بيع مصر باسم الله!
هل تعرفون ماذا يخيفني وينزل الرعب في قلبي ويزلزل كياني ويُقصِّر عمري ويرفع ضغط دمي ويجعل منامي جبلا من الكوابيس؟
إنه وضع اليد الآثمة للإخوان المسلمين والتيارات الدينية المتشددة والذين يبيعون أهلهم من أجل حفنة دولارات على أرشيف مصر وتقارير مخابراتها وميزانية عسكرها وكنوز تراثها وأدق أسرار هذا البلد العظيم.
عندما يكون بامكان خيرت الشاطر أن يجلس في قصر الاتحادية ويأتيه أحفاد رأفت الهجان بآلاف من الوثائق التي لم يكن لأحد غير الجيش ومخابرات مصر أن يطــّـلع عليها، ويتصفحها، فيحرق بعضها، ويجري اتصالات سرية بشأن البعض الآخر، ويقوم بتسليم وثائق الوطن لمن يدفع أكثر!
عندما يقوم المرشد لجماعة فاشية باعادة تنظيم، وفرز، وكتابة وثائق وأوراق وملفات ما كان يخطر على الجن الأزرق أن يطلع عليها!
الارهابيون الذين أخرجهم مرسي من السجون ليدعموه يجلسون الآن وأمامهم وثائق عسكرية خطيرة وملفات الصفقات ومعاهدات مصر مع دول العالم وأسماء الارهابيين ومنظماتهم، وأصبح الجيش والمخابرات والأسرار عارية كما ولدتها أمهاتها.
يرفع رئيس أو زعيم دولة عربية أو غربية أو حتى إسرائيل سماعة الهاتف ويطلب من ارهابي مفرج عنه مُرسيــّــاً ( خدمة بسيطة) مثل معرفة عدد القوات العسكرية أو آخر صفقات شراء أسلحة أو خطط الدفاع أو حسابات الجنرالات أو الملفات السرية للغاية عن نقاط ضعف شخصيات عالمية أو ..
وكل شيء بالمقابل، وأي ارهابي قابل للبيع والشراء، وبهذا تسقط مصر من هامش التاريخ ، فصناديق الاستفتاء الاخوانية لم تكن أكثر من صفقة بين التيارات الدينية والشعب المصري، تمنحنا خمسة آلاف عام ونعطيك مفتاح الجنة. نصفعك باسم ( الإسلام هو الحل)، وندخل بعد استئذانك مغارة تمتد من توت عنخ آمون إلى جمال عبد الناصر.
عندما يسهر يوسف البدري وبرهامي وأبو إسلام وعبد الله بدر وعصام العريان والكتاتني في قصر الرئاسة يتبادلون قراءة ملفات كانت ممنوعة على رتب عسكرية واستخباراتية أقل من لواء، ثم يتضاحكون ويحرقون ما لا يرضون عنه، فتاريخ أم الدنيا تكتبه الفاشية، وأسرار أعرق جهاز أمني واستخباراتي يختار ملوثون ما ينبغي احراقه وما يصب في مصلحة الجماعة!
الزمر يهمس في أذن الشاطر قائلا: لم أسمع عن فترة في تاريخ أي دولة أنْ قام شعب أهبل بتسليم تاريخه وأسراره وملفات أجهزة أمنه ووثائق جيشه إلى جماعة دينية كانت إلى وقت قريب محظورة، هل وضع أحد بانجو في مياه النيل؟
أسرار الفترة الناصرية في محاكمات 1954 و1965 هي الآن أكلة شهية للنيران في قصر الاتحادية، والمصريون يحتفلون بالنصر وبــ( نعم) ولو كان الأمر بيدي في تفسير الــ( نعم) الغبية لقلت بأنها لا تختلف عن الــ( نعم) للموساد بالعمل معها جواسيس ضد الوطن.
إنني أتهم كل قوى المعارضة العجائزية الحمقاء بأنها متواطئة، عن سوء نية أو حُسنها أو غباء فطري ببيع مصر لعصابة فاشية ستعيد كتابة التاريخ من قفاه وأنا هنا أساوي بين المصوتين بــ( نعم ) وبــ( لا) !
من يقرأ هذا الكلام ويفكر فيه عدة دقائق ثم لا يلطم وجهه ويبكي حسرة على انتصار الحماقة فهو لم يفهم مقالي .
محمد عبد المجيد
طائر الشمال
أوسلو في 23 ديسمبر 2012
التعليقات (0)