رغم إدراكي أن يكاد يستحيل التفاهم مع سلفي يتخد من الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم ربا له مع الله ، و يؤمن بقدرته على التشريع إلا أني أرجوك أن تعمل عقلك قليلا : كيف يكون الكتاب الواضح المبين الذي جاء تبيانا لكل شيء في حاجة لمن يبينه للناس ..؟
فهل عندما يأمرنا الله بالصلاة و الصيام و الجهاد في سبيله ..نكون في حاجة لمن يبين لنا هذه الأوامر ..؟ و هل احتاج محمد بن عبد الله نفسه لمن يعلمه كيف يصلي أو كيف يسبح الله و يذكره ... قبل نزول الوحي عليه ؟
و قد أكد القرآن مرارا أن الشريعة التي جاء بها نبي الإسلام هي نفسها التي بشر بها كل الأنبياء من قبله ( شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا و الذي أوحينا إليك و ما وصينا به إبراهيم و موسى و عيسى أن أقيموا الدين و لا تتفرقوا فيه ...) فهل احتاجت البشرية قبل قدوم النبي محمد للعالم لسنته و لتوضيحاته حتى تعبد ربها ..؟
كما نعلم أن النبي نفسه قد ارتكب أخطاء و قد صوبها له القرآن من مثل : يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك / لئن أشركت ليحبطن عملك /لقد كدت تركن إليهم شيئا قليلا إذن لأذقناك ضعف الحياة و ضعف الممات /
( ولو تقول علينا بعض الأقاويل ( 44 ) لأخذنا منه باليمين ( 45 ) ثم لقطعنا منه الوتين ( 46 ) فما منكم من أحد عنه حاجزين ( 47 ) وإنه لتذكرة للمتقين ( 48 ) وإنا لنعلم أن منكم مكذبين ( 49 ) وإنه لحسرة على الكافرين ( 50 ) وإنه لحق اليقين ( 51 ) فسبح باسم ربك العظيم ( 52 ) )
كما أذكرك أن سبب لعنة الله لإبليس أنه توهم قدرته على خلق المعايير التي يزن بها الفعل عندما قال زاعما (أنه خير من آدم لأن مخلوق من النار بينما آدم من الطين... و ها أنت ترى أن البشرية قد فشلت فشلا ذريعا في تحقيق أي نوع من العدالة أو إحقاق الحق بسبب إصرارها على ابتداع المعايير الدستورية كما يعتزم أن يفعل مرشحو المجلس الدستوري الأغبياء ..؟
و قد خاطب الله نبيه قائلا : لو أنفقت ما في الأرض جميعا ما ألفت بين قلوبهم و لكن الله ألف بينهم...
وهو أمر صحيح كما نشاهده في الواقع المعيش ، فأنت لا تكاد تجد اثنين من البشر قد يتفقون حول أي أمر من الأمور لتعدد الموازين التي ينظر بها كل واحد من البشر لمختلف القضايا المعيشية التي تعترض طريق البشر ...بينما الموحدون يتميزون بوحدة قلوبهم لاعتمادهم على موازين العليم الحكيم و معاييره الحق...؟
التعليقات (0)