مواضيع اليوم

بين المقترحات الكارترية و الردود البشيرية !

الزبير محمد علي

2010-03-25 14:03:14

0

 بين المقترحات الكارترية و الردود البشيرية !

بقلم / الزبير محمد علي

كُنا قد كتبنا في مقالنا الإسبوع الماضي عن قضية الإنتخابات والتحديات التي تواجهها ، وخلصنا إلي أن الظروف الحالية التي يمر بها السودان لا تسمح بقيام الإنتخابات لعدة إعتبارات أهمها :

·                   إنخفاض مستوي التثقيف الإنتخابي للمواطنيين لا سيما وأن الإنتخابات المقبلة مُعقدة بشهادة الجميع .

·                   عدم التوصل إلي إتفاق يُفضي إلي حل مشكلة دارفور .

·                   وجود قضايا عالقة بين الشريكين لم تُحل بعد ؛ هذه القضايا تجعل من عملية التاجيل أهميةً قصوي ؛ وهذا هو الذي دعت إليه الحكومة المصرية عندما إقترحت مبادرة تحدثت فيها صراحة عن ضرورة تأجيل الإنتخابات التشريعية إلي وقتٍ آخر مع الإلتزام بقيام الانتخابات علي المستوي التنفيذي فقط .

·                   هناك حاجة الي  قليل من الوقت لإستثماره في مخاطبة زعماء القبائل الجنوبية إحتواءاً للتوتر الذي قد ينجُم عن الصراعات القبلية في جنوب السودان ؛ وهذا سيؤثر في عملية الإنتخابات وسلامتها.

·                   عدم إستقلالية المفوضية القومية للانتخابات وفقدان الثقة في حياديتها ونزاهتها . إن استمرار نهجها الحالي سوف يفتح أبواب الجحيم علي الساحة السياسية السودانية بعد نتائج الانتخابات .         

لقد كان المجتمع الدولي في الماضي حريصاً علي إجراء الانتخابات في وقتها المحدد ، رافضاً لأي حديث عن تأجيل الانتخابات ، بحجة أن مثل هذا النوع من الإجراء سوف يفتح الأبواب مشرعةً أمام إحتمالات تأجيل موعد الإستفتاء علي تقرير المصير لجنوب السودان في يناير القادم .

ولكن ما الذي بدل هذا الموقف ؟ وما هي المبررات التي جعلت مركز كارتر يتحدث بوضوح عن ضرورة تأجيل الإنتخابات ؟

لقد ساق مركز كارتر مبررات موضوعية حول عملية التاجيل ؛ أهم تلك المبررات هي :

·                   غياب مئات الألاف من الاسماء عن قوائم الناخبين .

·                   إستعدادات المفوضية للعملية الانتخابية متأخرة .

·                   القائمة النهائية للناخبين لم تُجهز بعد لا سيما وأن الفاصل الزمني بيننا وبين الإنتخابات أقل من عشرون يوماً .

·                   وجود تحديات سياسية في التجهيز والاعداد للإنتخابات المقبلة .

إن المنطق يقول أن الرد علي هذا النوع من المبررات يحتاج الي قراءة واعية ومتأنية ، قراءة تدفع الحجة بالحجة ، وتدمغ المنطق بمثله.

ولكن الله أبتلي أهل السودان برئيس يتعامل مع رأي  العقلاء بلغة الملجة والأسواق! ؛ حيث قال رداً علي حديث المراقبين الدوليين عن تأجيل الإنتخابات : ( إذا طلبت المنظمات الدولية تأجيل الانتخابات فسوف نطردهم من السودان ) وأضاف قائلاً : ( نحن نُريد من المراقبين أن يرصدوا حرية الإنتخابات ونزاهتها ، لكن إذا تدخلوا في شئون البلاد الداخلية فستقطع الخرطوم دابرهم وتطأهم بالأقدام وتطردهم ) .

وحسناً فعل مركز كارتر عندما رفض التعليق علي مثل هذه التصريحات حتي يتمكنوا من قراءة كلمة البشير بدراسة وتأني .

إن رد الرئيس البشير علي مبررات المراقبين الدوليين هو ردُ فيه نوعٌ من الأستخفاف وعدم الحصافة ، إستخفاف ناتج ربما عن ثلاثة أشياء :

·                   أن البشيريقول قبل أن يُفكَر، ويتخذ المواقف قبل أن يدرسها ؛ وهذا المسلك وضح في عدد من المواقف أبرزها عملية طرد المنظمات الدولية من دارفور بعد قرار المدعي العام للمحكة الجنائية الدولية .

·                   أنه علي جهل بالمبررات التي ساقها المراقبين الدوليين حول تأجيل العملية الانتخابية .

·                   أنه علي علم بهذه المبررات ، ولكنه يعمل علي تبييت النية تمهيداً لإدخال وسائل غير مشروعة في العملية الإنتخابية المقبلة .

وفي إتجاه آخر قالت المفوضية القومية للإنتخابات في ردها علي تقرير مركز كارتر : ( إن الحديث عن تأجيل الانتخابات من عدمه لا يدخل ضمن التفويض الممنوح للمراقبين ) .

إننا نقول وبوضوح تام أن هناك حزمة من القضايا إذا لم يتم حسمها ؛ فإن الإنتخابات سوف تفقد مقاصدها ، وسوف تكون بمثابة إضفاء صبغة شرعية لتمديد عمر النظام الحالي ، كما أن المفوضية أصبحت وبما لا يدع مجالاً للريب مساهمة بصورة أساسية في تلغيم المناخ السياسي قبل إجراء الإنتخابات .

إن سحب المفوضية للعطاء الأوكراني  الذي التزم بطباعة بطاقات الناخبين بمبلغ 800 ألف دولار وإعطائه لمطبعة سك العملة التي إلتزمت بطباعته بمبلغ 4 مليون دولارهو أكبر دليل علي فساد ذمة المفوضية ؛ ذلك أن المدير الحالي لمطبعة سك العملة  محمد الحسن الباهي هو عضو سابق في جهاز الامن الوطني ، وقد عمل أيضاً مديراً لمصنع جياد ؛ فكيف لمفوضية مستقلة ومحايدة أن تُسلم مثل هذه الملفات الحساسة لجهات غارقة في الحزبية مائة بالمائة ؟ .

إن مثل هذا السلوك يُبين حجم الفساد الإداري والقيَمي لمفوضية أُنيط بها إدارة العملية الإنتخابية بصورة محايدة ، ولكن كما هو واضح الآن فإن المفوضية قد إبتعدت عن النزاهة بُعد المشرقين .

ولهذا فإن إجراء الإنتخابات في ظل وجود هذا النظام وبتركيبته الحالية يعُد إنتحاراً سياسياً للأحزاب المعارضة ، لذلك لا بد من تأجيل الإنتخابات حتي نتمكن من الإطمئنان علي نزاهتها ولا يأتي هذا إلا في ظل حكومة قومية .

صحيفة صوت الأمة




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !