( المشكلة ان الموكل أليهم حل مشكلة الوطن هم أنفسهم المشكلة ) . الكاتب والصحفي المصري المرحوم جلال عامر .
صدر بتأريخ 1/3/2007 البيان ( أمن العراق وفرض النظام ) المرقم (40) من قبل رجل الدين العراقي السيد الحسني في رد على سؤال وُجِه له حول تكوين تكتُّلات وتشكيلات في البرلمان العراقي ، كان من ضمنها احزاب دينية مدعومة من قبل مرجعيات وأحزاب سياسية أخرى ، بدعوى أنقاذ الشعب العراقي من الأزمات التي كان يمرُّ بها آن ذاك ، رغم أنّها وبنفس الوقت سبق وأعلنت نفس هذه الجهات والأطراف تأييدها ومباركتها للخطّة الأمنية ( فرض القانون ) التي أصدرتها الحكومة حينها وحاولت تطبيقها ، بيد أن مُجرّد تكوين التكتُّلات والتشكيلات من قبل هذه الجهات في وقتها يُعتبر تعارضاً وتناقضاً صريح لكلامهم وتأييداتهم ومباركاتهم السابقة لهذه الخطّة الأمنية ( فرض القانون ) من جهة ، ويتنافى كُليّاً مع مباديء الخطّة الأمنية وأهدافها ، وأضافة معرقلات أخرى في طريق إحلال الخطّة وتطبيقاتها القانونيّة من جهة أخرى . الأمر الذي عادَ على العراق وشعب العراق بنتائج وخيمة ، وجرّته الى أزمات ومفاسد متلاحقة ، وأضاف ويلات ومآسي ومفاسد أخرى تراكمت فوق أزماته وويلاته ومآسيه السابقة ، لازال العراق وشعب العراق ينوء تحت وطئتها .. http://www.al-hasany.com/index.php?pid=62
جاء في السؤال :
( ما هو رأي سماحتكم بتكوين تكتلات و تشكيلات جديدة في البرلمان العراقي من ضمنها أحزاب دينية تدعمها مرجعيات وأحزاب سياسية اخرى بدعوى انقاذ الشعب العراقي من أزمته الحالية في حين أعلنت نفس هذه الأطراف سابقاً تأييدها ومباركتها للخطة الأمنية الجديدة{فرض القانون} والسعي من أجل انجاحها, فهل يتناسب اعلانهم لهذه التشكيلات الجديدة مع تأييدهم لخطة{فرض القانون}, أو هو حكم سابق بفشل الخطة الأمنية ومحاولة ايجاد الحلول البديلة ؟ .. ) .فجاء جواب السيد الحسني بصورة مُفصلة مبيِّناً ماهيّة هذه السياسة وماهيّة مُرتكزاتها التي أنطلقت منها ، وماهيّة تأسيساتها وخلفياتها وأبعادها وحيثياتها المصلحية ، وهل هي نابعة ومتأسسة فعلاً على المباديء الشرعية والوطنية ؟ أم أنّها مُتأسسة ومُنطلقة من النفاق والكذب والخداع والمنافع والمصالح الدنيوية .. ؟ كما جاء في النقطة اولاً من البيان :
( .. إذا كانت السياسة سياسة الكذب والافتراء والنفاق و سياسة الدنيا والمصالح النفعية الضيقة الشخصية أو الحزبية أو الفئوية أو نحوها فانك بالتأكيد و بكل تأكيد تجد الخداع والكذب والافتراء والنفاق حيث يضع هؤلاء قدما في كل درب ومسلك يتناسب مع القوة و الضعف ومع السعة والضيق ومع مقدار ما يجلب من منفعة ومصلحة شخصية ودنيوية زائلة بالرغم من تنافي أو تضاد أو تناقض الطرق والدروب والمسالك فيصرح أحدهم بشيء ويصرح صاحبه ورفيقه وشريكه في الحزب أو التنظيم أو الحركة أو الجهة بشيء آخر يخالف و يناقض أو ينافي التصريح الأول و هكذا في تصريح ثالث ورابع ...و بهذا الكذب والنفاق فانه يضمن انتقاء القول والتصريح المناسب مع الحدث والواقعة التي تحصل وتقع خارجا و كأنه لم يتفوه و لم يصرح بنقيض ذلك ... ) .