مواضيع اليوم

بين الحق والواجب اختل المجتمع

خالد أوراز

2010-01-31 22:33:19

0

من منا لا يحلم بأن له حقوقا وينتظر تحقيقها كما ينتظر تحقيق جميع أحلامه. ومن منا لا يريد أن يعيش سعيدا مستوفيا جميع الحقوق. لكن ما هو السبب الذي أدى بنا إلى التفكير في حقوقنا ونسي التفكير في الواجبات التي علينا؟

منذ أيام طفولتنا يلقن لنا المدرسون في المدارس أناشيد دالة على أن لنا حقوقا مهضومة، ينبغي استرجاعها بالتي هي أقوى وليس بالتي هي أحسن لأن مبدأ اللاعنف لم يصل بعد إلى المدارس. شخصيا، ما زلت أتذكر بعض الأناشيد التي ألقنها لنا المعلم في مرحلة الابتدائي عندما كنت أحلم باسترجاع حقوقي، دون أن أحس أنه لا حقوق لي أصلا كي أطلب استرجاعها، أذكر على سبيل المثال نشيدا تحت عنوان " حقوقي حقوقي... ويطغى سروري".

هكذا كنت كبقية التلاميذ تلميذ تربى على البحث عن حقوقه منذ الصغر ولم يسعفه الحظ في أن يفكر في أن عليه واجبات يجب القيام بها. كنت دائما أحلم بان تعطى لي حقوقي جميعا كي أعيش حرا طليقا في هذا العالم، وكنت أسير على نهج أن كل التصرفات من حقي ما دمت أستطيع القيام بها. إلى أنني في بعض الأحيان أقول مع نفسي أو لغيري أنه من حقي أن أفعل كذا وكذا، دون أن أفكر في يوم من الأيام في أنه من الواجب علي أن ألتزم حدودي تجاه غيري، وأنه من حسن عمل المرء تركه ما لا يعنيه.

 

زادت شجاعتي حول البحث عن تحقيق حقوقي برواج فلسفة الحقوق في شتى وسائل الإعلام ( حقوق الإنسان، حقوق الطفل، حق الأم، حق الحياة ... الخ) هذه الأخيرة والتي كانت السبب وراء تقصيرنا التفكير في الحقوق ونسي الواجبات، لأنها منحت للمواطن وعيا تاما بأن له حقوقا مهضومة، فتعالت الأصوات في كل مكان " حقوقي... حقوقي". مع العلم أن جانبا كبيرا من الوعي قد تم إقصاءه، إنه الوعي بفكرة القيام بالواجب. لست أستوعب لماذا تم إقصاء هذا الجانب رغم ما له من أهمية، إذ أن الحق لا يأتي إلا بمجرد القيام بالواجب. هذه الفكرة هي التي يجب علينا أن نشيد بها وأن نعتبرها مصدرا لحصول الإنسان على شتى حقوقه.

يجب علينا أن نستوعب أن الحق ليس هدية تعطى ولا غنيمة تغتصب، وإنما هو نتيجة حتمية للقيام بالواجب، كما يقول ذلك المفكر مالك بن نبي رحمه الله. فالمجتمع اليوم في حاجة ماسة إلى فكرة القيام بالواجب أكثر منه من السابق، لأن كل الحقوق التي حرمنا منها أو حرم منها غيرنا، إنما هي واجبات أهمل الآخرون القيام بها. إن كل حق يأتي بمجرد القيام بالواجب... فعلى سبيل المثال قد نجد شخصا مصابا بإصابة مفاجئة، وتم نقله إلى المستشفى على استعجال، هذا حقه طبعا، لكن تهاون الطبيب قد يؤدي بالمصاب إلى الموت أحيانا. إذن المصاب من حقه أن يعالج، والطبيب من الواجب عليه أن يسهر على صحة المواطن والا فما دوره في المستشفى إذا كان سيغيب عن العمل لحظة وجود مواطن يستنجد من الموت. هنا إذن يجب أن ترفع الأصوات عاليا "واجبك واجبك".

هذه هي سيرورة الحياة لكل حقوق وعليه واجبات، لكن الذي يعتبره شخص ما حقا له إنما هو واجب على شخص آخر أهمل فعله.

 

يجب علينا إذن أن نتعلم القيام بالواجبات التي علينا حتى لا نحرم الآخرين حقوقهم. وأن نرفع الأصوات عاليا مطالبين بواجبات الإنسان، كما كانت الأصوات تنادي في كل زمان ومكان من أجل حقوق الإنسان.

 

 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !