مواضيع اليوم

بيـن الـواقـع والخـيـال ..... في حــدوتـة مصــريـة

رضا عبد

2012-12-02 20:41:25

0

بيـن الـواقـع والخـيـال ..... في حــدوتـة مصــريـة


يحكى أن شابا كان يعيش في أسرة متوسطة الحال ومعظم أصدقائه وأقاربه من الأثرياء ، ظل هذا الشاب يعيش في الدنيا وحيدا لا عمل له ولا وظيفة ولا قدرة على تحمل المسئولية ، وفجأة اجتمع الأقارب والأصدقاء الأثرياء وقرروا أن يزوجوه لكي ينصلح حاله وتتغير أحواله ، وعـدوه بأنه لن يخسر أي شيء ولن يدفع أي شيء وأنهم سيتكفلون بكل المصاريف وسيدفعون كل التكاليف ، تزوج الشاب بعد أن قام الأصدقاء والأقارب الأثرياء بتجهيز وتأسيس كل شيء ولم تنقطع مساعداتهم له حتى بعد الزواج ، عاش بلا عمل وبلا درس ولا خبرات يتعلمها في الحياة تساعده في إدارة شئون حياته الجديدة خصوصا أنه كان يرزق بطفل كل عام تقريبا ومع زيادة عدد أفراد أسرته ازدادت مسئوليته وقلت معها مساعدات واهتمامات الأقارب والأصدقاء ، ورويدا رويدا تركوه وتخلوا عنه جميعا وتركوه يواجه مصيره بنفسه بعد أن أصبح مسئولا عن أسرة كبيرة وتعلقت في رقبته أفواه عديدة تحتاج المأكل وأجساد عارية تحتاج الستر والكسوة ومسئولية إدارة البيت اجتماعيا وأدبيا واقتصاديا ، وأصبح الرجل يعيش مع أسرته الكبيرة التي وضعت على كاهله مسئوليتهم وكفالتهم جميعا وأصبح من الطبيعي والمنطقي جدا أن يبحث عن عمل بدخل مناسب أو يعيد زراعة قطعة الأرض التي ورثها عن أبيه وتركها وأهمل فيها حتى أصبحت جرداء لا زرع فيها ولا ماء ، ولم يفكر بجد في المطالبة بأمواله التي لا تحصى ولا تعد عند التجار الذين كانوا شركاء أبيه في تجارته الكبيرة ، كل هذه الحلول لم يفكر فيها ليحقق مطالب هذه الأسرة الكبيرة لمواجهة الظروف الجديدة الصعبة ليوفر لهم الغذاء والعلاج والسكن والملبس وجميع احتياجاتهم ومتطلباتهم وفوق كل هذا توفير الحماية لهم وتأمين حياتهم بحيث يشعروا بالطمأنينة والهدوء والسكينة ، لأن هذه هي واجبات مُلِحة وضرورية تفرضها الأعراف الإنسانية والرجولة على أي رب أسرة يظن في نفسه أنه محل احترام الناس ، وهي واجبات كل رب أسرة يظن أنه مسئول وعلى قدر المسئولية ، على الأقل ليكون مثل الحيوانات في الغابة التي ترعى صغارها وتحميهم وتدفع عنهم كل شر وسوء وتوفر لهم المأكل والمشرب.


فشل هذا الأب ـ الرجل ـ العائل ـ لهذه الأسرة في تحقيق أقل القليل من متطلبات بعض أفراد الأسرة ، وفشل في تحقيق وتوفير أي شيء من ضروريات الحياة اليومية ، كان هذا الأب يعول أسرة مكونة من عشرة أفراد أو أكثر بعضهم في مراحل تعليم مختلفة ، والبعض بلا تعليم من أصحاب الحرف اليدوية والبعض فاشل وعاطل وبلا عمل ، وهذه الأسرة مجتمعة هي مسئولية هذا الرجل الأب وكانت لهم بعض المطالب الضرورية منها مطالب يومية وأسبوعية وشهرية وسنوية ، منها مطالب داخلية وخارجية ، ونعطي أمثلة : كان أحد أفراد الأسرة في حاجة ماسة للعلاج والذهاب للطبيب للكشف الطبي وتشخيص حالته الخطيرة ، والآخر يحتاج ثمن كتاب مهم ، والثالث يحتاج لملابس جديدة للعام الدارسي الجديد ، الرابع يحتاج لحقيبة (شنطة) يضع فيها كتب الدراسة ، والخامس تأخر في سداد مصروفات الدراسة والدروس الخصوصية والسادس يبحث عن عمل ، والسابع فاشل يصطحب بعض الفاشلين ويدخلهم البيت ويعبث معهم في البيت ويشربون المخدرات ويتلصصون على نساء البيت بدون علم الأب المغيب ، والثامن والتاسع انخرطا في إحدى الجماعات المتشددة وأصبحا يتهمان كل من حولهما بالكفر حتى أخوتهم وأبويهم.


وكانت الأم تشكو دائما قلة ذات اليد وتطالب الأب بإيجاد حلول لهذه المشاكل الحياتية اليومية ، وبدأت تطالب الأب بتغيير وتجديد وتنجيد المراتب والأَسِرّة لأنها تهالكت وأصبحت قديمة وغير صحية وغير نظيفة وتسببت في نقل أمراض جلدية للأبناء وأصابت عظامهم بالانحرافات القوامية ، كذلك طالبت الأب بتجديد دهانات المنزل التي تآكلت من الرطوبة وشوهت وأخفت المعالم الأساسية المميزة لحيطان المنزل الذي كان قبل سنوات رمزا في الشارع وأفضل وأجمل منزل في الشارع كله ، كما طالبته بتغيير باب المنزل الرئيسي الذي تآكلت أخشابه من أشعة الشمس حرصا على تأمين البيت ، كذلك طالبته بتنظيف المكان المحيط بالمنزل والبحث عن حل لجبال القمامة التي تحيط المنزل من كل الاتجاهات ، وإصلاح ماسورة المياه الرئيسية التي انفجرت منذ أسابيع وتسببت في تحويل الشارع إلى برك ومستنقعات مائية صغيرة لا تصلح لمشي الآدميين ، وصرخت الأم في وجهه قائلة هل ستترك سلك الكهرباء الذي انقطع وتدلى أمام بيتك ولامس الماء الذي يملأ المكان حتى يسير عليه أطفالنا فيُصْعـَقـُوا بالكهرباء فيموتوا.؟ ، متى تفكر فينا وفي تحقيق احتياجاتنا.؟ ، متى تهتم بما يحتاجه أولادنا وما يحتاجه بيتك.؟


والأم تسكت حينا لكنها لم تنسى ولن تنسى ما هي متطلبات بيتها وماي هي احتياجات أولادها لأن هؤلاء الأولاد قطعة منها وحملت كل واحد منهم تسعة أشهر في بطنها فلا يمكن أبدا مهما طال الوقت تهمل فيهم وتنسى ما يريدون أو تتجاهل فيما يفكرون ، وترجع الأم وتستجمع قواها فتقول للأب المهمل: أنها تحتاج لتغيير أسطوانة الغاز وتحتاج لسداد فواتير الكهرباء والماء والتليفون والانترنت وتحتاج لأساسيات غذائية في البيت لإطعام كل هؤلاء ثلاث وجبات كاملة يوميا (تحتاج للزيت والسكر والأرز واللبن والبيض واللحوم والدواجن والأسماك وجميع أنواع الخضروات والفاكهة) ، فهذه مشاعر طبيعية فطرية تشعر بها كل أم تجاه أولادها.


ورغم كل هذه المشاكل وكل هذا التقصير من الأب العائل الوحيد لهذه الأسرة ترك هذه الاحتياجات وهذه المتطلبات وأخبرهم أنه يريد التحدث معهم جميعا ، انتبه الجميع ولبوا الطلب : بدأ كلامه معهم قائلا بصوت عالٍ يجب ان تعلموا جميعا أنني هنا كبير البيت وأنا صاحب الكلمة الأولى والأخيرة وليس من حق أي فرد من أفراد الأسرة أن يفعل أي شيء بدون إذني وليس من حق أحدكم الاعتراض على أي كلمة من كلامي ، يجب عليكم جميعا الالتزام بقواعد العيش في هذا المنزل الخروج بإذن والدخول بإذن وليس من حق أحدكم التأخر خارج البيت لساعات متأخرة ، ويجب عليكم جميعا أن تُحافظوا على الصلاة ولا تتركوا ركعة واحدة ولو عرفت أن أحدكم لا يصلي سوف أطرده من البيت ، ويجب أن لا تشاهدوا التليفزيون والانترنت ، ويجب أن تهتموا بدينكم حتى تتدخلوا الجنة.

الأخطر من هذا كله أنه رغم تجاهله وإهماله لمطالبهم الأساسية التي لم يحقق منها أي شيء قد كتب كل هذه التعليمات والتحذيرات في ورقة وطلب من الأسرة جميعا أن يوقعوا عليها ويوافقوا ويلتزموا بما جاء فيها ، بدون أن يسمح لأحدهم أن يقرأ هذه الورقة أو يسأل ما مضمون هذه التعليمات خصوصا أن نصف أفراد الأسرة من الأميين والغير متعلمين.




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات