عاش اليهود في مصر سنوات وسنوات ولازال لمصر أجمل الذكريات في نفوس من بقي منهم علي قيد الحياة حتي الآن، بل ان احفادهم سألوني وأنا في مهمة صحفية بالأراضي المحتلة في بداية التسعينيات عن شبرا والفجالة والظاهر والاسكندرية!
والمسلمون عاشوا والمسيحيون جنبا إلي جنب منذ ألف واربعمائة سنة ولم تنل من وحدتهم المؤامرات والأحقاد والدسائس.
ومن عظمة هذه الأرض الطيبة أنها تستوعب كل أصحاب الديانات السماوية تفتح ذراعيها لهم ليل، نهار فلو أن يهودياً غير صهيوني جلس الآن علي أحد المقاهي المصرية فسوف يلتف حوله أولاد البلد ويتسابقون في استضافته باعتباره من أهل الكتاب الذي يؤمنون مع المسلمين بإله واحد.
.. لكني لا اعتقد ان شعب مصر سوف يتقبل بسهولة وجود طائفة البهائيين، مهما كانت مبررات حرية العقيدة ونشاطات جمعيات حقوق الإنسان، واعتقد ان المصريين سوف يلفظونهم بكافة الأشكال باعتبار انهم لايعبدون الله كما هو سبحانه وتعالي في كتبه المقدسة!.. ولعل ماحدث للبعض من البهائيين في الصعيد هو من النذر التي يجب ألا تمر مرور الكرام، فالحرائق التي اشتعلت في بيوتهم وهجوم الأهالي عليهم وان كان الأول فلن يكون الأخير.. ولأنه كان قد حدث اليوم في الصعيد فسوف يتكرر في محافظات أخري كلما نشطت هذه الطائفة وحاولت ان تجد لها مكانا فوق أرض مصر!
نحن ضد اعمال العنف والتخريب وضد الجريمة بوجه عام مهما كانت المبررات والدوافع والأسباب، ونؤمن بأن الفكر لايقاوم إلا بالفكر، لكن كيف سنقنع عامة الشعب المصري الذي يرفض رفضا تاما وحاسماً وقاطعاً أي مساس بعقيدة الإله الواحد وكتبه المقدسة.. واقولها من الآن صريحة أنه لا أجهزة الأمن ولاقانون العقوبات ولا السجون والمعتقلات ولاقوانين مكافحة الإرهاب تستطيع ان تقنع شعبا في أي دولة بأن يتقبل المساس بعقيدته الدينية!
هذه الطائفة سوف تصنع مع الوقت نوعا جديدا وفي غاية الخطورة من الفتنة ، واذا كان بأيدينا ان نجد حلا الآن، فربما لانملك القدرة علي ايجاد أي حل في المستقبل .. وان كنت اتمني ان يعمل أصحاب هذه الطائفة بالنصيحة الخالدة »إذا بليتم فاستتروا«، لكن اعرف انهم سوف يقولون ان هذا ليس ابتلاء وانما دين يؤمنون به ومن حقهم ممارسة
شعائره وطقوسه والاحتفال بأعياده، وسوف تشجعهم جمعيات حقوق الإنسان إياها.. وربما تشجعهم قوي أخري تبحث عن مواطن جديدة للفتنة في مصر بعد ان فشلوا مراراً وتكرارا في الإيقاع بين المسلمين والمسيحيين.. ربما يصل الأمر إلي نتائج وعواقب وخيمة فلم نجد حلا لهذه الاورام السرطانية في مرحلتها المبكرة قبل ان تكبر وتنهش في جسد مصر!
نحن نعلم أن مستعظم النار من مستضغر الشرر، وها نحن امام نار تحت رماد، فماذا هك فاعلون ، كان البهائيون في مصر لايتجاوز عددهم العشرات، ثم تجاوزوا المئات، والآن تجاوزوا الآلاف، وليتهم قانعون بحالتهم، وانما يريدون نشر ديانتهم وتعاليمهم والاعتراف بهم في شهادات الميلاد والوفاة والبطاقات التي تثبت الهوية، واذا كان شعب مصر لم يتنبه الي هذا النشاط بعد، فسوف يكتشف يوما ان هؤلاء الذين يعيشون معه يؤمنون بأن الوحي لازال يتنزل من السماء!!.. وانهم لايؤمنون بأن محمدا عليه الصلاة والسلام آخر الانبياء والرسل، بل يؤمنون بأن »بهاء« هو نبيهم الذي ظهر في القرن التاسع عشر!.. وانهم يقدسون الرقم ٩١ والسنة عندهم ٩١ شهرا والشهر ٩١ يوما، ولهذا فإنهم يصومون في العام تسعة عشر يوما فقط.. اما الحج فيكون إلي عكا في فلسطين، ولا وجود للجنة والنار، ولا للملائكة والجن، والكتاب المقدس عندهم ليس الانجيل أو التوراة أو القرآن وانما كتاب اسموه بـ »الأقدس« وهو كتاب وضعه مؤسس ديانتهم البهاء حسين!
.. وهم يحاولون نشر ديانتهم بين الشباب غير الواعي والفقير علي اعتبار انهم يؤمنون بجميع الانبياء والرسل وان الله واحد أحد، وما ان يندمج العضو الجديد حتي يبدأ اقناعه بعالمية الدين وان الصلاة ليست كما نزلت علي نبي الله محمد عليه السلام، ولا الصيام ، ولا الحج، ويكون العضو قد تورط، وهكذا يمكن ان نجد بعد فترة من الزمن اننا امام جماعة ضعط لها مطالب تدعو عامة الناس الي السؤال عنهم ومعرفة معتقداتهم ووقتها قد تحدث المواجهة التي لايعلم سوي الله مداها .. ولعل ماحدث في صعيد مصر يكون النزير وناقوس الخطر الذي يوقظنا قبل فوات الآوان!
.. علينا ان نتنبه -ايضاً- إلي جماعة أخري تسمي نفسها بـ »القرآنيين« وتدعو لهدم السنة الشريفة والاكتفاء بالقرآن الكريم!!.. والمخطط انه بعد ترك السنة ستكون الدعوة لترك القرآن!.. هذه الجماعة موجودة في مصر وتم القبض علي اعضاء منها وتقديمهم للمحاكمة قبل خمس سنوات!.. فماذا لو استيقظنا يوما في مصر لنجد البهائيين والقرآنيين وغيرهم قد ايقظوا فتنة جديدة؟!.. اقولها من الآن لاتحملوا اجهزة الأمن المسئولية وحدها لتهرب باقي مؤسسات المجتمع وانما هي مسئوليتنا جميعا، اذا كنا نحب مصر فعلا، وليس في كلمات الأغاني فقط!!
.. انه أمن مصر..
.. وحق الله علينا..
.. ولاتنسوا ان هذه الطوائف سواء البهائية أو القرآنيين نشأوا في أمريكا، وجاء وابأفكارهم إلي مصر!!
تأملات
جلس ثلاثة من الشباب من ابناء الصالحين في عهد تابعي التابعين، قال أولهم أنا ابن عم ملك البلد، وقال الثاني في فخر: وأنا ابن رئيس الديوان الملكي.. وقال الثالث في فخر يفهم ان لم يكن له حسب ولانسب كصديقيه:
> وانا ابن ا لرجل الذي سجدت له الملائكة!
نظر الصديقان اليه في دهشة، وسألاه عما يقصد.. فقال:
انا ابن آدم!
المصدر: محمد رجب جريدة الحوادث المصرية 8-4-2009م
التعليقات (0)