الاتحاد العام التونسي للشغل هو المنظمة النقابية الوحيدة في تونس , يفوق عدد منخرطيه المليون عامل ويكتسب أهميته من شرعيته التاريخية حيث أنه كان سندا قويا للقوى الوطنية المناضلة من اجل الاستقلال زمن الاستعمار الفرنسي وكذلك من شرعيته الاجتماعية حيث انه يعتبر الممثل الوحيد لكل عاملات وعمال تونس ورغم أن هذه المنظمة مرت بأزمات عديدة سابقا إلا إنها حافظت دوما على إشعاعها ودورها القيادي في كل حراك اجتماعي لكن الأزمة الأخيرة التي شقت صفوفها لها من الخصوصية ما يجعل تأثيراتها قد تمس من مستقبل العمل النقابي في تونس ومن خصوصية هذه المنظمة نفسها.
اندلعت الأزمة الأخيرة في أواخر الشهر الفائت ( ديسمبر 2008 ) عندما عمدت المركزية النقابية إلى إيقاف النقابي توفيق التواتي عن النشاط النقابي علما وانه يشغل خطة كاتب عام للاتحاد الجهوي للشغل بتونس وذلك على خلفية تجاوزات مالية حسب ما تقول المركزية النقابية فرد هذا الأخير بعقد اجتماع عام بنقابيي جهة تونس وتحدث بإسهاب عن بعض تجاوزات القيادة النقابية سواء المتعلق منها بالجانب المالي (اتهم الأمين العام عبد السلام جراد بأنه استولى على مليار و200 مليون من المليمات التونسية ) او المتعلق منها باستغلال النفوذ وشراء الذمم . كما تقدم توفيق التواتي بشكوى استعجاليه إلى المحكمة لإبطال مفعول قرار تجميده عن النشاط النقابي, وتكتسي هذه الأزمة أبعادا خاصة باعتبار الوزن الذي يمثله الاتحاد الجهوي للشغل بتونس العاصمة حيث انه يضم ما بين 25 30 في المائة من مجموع منخرطي الاتحاد .
كما اتخذت هذه الأزمة بعدا أخر مع تحرك أعداد هائلة من النقابيين المعارضين للقيادة الحالية للاتحاد وتكوينهم للجنة وطنية سميت لجنة إنقاذ الاتحاد العام التونسي للشغل وقد طالبت بتكوين لجنة وقتية تعهد إليها مهمة تسيير شؤون الاتحاد إلى حين انتخاب قيادة جديدة وفي سياق متصل تحرك المرصد التونسي للحقوق والحريات النقابية ( مجموعة نقابية مستقلة )وعبر عن إدانته لتجميد نقابيين وطالب ببعث لجنة مالية مستقلة عن المركزية النقابية للتثبت في مدى صحة الاتهامات المتبادلة بين الطرفين خاصة في ظل خطورتها وضخامة المبالغ المتحدث عنها . إضافة إلى ذلك تحاول مجموعة أخرى من النقابيين ومنذ مدة إنشاء منظمة نقابية جديدة أطلق عليها اسم الجامعة العامة التونسية للشغل وقد وفرت الأزمة الحالية الأرضية الخصبة لهاته المجموعة للنشاط والتعبير عن نفسها.
إن الظرفية الحالية ليست كلها في صالح المركزية النقابية وقد تودي إلى الإطاحة بالهيمنة المطلقة لهذه المنظمة على الساحة النقابية كما قد تفرز معطيات جديدة تزيد من إضعاف العمل النقابي وتهمشيه .
محمد العيادي
نقابي مستقل
التعليقات (0)