أشرت في مقال سابق الى الوفر المالي الذي يحققه قانون العفو العام والذي أكدته مصادر مطلعة لصحيفة العرب اليوم في وقت لاحق حيث أن (العفو العام سيحقق وفرا للخزينة بقيمة 40 مليون دينار, هي تكلفة رعاية السجناء, بيد انه سيفقد الخزينة أموالاً هي الغرامات والمخالفات المالية المترتبة على المواطنين) ، وتشير المؤشرات الى أن تحقيق ذلك الوفر هو الغاية من إصدار القانون.
في الفقرات التالية سأشير الى حالات خاصة لن تستفيد من قانون العفو العام لأنها بحاجة الى ما يمكن أن نطلق عليه مصطلح العفو المجتمعي أو الاجتماعي .ففي زيارة نظمها المجلس الوطني لشؤون الاسرة لعدد من ممثلي وسائل الاعلام الى مركز اصلاح وتأهيل الجويدة ، أشارت مديرة المركز العقيد هناء الافغاني الى وجود حالات خاصة لنزيلات في المركز إخترن البقاء به بعد انتهاء فترة المحكومية لعدم القدرة على التعايش مع طريقة تعامل المجتمع تجاههن ، وطبقا الى العقيد الأفغاني فإن عدد هؤلاء النزيلات بلغ ثلاث حالات إحداهن تعمل حاليا طاهية في المركز بعد أن كانت نزيلة سابقا بحكم القانون وهي حاليا نزيلة في المركز بشكل طوعي لأنها لم تتمكن من إيجاد القبول في المجتمع. وأشارت مديرة المركز الى حالة ثانية لنزيلة أخرى لم تستطع التعايش خارج المركز وعادت اليه من جديد بشكل طوعي بعد فشلها في الاندماج بالمجتمع وحيث تعلمت في المركز الرسم وقامت برسم جدارية على مدخل مهاجع النزيلات .
تلك الحالات استدعت الى ذاكرتي رواية حقيقية سمعتها في الماضي عن مجموعة من السجناء الذين تمكنوا من الفرار من مركز اصلاح وتأهيل الجفر في بداية عقد السبعينيات ، وبعد أن ضلوا طريقهم في الصحراء لبعض الوقت عادوا الى السجن منهكين فرفض مدير السجن ادخالهم ليلقنهم درسا وبقي هؤلاء السجناء لساعات جالسين قرب بوابة السجن قبل أن يتم السماح لهم بالعودة الى نعمة القيد. تلك الحكاية طبعا تشير الى حالة مختلفة تعزى الى قسوة ظروف الصحراء وليس المجتمع كما هو الحال في حكاية نزيلات مركز إصلاح وتأهيل الجويدة ولكن القاسم المشترك بين الحكايتين هو العودة الى السجن بشكل طوعي.
قد يكون العديد من السجناء الذين سيشملهم قانون العفو العام وعددهم يزيد عن ستة الاف سجين بحاجة الى عفو مجتمعي بعد العفو القانوني لكي يتمكنوا من الاندماج في المجتمع من جديد والا فإن خروجهم من السجن سيشكل مرحلة أسوأ من مرحلة السجن وقد يدفعهم غياب ذلك العفو الى العودة الى السجن بسبب ارتكاب جرائم جديدة أو بشكل طوعي.
kalidhameed@hotmail.com
التعليقات (0)