تستلم اليوم ولاية تمنراست أحد المشاريع الإستراتيجية الكفيلة بتأمين المنطقة، من الصراع الدائر بين قبائل التوارق على الحدود الجزائرية مع مالي والنيجر، فيما سيتم الإعلان عن برنامج استثنائي لدعم التنمية بتنمراست خلال زيارة الرئيس لهذه الولاية، هذه الزيارة التي تعتبر أول خروج ميداني لبوتفليقة منذ بداية السنة الجارية وأول احتكاك مباشر مع المواطنين منذ ستة أشهر. زيارة بوتفليقة وإن كان برنامجها يقتصر على 5 نقاط فقط، فهي من الناحية السياسية تحمل العديد من الدلالات والرمزية، إذ تستمد رمزيتها من الظرف السياسي الاجتماعي الذي تعيشه البلاد، وكذا الوضع الأمني للحدود الجزائرية، وتحديدا مع ليبيا ومالي والنيجر، علاوة على ما يتعلق بمحاربة الإرهاب في الساحل، إذ أن تسليم مشروع تحويل المياه من عين صالح الى تمنراست يعد أحد عوامل ضمان الإستقرار للتوارق، ويقلص حركة هؤلاء في اتجاه حدود دول الجوار، الأمر الكفيل بضمان أمن واستقرار المنطقة، خاصة وأن الرئيس في آخر زيارة له قادته لولاية تمنراست كمترشح لرئاسيات أفريل 2009، أكد أن استقرار المنطقة وأمنها مهمة أعيان وعقال المنطقة، إذ طالبهم صراحة بالتنسيق مع الإدارة المحلية والمنتخبين بالنظر لأهمية هذا النوع من التنسيق.
ولاية تمنراست التي تستقبل بوتفليقة اليوم، تعد أول نزول ميداني للرجل، بعد الأحداث التي شهدتها غالبية ولايات الوطن شهر جانفي، كما تأتي في ظرف خاص يطبعه غليان اجتماعي رهيب في غالبية القطاعات الوظيفية، ورجوع حركية سياسية لطالما هجرت الجزائر وغابت عنها منذ رئاسيات 2004، هذا الغليان الذي لم تخمده حزمة الإجراءات الاقتصادية والإجتماعية المعلنة في اجتماع الوزراء في الـ23 فبراير، يضاف إليه عودة الروح الى المعارضة، بعد سبات عميق، تشكل كلها أرضية مقنعة لخروج الرئيس عن صمته، ومخاطبة الجزائريين وجها لوجه، بعد أن فضل مؤخرا مخاطبتهم عبر بيانات مجالس الوزراء والرسائل المناسباتية، كانت آخرها الرسالة التي وجهها للجزائريين في عيد النصر والتي تطرّقت الى مشروع إصلاح سياسي في الأفق يبقى مجهول الهوية الى اليوم.
وبعيدا عمّا إذا كان الرئيس سيعلن اليوم إجراءات مكملة، لتلك المتخذة قبل مدة، فالأكيد أن الزيارة تحمل تطمينات صريحة لسكان المنطقة والولايات الحدودية الأخرى، كما تعد "تيرمومترا" لقياس مدى تعاطي المواطن مع الإجراءات الجديدة وقياس ما ينتظره من السلطة مستقبلا . فتمنراست استفادت من مشروع ضخم يضمن تمويل المنطقة بـ100 ألف متر مكعب من المياه الصالحة للشروب لآفاق 2050بكلفة قدرت بـ198 مليار دينار، ومعلوم أن المشروع شهد تشغيل شطره الأول منذ أيام.
كما يرتقب أن يسلم الرئيس اليوم قطبا حضاريا بـ1028 مسكن ومنشآت عمومية وقاعدية أخرى في قطاعات التربية والصحة والأشغال العمومية منها مدارس ومحلات تجارية وعيادة، كما سيسلم مشروع الطريق الرابط بين تمنراست وعين ڤزام لتتدعم شبكة الطرقات بمدى جديد على مسافة 420 كلم، ضمن مشروع الطريق العابر للصحراء، الذي يربط بين 6 دول من القارة والذي يعد إيفاء لإلتزمات الجزائر على الصعيد القاري.
ـــــ
ــــــــــــــــ
تعقيب المدوّن :
ولاية تمنراست هي رقم صعب في معادلة السلطة الجزائرية ، لأنها أولا بوّابة الجزائر الجنوبية التي يدخل منها الخير كما الشر، فهي تضم أكثر من خمسين جنسية أفريقية ، بعضها مرغوب فيه ومسالم ، وبعضها الآخر منبوذ وعدائي وموبوء .. وثانيا لأن خصوصية المنطقة وطابعها القبلي يُجبران الحكومة على إيلائها أهمية كبرى حفاظا على الإستقرار وعلى الوحدة الوطنية .. وزيارة بوتفليقة للمنطقة تأتي في إطار حملة تهدئة النفوس ، خصوصا تلك التي يُعتمَد على أصحابها في إرساء الأمن ! ..
هي زيارة خاطفة إذن ، لكنها بالنسبة لبوتفليقة هي أكثر من ذلك ، وبالنسبة للمواطنين هي مجرّد إطلالة ربّما هي الأخيرة للرجل !.
التعليقات (0)