بيّن السيد الحسني في هذه النقطة أن هناك خيارات قد فرضتها سلوكيات النفاق والكذب والمصلحة التي إمتاز بها هؤلاء .. أي أنّهم اذا كانوا يعتمدون سياسة الكذب والنفاق وسياسة الدنيا والمنافع والمصالح الضيّقة الشخصية او الحزبية او الفئوية او نحو هذه الأخلاقيات والسلوكيات الدنيويّة الزائلة .. فإنهُ بالتأكيد يجد الناس هذه الصور من أشكال الكذب والنفاق والأفتراء عند هؤلاء حيثُما وضعوا أقدامهم وفي أي مكانٍ كانوا وتواجدوا فيه كانَ يتناسب وينسجم مع قوّتهم وضُعفهم ومع سِعَتهُم وضيقهم ، ومع مقدار ما يجلب لهم من منفعة ومصلحة شخصيّة ، وحتى لو تطلّبت منهم هذه المسالك سلوك طُّرق الزيف والكذب والخداع وتضادّها مع تصريحاتهم السابقة ، وتقاطعَها مع تصريحات أصحابهم وممثليهم وشركائهم في الحزب او التنظيم او الحركة او الجهة التي ينتمون أليها ، أي أن تصريحاتهم وأقوالهم وتأييداتهم إنتقائيّة وخياريّة مُناسِبة دائماً ما تتماشى مع الأحداث والوقائع سواء أكانت بجانب مصالحهم ومنافهم .. أو مع الأحداث التي تحصل خارجاً ، أي التي ليس لهم فيها منفَعة أو مصلحة .. كما في قوله : وكأنّه لم يتفوه ولم يُصرّح بنقيضِ ذلك .
وقد أشار السيد الحسني في النقطة ثانياً من البيان الى ضرورة ستراتيجيّة على الناس والمجتمع العراقي وعْيَها والأنتباه لها بقوله :
( نعم يا أعزائي علينا أن نلتفت لذلك ونشخصه وعلينا أن نتيقن أن الأخطر والأشد والأشر والأفتك في ذلك هو أن يكون ذلك الكذب والافتراء والنفاق تحت دعاوى وادعاءات تأمين شرعي وغطاء ديني . )
مشيراً ومؤكداً من مباعث الأبوّة والمسؤوليات الشرعية والوطنية والتربوية والأنسانية والثقافيّة ، ومن منطلق الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الى ضرورة أن يعي الناس والمجتمع العراقي ويفهموا ويُشخِّصوا ويتيقّنوا في هذا الخضم الدائر ، أن من أشد الأخطار وأفتكها على المجتمع والدين والأمة ، هو أن تكون تلك الأفتراءات وأشكال الكذب والنفاق وألوانه وأنواعه وأساليبه وسلوكياته وطُرقَه تحت دعاوى دينية وذرائع وأدعاءات مُغطّاة بعباءات الشرعيّة والتأمين الديني .. الكذب والتزوير والأفتراء والنفاق والتلبُّس بالدين والشرعية من أجل المصلحة والمنفعة السياسية والشخصيّة والفئويّة الداخليّة والخارجيّة ، وقلب الأمور والموازين عن اساسيّاتها القانونيّة والشرعيّة ، وتعمّد تغييب الثقافة السياسيّة والأجتماعية والشرعيّة عن عقل وفكر ووعي المجتمع ، والأستهانة والأستخفاف والتَجهيل له ولوعيه وأدراكه وبمشاعره وحقوقه الأنسانية والوطنية والأجتماعية ، وبث سموم حالات وأفكار وظواهر القلق والأرتباك والأنفعالات السياسية والقبلية الفاسدة بشعارات المذهبية والطائفية وزرعها في لاوعي ولاشعورية المجتمع ! ، الأمور التي أدَّت بالتالي وأثّرَت وجلبَت مُنذ تفويتها على المجتمع تداعيات وترشحات دمويّة وفاسدة ، وأحالت الأوضاع في العراق الى الدمار والخراب على طول مَدَياتها التأريخية السياسية والأجتماعية اللاحقة .
صفاء الهندي
التعليقات (0)