بني إسرائيل و اليهود
في القرآن الكريم
[الجزء الأول]
ما بين يعقوب وموسى عليهما السلام
(الحلقة الأولى)
أحاول هنا وبالإستعانة بصريح الآيات القرآنية وبعض التحليل المنطقي إثبات أن هناك فرق كبير بين (بني إسرائيل) وبين (اليهود) من حيث الانتماء العرقي... وإنه وإن كان كل شخص من بني إسرائيل يفترص فيه أن يكون يهوديا ؛ فإن كل يهودي ليس شرطا أن يكون من بني إسرائيل..... وهو ما يقودنا أيضا إلى تعرية اليهود من إدعائهم بالسامية والتي لا يحق سوى لنسل يعقوب عليه السلام (بني إسرائيل) التعلق بها والإنتساب إليها.
بني إسرائيل هم أبناء يعقوب عليه السلام (وإسمه إسرائيل) وعددهم 12 ولد ذكر أسماؤهم حسب السن هي: روبيل / شمعون / لاوي / يهوذا / دان / نيفتالي / جاد / أشير / إيساخر / زابلون / يوسف عليه السلام / بنيامين.
وأطلق على هؤلاء الأبناء فيما بعد مسمى (الأسباط) . ومن نسل هؤلاء الأسباط جاءت شعوب بني إسرائيل المشار إليها في القرآن الكريم.
وتجدر الإشارة إلى أنه ومن بين هؤلاء الأسباط بني يعقوب (إسرائيل) من صلبه مباشرة لا يوجد سوى نبي واحد هو يوسف عليه السلام... ولكن جاء من نسلهم فيما بعد أنبياء كثر وجاء من أولي العزم المرسلين موسى وعيسى عليهما السلام.
وأما الأنبياء الذين من نسل إبراهيم الخليل عليه السلام فقد كان بعضهم من نسل إسرائيل عليه السلام والبعض الأخر من نسل تؤامه العيص ..... ويعقوب (إسرائيل) و العيص كلاهما أبناء إسحق ولكن النبوة تحققت ليعقوب عليه السلام دون تؤامه العيص.... ومن ألأنبياء الذين جاءوا من صلب العيص أيوب عليه السلام.
وكان هناك أنبياء ممن جاء من نسل أبناء آخرين لإبراهيم الخليل ومنهم شعيب عليه السلام الذي ينحدر من صلب مدين بن إبراهيم الخليل .
ومن نسل وصلب اسماعيل بن الخليل عليهما السلام جاء أشرف الخلق ومن أشرقت الأرض بمولده وبرسالته رسولنا العظيم صاحب الشفاعة والحبيب المصطفى الخاتم محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم.
وكان إبراهيم عليه السلام بعد وفاة السيدة سارة قد تزوج من كل من قنطورا بنت يقطين الفلسطينية (الكنعانية) وحجون بنت أمين فولد له 11 ولدا هم : مدين (جد شعيب عليه السلام) / زمران / سرح / يقشان / نشق / كيسان / سورج / أميم / لوطان / نافس / وهناك آخر مجهول الإسم .
وعليه يكون جملة أولاد إبراهيم عليه السلام الذكور 13 ولدا.
وأما آل عمران فهم أيضا من نسل إبراهيم ولكن جاء ذكرهم من بين من اصطفاهم الله عز وجل على العالمين على انفراد للخصوصية التي تفرد بها مولد عيسى المسيح عليه السلام من دون أب . وكانت أمه هي السيدة مريم العذراء بنت عمران . .... وعمران هو إبن باشم بن أمون وينتهي نسبه إلى داود عليه السلام الذي ينتهي نسبه إلى إسرائيل (يعقوب) بن إسحق بن إبراهيم عليهم السلام.
أما اليهود فهم خليط من الأجناس والأعراق أمنوا (إلى جانب بني إسرائيل) برسالة موسى عليه السلام في مصر واتبعوه قائلين له (هـدنا معـك) إلى الحق .. وهدنا بمعنى عدنا .... وهذا الخليط من الأجناس كان بعضه قبطي من أهل مصر وأكثرهم من الأجانب الوافدين إلى مصر الفرعونية إما طلبا للرزق أو يصفة رقيق مستجلبين من أسواق النخاسة للعمل في مهن لا يقبل عليها القبطي ... وفي طبقة العبيد هؤلاء الأبيض والأسود والوثني وأبرزهم السامري (من العراق) الذي كان يعبد الأبقار فصنع لهم العجل الذي عبدوه في فترة غياب موسى عليه السلام مدة أربعين يوما ذهب فيها للقاء ربه .... ومنهم الأحباش وعبدة النار وهلم جرا ..... وهؤلاء خرج معظمهم تقريبا من مصر في معية موسى عليه السلام للتخلص من قيود الإسترقاق والعبودية ........ ومن نسل هؤلاء الخليط جاء من اصطلح على تسميتهم لاحقا باليهود .... ومنهم كذلك أجناس أخرى ممن آمن برسالته لاحقا في الشام والعراق واليمن وعامة المشرق بعد خروجه من مصر وخلال فترات التيه ثم الشتات وهجرتهم للإقامة شراذم وأشلاء في كل بلدان العالم خلال العصر الحديث.
إذن وبمرور السنوات وتعاقب الأجيال 4000 عام ميلادي تقريبا أو يزيد ما بين بعثة موسى عليه السلام وحتى تاريخه اختلط حابل هؤلاء بنابلهم أولئك وغض العامة البحث والاستقصاء في التفاصيل فلم يعد العامة والبسطاء في العالم يعرف غير اليهود أتباع الديانة اليهودية التي نزلت بها التوراة . ومضى الأمر على هذا المنوال إلى أن جاء اليهودي الألماني هرتزل فابتدع الصهيونية ونادى بتحقيق حلم اليهود في وطن واحد يجمعهم واستقر الراي على تسمية هذا الموطن بدولة (إسرائيل) .. أي دولة (يعقوب) والد (يوسف) عليهما السلام حتى يكون لها بعدا وعمقا دينيا... أو كأنه يريد أن يعطي انطباعا للآخر بأن كل اليهود إنما هم بنو إسرائيل .. وقد صدقه في ذلك العديد بل وربما (الأعداء) قبل الأصدقاء.... و(المتضررين) قبل المنتفعين.
وفي واقع الأمر فإنه وقبل بزوغ فجر الإسلام وتنزيل القرآن الكريم وما صاحب ذلك من انتشار الوعي والمعرفة والثقافة وسط العرب وأهل المشرق عامة لاسيما أهل فارس منهم . ولم يكن حتى العرب يخاطبون أو يعرفون هؤلاء إلا بمسمى (اليهود) .... وكذلك فإن العالم أجمع من غير المسلمين لاسيما العامة لا يعرفون حتى في زماننا الحاضر هؤلاء إلا بمسمى (اليهود) .. ولا وجود لمسمى (بني إسرائيل) في الذاكرة العامة للبشر سوى تلك التي لدى المسلمين والذين للأسف وبعد 1400 سنة من البعثة المحمدية نرى معظم العامة من المسلمين لا يفرقون بين (بني إسرائيل) وبين (اليهود).
وربما لأجل ذلك اختلط الأمر على البعض فظن أن اليهود هم بالضرورة بنو إسرائيل ..
.. وكان البعض ولا يزال يتساءل في دهشة وإستغراب عما إذا كان يهودا يتعمدون قتل المدنيين الفلسطينيين بغرض سرقة أعضائهم البشرية والمتاجرة فيها أو قتلة ومجرمين وقادة عصابات وسفاحين بدم بارد من أمثال مناحم بيجين وشارون وغولدا مائير وموشي ديان وكاهانا وشيمون بيريز وليبرمان ونتنياهو وإيهود باراك وهلم جرا هم حقا من نسل بني إسرائيل ؟؟. .....
ولعل في هذا التوضيح الذي تم بشأن الفرق بين بني إسرائيل واليهود ما يشفي الغليل ويجيب على مثل هذه التساؤلات المنطقية.
.............
وقد أبان لنا القرآن الكريم وعلى نحو لايدع مجالا للشك أن اليهودية كديانة إنما جاءت مواكبة لنهوض موسى عليه السلام بالرسالة وتبشيره بها .. بل أن المثير للدهشة أن التوراة لم تنزل على موسى إلا بعد أن آمن وتهود بني إسرائيل في مصر واتبعوه واتبعه غيرهم من أجناس وأعراق متناثرة كانوا موجودين في مصر كما سبق وذكرنا .....
ولأجل ذلك يقول عز وجل : "أم تقولون إن إبراهيم وإسماعيل واسحق ويعقوب والأسباط كانوا هــودا أو نصارى" البقرة (140).
(يتبع حلقات أخرى بإذن الله)
التعليقات (0)