جيل جديد من الحروب يعيشه العالم العربي ،حروب خرجت عن مفاهيمها الكلاسيكية فالعدو أصبح ليس ذلك الغريب الذي يقطع البحار و يحمل الزاد و يضع سبابته على الزناد بل هو يمشي بيننا يتنفس هواءنا يأكل خبزنا يستغل سذاجتنا و أحلامنا و ألامنا يعرف ما نريد و فيما نفكر،و أصبح العميل ليس ذلك الذي يستدرج خارج البلاد و تعرض عليه الأموال مع امرأة جميلة ساحرة بل يجلس وراء شاشة الحاسوب يضع سيجارة معدلة بنفحات من الحشيش و البانجو و حين يرفع الأذان يقوم لأداء الصلاة معظمه مضطرب نفسيا ذو شعر غريب يكبل يديه و عنقه و أذنيه بتمائم و سلاسل و سرواله يكاد يسقط على الأرض لا يحمل رؤية و خلفية فكرية يختزل الوطن في بضعة حروف مثل كلمات الدردشة مستعد في سبيل أحلامه و نقمته إهانة الرموز و تدنيس المقامات يعتقد انه يصنع التاريخ بثوراته المزيفة.
كان الخطأ الذي ارتكبه نظام حسني مبارك و الذي أدى إلى تفجر مظاهرات تحمل مطالب اجتماعية و اقتصادية و سياسية محقة لكنها دون وعي من الأفواه و الحناجر تخدم مخططا إعلاميا دبلوماسيا تخريبيا منظما كبيرا حين إعلن عن مشروع ضبعة النووي مثلما كان خطأ نظام زين العابدين رفضه إقامة قاعدة افريكوم العسكرية الأمريكية، لقد كنت أتمنى من الأقلام و العقول التي تطاير غضبها و حنقها و ريقها في حرب تموز اللبنانية و غزة الفلسطينية و حدثتنا عن المشاريع و المخططات و التقسيمات أن تشرح ما يحدث من هذا الانتقال المفاجئ للثورات في عالمنا العربي من تونس و مصر و الأردن و اليمن و غدا في البحرين...... لكني اكتشفت عمالتها و تواطئها و خستها و جرأتها على الكذب و الافتراء و التضليل و لا تخجل من نفسها حين تطل من منابر إعلامية تفوح منها روائح المشاريع المشبوهة و خدمة الأجندات الخارجية، منابر إعلامية خطها التحريري بث الشائعات و تضخيم الأحداث و النفخ في الخلافات لو أعطت شيئا قليلا من احترافيتها المزعومة لسقطت إسرائيل في عشر دقائق دون رصاص.
ما هذا الزمن الأغبر حين تخرج علينا وجوه تريد أن تقدم لنا النصائح و الدروس، أي وقاحة هذه حين يطل الرئيس السوري بشار الأسد في حوار مع جريدة أمريكية و يقول أن ما يجري في اليمن و مصر و تونس هو حقبة جديدة في الشرق الأوسط و ينصح بالإصلاحات و الحريات و الإنصات إلى الشعب و ينسى انه وصل إلى السلطة عن طريق التوريث و فساده مع أل مخلوف يزكم الأنوف و استبداده أسوأ من موسوليني و الخيمر الحمر، أي وقاحة هذه حين تقول أمريكا أنها تحس بالشعوب و هي تدري جيدا لاءاتها الكبرى لا لإسرائيل لا لأمريكا، أي وقاحة هذه حين تسمع لاحمد زويل و محمد البرادعي و غيرهم من رجالات هذا الزمن الرديء و لا احدا منهم تكلم عن إسرائيل و مياه النيل و تقسيم السودان و إيران و أمريكا لكنهم تناسوا أن الشعوب الأصيلة لا تفرق بين من يأتي على ظهر الدبابة الأمريكية و بين من يعيش في الولايات الأمريكية، أي وقاحة هذه حين يخرج شبابا يتحدث لغة غريبة بدعوى ضرورات العصر يطالب بإسقاط النظام
إن الاعتذار التي قدمه الزعيم الدرزي وليد جنبلاط إلى سعد الحريري في حوار مع جريدة الوطن القطرية اليوم بدعوى متغيرات الجغرافيا السياسية هي التي دفعت إلى التخلي عن تحالف 14 آذار يستحق أن يقف عليه كل واحد منا،متغيرات ترسم صورة غاية في التعقيد و التصديق فقد وجدت تحالفا استراتيجيا شاذا إعلاميا لكنه على الأرض براغماتيا،تحالفا يجمع التنظيم الدولي للإخوان المسلمين و إيران و إسرائيل و أمريكا و تركيا، قد لا تصدقوني و تتهموني بالخرف و الحمق و لكن أتمنى أن تقرؤوا الأحداث جيدا قبل تضيع الاوطان.
التعليقات (0)