتقل من قناة إلى اخرى فلا تجد سوى هذين الفيليمن وقد يحالفك الحظ فتشاهد فيلماً ثالثا قد يكون في اغلب الأحيان فيلم (فجر الاسلام) من بطولة سميحة ايوب ونحوى ابراهيم ومحمود مرسي.

وحتى بعض القنوات الغنائية قررت الالتزام في هذا اليوم فتبث أحد هذه الأفلام المنتجة في ستينات وسبعينات القرن الماضي، ويا سبحان الله ما اجمل هذه الوحدة الإسلامية على القنوات العربية، اكثر من (30) قناة فضائية اتفقت على بث هذه الأفلام ولو خططت للاتفاق على شيء آخر لما نجحت في الاتفاق عليه.

وبطبيعة الحال مرغما أخاك لا بطل على مشاهدة أحد هذه الأفلام، مع انه قد يتبادر إلى ذهنك انه فيلم واحد بالنظر إلى تاريخ الإنتاج ومكياج الممثلين، إذ أن ابولهب في أي فيلم إسلامي لابد أن تكون حواجبه غليظة عبارة عن عدة حواجب مركبة فوق بعضها البعض تؤدي إلى ثقل في الرأس وحركة بطيئة للممثل، أما ابو جهل فهو ذو جبهة عريضة وأنف كبير، ومن المستحيل ألا يكون هناك أي دور لتوفيق الدقن ومحمود المليجي في هذه الأفلام فأحدهم قد يكون امية بن خلف والآخر الوليد بن المغيرة، في المقابل تبدو هيئة المسلمين تختلف عن المشركين وكأنهما عرقان مختلفان عن بعضهما البعض، ولابد بين هذا وذاك أن نشاهد عدد من الراقصات والموسيقى في الفيلم لزوم الدعاية والإعلان، وبطبيعة الحال الأدوار النسائية لنساء المشركين أسندت إلى الممثلات اللواتي لا تستطيع تمييز جنسهن للوهلة الأولى فتبرز زوزو نبيل وملك سكر في أدوار الكافرات، بينما في أدوار المسلمات نجد نجوى إبراهيم وماجدة وغيرهن من الجميلات .

وبين صراخ الممثلين والممثلات وطعنات السيوف في كواليس الديكور المتهالك تجد نفسك تضحك في بعض المشاهد وتغضب في مواقف أخرى، وتخشع في مشاهد مختلفة مع انك قد شاهدت هذه الأفلام اكثر من عشرين مرة منذ طفولتك إلى كهولتك.

وبنهاية الليلة يطوى رأس السنة الهجرية لنضعها خلف ظهورنا كأنها لم تكن ونبدأ بعدها في التجهيز للرأس الأكثر أهمية بالنسبة لنا جميعاً.


الرأس الثاني

التجهيزات للرأس الثاني لا تحتاج إلى رسائل وتنويه إذ أن التاريخ معروف والأنشطة متعددة، والاستعدادات على قدم وساق قبلها بشهر أو اكثر، في المراكز التجارية والمولات، والرسائل النصية على الهاتف تذكرك مع انه يستحيل أن تنسى، فأينما تحل بالتأكيد ستتذكر.

وتنتشر الإعلانات، هذا يعلن عن حفل راقص، وآخر يدعو لسهرة غنائية، وثالث سيشارك في مسيرة كرنفالية، وبين هذا وذاك لابد بكثير من التربيطات بين الشباب والفتيات، ربما سهرة على الشاطئ أو حفلة في مكان هادئ، وبين هذا وذاك تتعدد الفعاليات.

ويتم إعلان الطوارئ في أروقة المخافر، تحذيرات من تجاوزات في السرعة والاستهتار بالأرواح وإزعاج السكان والسلطات، القيادة إجبارية إلى الأمام، يمنع فيها الالتفاف، ولا يسمح بالدوران للخلف، وإياك إياك أن تشارك في المسيرات، إلا إن أردت أن تكون سيارتك من ضمن المحجوزات، وبغرامة كبيرة بسبب المخالفات.

وفي الموعد المحدد تنطفئ الأنوار، وتصدح صفارات البواخر، وفي مناطق مختلفة يتجمع السهار، هذا يعانق تلك، وتلك احتضنت ذاك، وواحد مجنون، اختلف في المضمون، وحيداً يرقص امام سيارته جامعا كل الفنون، يؤشر للسيارات ويتحرش بالمارات، وبين لحظة وأخرى تزداد القبلات، واما ما يحصل في المراقص والبارات فلا داعي لذكره درئا للشبهات.

وإذا ما التزمت البيت فلا مجال لك الا الفضائيات، ويا عيني على ما ستراه، ستزغلل عينيك، وتصفقك بيديك ورجليك، احتفال كبير في قناة LBC وشعار الاحتفال بعنوان ( لا تلبسي)، منوعات شرقية يتخللها فاصل من الهز، ينتقل إلى كرسيك فتهتز، ثم تضطر في وجود المدام أن تنتقل إلى فضائية أخرى لا تعلم ماذا تخبئ لك من مفاجآت، تحاول أن تتابع بأدب مع ان ما يبث يستحي منه الأدب.

ومن قناة إلى أخرى تنهال التهاني والتبريكات، مشاهد متعددة لا تختلف في المضمون، قد تشاهد عبدالله بالخير يشارك في برنامج يتنطط فيه بين المقدم والضيفة، وهيفاء وهبي في برنامج آخر تتنهد ويتنهد معها كل من الاستديو أو المسرح، وتجد نفسك دون إحساس قد التصقت بشاشة التلفزيون، وقد يأتيك حينها صحن طائر من زوجتك التي نسيتها في لحظة ضعف انقدت فيها وراء الهيفاء، فتصبح بعدها في خبر زوجتك مفعولا به مفرورا خارج حدود السرير.

وهناك قنوات تكتفي بالأغاني والاهداءات، يتصل متصل فترد علياء الشمري قائلة: ألوووووووووووووووه، يرمي لحظتها المتصل بالشماغ عاليا ويتعلثم في الكلام لا يعرف إلى من يهدي وما هي المناسبة، وبين متصل ومتصلة لا نعرف نحن المشاهدين هل هو برنامج أغاني أم ما يطلبه المغازلجيين.

ومع ساعات الفجر الأولى تنته الليلة الطويلة، بحوادث غريبة عجيبة حوادث كثيرة صُناعها بنات وأبطالها شباب، أحدهم أطلق الرصاص بالخطأ، وثانٍ دهس صديقه المخمور، وآخرين تعاركوا على من سيُقبِلون، وفي نهاية الليلة لا تفكير لهم سوى بماذا سيفعلون في العام القادم فهم من الآن سيخططون.

أخواني وأخواتي: طوبى لمن نام قرير العين بدون أن يخرج من المنزل أو يشاهد ما بث على الفضائيات




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !