لا أعرف من الذي صوت على شراء السيارات المصفحة لاعضاء البرلمان , فأغلب السادة النواب اعلنوا مرارا وتكرارا انهم بالضد من هذه الخطوة , بعد ان اخذت هذه القضية مأخذها الاعلامي الواسع , حتى انها اصبحت المادة الاساس للدخول في معترك المزايدات السياسية , وفي اثناء الهجمة الاعلامية التي شنها نوابنا الاعزاء على انفسهم.
استشاط احد البرلمانيين غضبا دون ان يظهر ذلك الغضب والانزعاج على مرأى ومسمع من الناس , بل افرغ ذلك الغضب الذي اعتراه من رأسه حتى اخمص قدميه عند احد ابناء صاحبة الجلالة,وذلك عندما قال له :
أليس من حقنا نحن كنواب ان نستقل السيارات المصفحة لمواجهة المد الارهابي والتفخيخي؟ سيما اننا مستهدفون بالدرجة الاساس من قبل اعداء العراق الجديد , اليس من حقنا ان نملك المصفحات , فقد اصبح يملكها حتى " البقال "
مما حدا بزميله النائب الذي كان يقف بجانبه ان يعمل على تهدئته وقال له : اهدأ .. اهدأ , فنحن في جميع الاحوال سنحصل على المصفحات , حتى وان الغيت هذه الفقرة , فقد تم شراء( 400) مصفحة لنقل الوفود المشاركة في قمة بغداد المزمع اقامتها نهاية اذار الجاري , وهذه السيارات ستكون من نصيبنا عند انتهاء القمة وما علينا الا الصبر لايام معدودات .
عندما يصل بنا الامر لهذا الحد , اعتقد ان عدد المدارس الطينية سيزداد, وان فجوة الفقر بين صفوف شعبنا ستتسع , ترى كم مدرسة يمكن بناؤها بمبلغ تلك المصفحات ؟ وكم عائلة تستطيع انتشالها من الواقع السحيق ؟ هل غابت عنا روح الانسانية ام ان مبدأ " من بات ولم يفكر بأمور المسلمين فليس منهم " حاجة مستوردة من الغرب ؟! ام ان الجود والايثار بالمال والبنين مجرد خرافات طارئة اوجدت في منظومتنا العربية الاسلامية التي نتغنى بها ونتباها بامجادها وتراثها ؟ يكفي ان اجيب على هذه التساؤلات بسرد هذه الرواية باختصار :
يروى ان جيش الفرس بقيادة رستم أسر جنديا من جيش المسلمين , فقال رستم لذلك الاسير : انظر الى ذلك الكيس الكبير انه مملوء بالذهب فخذه لك , وسأوليك ايضا على اية مدينة تختارها فقال له الاسير: وما ثمن ذلك , اجابه رستم ثمنه بسيط وهو ان تدلني على نقاط ضعف جيش المسلمين او دلني على منفذ واحد نتمكن من خلاله الظفر بجيشهم , فقال الاسير لرستم : انه عرض مُغر ٍ ولكن اطلب منك شيئا ان تفعله اولا , فقال رستم : لك ما تطلب . فقال الاسير : اريد ان تضرب عنق ابني حيث تبين ان هذا الاسير تم أسر ابنه ذي العشرين ربيعا معه , فقال رستم :لماذا اضرب عنق ابنك ؟ فقال :كي لايشي بي بعد ذلك واخاف ان يفتضح سري , فضرب عنق ابنه امامه : فقال رستم: لقد نفذت ماطلبت مني فنفذ ما طلبته منك , فضحك الاسير وقال : هل رأيت احدا يضحي بأبنه لاجل المال , لكنني اردتك ان تقتل ابني حتى لايغريه بريق الذهب ويدلكم على عورات المسلمين والآن اضرب عنقي , فذلك اهون علي من ان ادلكم على عورة واحدة .
ترى هل يمتنع نوابنا الاعزاء عن ركوب المصفحات ؟ ام ان بريق الحديد سيغريهم ولايستطعيون الصمود امامه .
اترك لكم المفاضلة ايهما اكثر اغراءا ؟ بريق الذهب ام بريق الحديد ؟
التعليقات (0)