كتب الحمدلله رب العالمين ..والصلاة والسلام على خير خلق الله ....وبعد
إن السمة الملحوظة لأهل زماننا أنهم راضون عن أنفسهم مسارعون في أهوائها وهم يرون أن رغباتهم المادية والمعنوية ينبغي أن تجاب..
وإذا حاولنا نصحهم بمجاهدة أنفسهم و ترغيبهم بما هو خير وأبقى، وإذا عرضنا عليهم قوله تعالى:فأمامن طغى وآثر الحياة الدنيا فإن الجحيم هي المأوى وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى فإن الجنة هي المأوى ).
فنجد أن بعضهم يقول لقد حاولت مراراً وتكراراً أن أجنّب نفسي ارتكاب هذه المعاصي ولكن باءت محاولاتي بالفشل وحاولت أن أسيّر نفسي لفعل الطاعات لكني لم أستطع الثبات عليها بل سرعان ماتخليت عنها .
وعلى ضوء ذلك لانت الشرائع وشاع ترك الغرائز المختلفة تتلمس طريقها في الحياة دون حرج أو دون رهبة وتغيرت مفاهيم الأدب وضوابط الخلق في أرجاء شتى كي تتجاوب مع لون هذه الحياة الجديدة.
ولو نظرنا إلى حال هؤلاء لوجدنا أن من أسباب عدم قدرتهم التغلب على أنفسهم هو عدم مجاهدتهم لأنفسهم وما قادوها حيث يحب الله ويرضى بل هي قادتهم فأهلكتهم ،كان لابد أن يشنّوا عليها حرباً يتسلحون فيها بالإيمان والإخلاص لله والصبر والدعاء،فالجهاد الأعظم والحهاد الأكبر من جهاد الكفار والمشركين هو جهاد الإنسان نفسه في الله وكما قال عليه الصلاة والسلام :المجاهد من جاهد نفسه في طاعة الله).ولن ينجح الإنسان في هذا الجهاد إلا إذا مرن على عصيان هواه ومضى قدماً على الصراط المستقيم جلداً مثابراً.
وقد حذر الله خيرة خلقه من الهوى وبيّن أن اتّباعه حجاب عن الله ومزلقة عن الحق. انظر ماقال لداود عليه السلام :ياداود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله إن الذين يضلون عن سبيل الله لهم عذاب شديد بما نسوا يوم الحساب).
ويقول الله لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : ولئن اتبعت أهواءهم بعد الذي جاءك من العلم مالك من الله من ولي ولا نصير ).
والنفس خلقت في الأصل جاهلة ظالمة مظلمة والعلم والهدى والصلاح ( أمر طارئ عليها ) بإلهام من ربها ومن ثم بمجاهدة من صاحبها وتعهده لها بالتربية والجهاد، فنجد أن الله يقول: والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين ).
فتكفل الله عزوجل لمن التمس و وجد منه مجاهدة ومحاولة أن يكون معه وأن يعينه وأن يحقق مراده، فماذا يريد الإنسان بعد ذلك؟
ومجاهدة النفس لاتكون إلا بأربع طرق من اتبعها وطبقها على نفسه فقد جاهدها وحفظها بعون الله وهذه الطرق ذكرها العلامة ابن القيم رحمه الله تعالى وهي كما يلي:
أولاً:بمحاسبة النفس
إن هلاك النفس والقلب وفسادهما في إهمال محاسبة النفس ورحم الله الحسن البصري إذقال: لاتجد المؤمن إلا وهو محاسباً لنفسه ماذا أردت بكلمتي تلك ماذا أردت بأكلتي ماذا أردت بشربتي؟!أ.ه
والرسول عليه الصلاة والسلام يقول:الكيّس من دان نفسه وعمل لمابعد الموت)"دان نفسه:أي حاسبها"
ثانياً: بمخالفتها وعدم اتباع هواها:
يقول ابن تيمية رحمه الله ويكون ذلك بمخالفة الشيطان والالتجاء إلى الله من وسواسه ومكائده والشيطان يدخل على النفس من بابين لابد أن نعلمهما ونغلقهما في وجه الشيطان الرجيم
-الباب الأول: بالتبذير والإسراف وذلك بأن يعطي نفسه كل ماتشتهيه من الطعام والكلام والنوم وغير ذلك مما ترغبه النيفس .
-الباب الثاني: الغفلةعن ذكر الله فالذاكر لله في حصن حصين من الشيطان
ثالثاً: تصبير النفس على الطاعات
رابعاً:تصبير النفس عن المعاصي
وبذلك يرتقي بها إلى أعلى المقامات وإلى رضوان الله وإلى السعادة الأبدية
هذا وأسأل الله تعالى أن ينفعنا بما علّمنا وأن يعلّمنا ماينفعنا وأن يغفر لنا زلاتنا ويعيننا على أنفسنا إنه وليّ ذلك والقادر عليه والله أعلم
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وسلم
التعليقات (0)