شبان سيدي بوزيد في تونس ينتحرون حرقا . والمواجهات العنيفة بين قوات الأمن التونسية والأهالي العاطلة والمكبوتة خلال الايام الماضية على أشدها هناك .
مصادر المعارضة التونسية تقول إن شاباً حاول الأنتحار في مدينة بو زيد لأنه يحمل شهادة عليا ، ألا أنه اضطر الى اللجوء لبيع الخضروات وأن السلطات صادرت عربة يد كان يستخدمها لكسب قوت يومه .
شاب آخر من المدينة اقدم على الأنتحار يوم الأربعاء 22 ديسمبر/كانون الثاني احتجاجا على تفشي البطالة وغياب فرص العمل .
ولكن كيف يصل الأمر بشاب في العشرينات من عمره الى أن يصب على نفسه الكيروسين ومن ثم يشعل النار بنفسه ؟ .
وكيف تصل نسبة البطالة في تونس الى أكثر من 40 بالمئة بحسب الأقتصاديين ، و25 بالمئة بحسب حكومة بن علي ، "وهما رقمان مخيفان بكل المقاييس" ، بينما وصلت نسبة نمو الأقتصاد التونسي الى 5 بالمئة ؟ .
كشفت برقيات دبلوماسية امريكية سرية نشرها موقع ويكيليكس ونقلتها صحيفة "لو موند" الفرنسية ان المحيط العائلي للرئيس التونسي زين العابدين بن علي "اشبه بالمافيا" وان النظام التونسي "لا يقبل لا النقد ولا النصح ".
وفي البرقية المؤرخة في يونيو حزيران عام 2008 بعنوان "ما هو لكم هو لي", ساقت السفارة الامريكية اكثر من عشرة امثلة عن اساءة استخدام النفوذ لدى اقرباء الرئيس التونسي .
وكتبت على سبيل المثال ان زوجة الرئيس حصلت من الدولة على ارض كمنحة مجانية لبناء مدرسة خاصة ، ثم اعادت بيعها .
ما يحصل في تونس هو نسخة طبق الأصل لما يحصل في باقي البلدان العربية دون أستثناء . فحتى في البلدان النفطية الأغنى في العالم تعاني الشعوب من بطالة خانقة سببها الفساد وسرقة المال العام ونمو أقتصادي تذهب نتائجه الى جيوب رأس الدولة وعائلته وحاشيته فقط لاغير .
مصدر رزق ورأس مال متواضع لا تتجاوز قيمته بضعة عشرات من الدولارات يصادر تحت بند المحافظة على جمالية المدينة ، بينما زوجة الزعيم تأخذ أرضا وقرضا من البنك لبنائها مدرسة ثم تبيعها بمئات الألوف من الدولارات ؟! .
تقول البرقية ذاتها أن السفارة الأمريكية في تونس أوصت حكومتها بأن تطلب ايضا من الدول الاوروبية تكثيف جهودها "لاقناع الحكومة التونسية بتسريع الاصلاحات السياسية".
وقالت ان المانيا وبريطانيا تؤيدان هذه الفكرة ولكن دولا رئيسية مثل فرنسا وايطاليا تتردان في ممارسة ضغوط على تونس , وفق الملاحظات الامريكية التي سربها موقع ويكيليكس .
لا بد أن نقف مطولا عند هذه النقطة . فكيف لدول بوزن الولايات المتحدة وألمانيا وبريطانيا أن تبدوا وكأنها خائفة من فرض الديموقراطية على نظام بن علي . خاصة أذا ما تذكرنا كيف فرضت هذه القوى ذاتها ، الديموقراطية في العراق .
الجواب على هذا السؤال يبينه موقف فرنسا وأيطاليا اللتين كانتا صريحتين أكثر .
المصالح فوق الأخلاق ، ووجود هذه الأنظمة الفاسدة ضرورة للغرب .
وهكذا تكالبت الأنظمة العربية وحلفائها الغربيين على شعوبنا المقهورة المقموعة المسروقة . فهل سنتسائل بعد ذلك لماذا يأس الشباب الى درجة حرق أنفسهم أحياء ؟ .
اليوم ، يجب أن نقف وقفة أجلال وأكبار لأهلنا في سيدي بوزيد وباقي تونس اللذين يعلموننا عملياً أن الحقوق لاتأخذ من السراق والظلمة ألا بالوقوف أمام أدوات القمع بقوة وعزم ، بعد أن علمنا بالأمس أبن تونس العظيم أبو القاسم الشابي هذه المباديء نظرياً حين قال .
أذا الشعب يوما أراد الحياة فلا بد أن يستجيب القدر
ولابد لليل أن ينجلي ولا بد للقيد أن ينكسر
http://www.moheet.com/show_news.aspx?nid=340900&pg=3
http://newsforums.bbc.co.uk/ws/ar/thread.jspa?forumID=13252
http://www.bbc.co.uk/arabic/middleeast/2010/12/101209_tunis_wiki.shtml
التعليقات (0)