أكد عبد الاله بنكيران، رئيس الحكومة، حرص الحكومة على تعزيز الهوية الوطنية الموحِّدة مع الانفتاح على الثقافات والحضارات.
موردا ضمن تقديمه البرنامج الحكومي، ظهر اليوم الخميس 19 يناير أمام البرلمان بغرفتيه، أن الحفاظ على الهوية المغربية المميزة ومتعددة المكونات والمتنوعة الروافد وضمان إشعاعها يتطلب "الارتكاز على سياسة مندمجة للنهوض بها وتعزيز مكانتها ودورها في ضمان الوحدة وصيانة التنوع وترسيخ القيم الوطنية وتقوية الانتماء للوطن والاعتزاز بتاريخه وحضارته وثقافته ومرجعيته والإسهام في تنميته الاقتصادية والاجتماعية وذلك وفق ما نص عليه دستور البلاد.
وقال بنكيران إن ما ورد في الديباجة الدستورية يمثل "الإطار العام لأهداف السياسة العمومية في قضايا الهوية والقيم عبر العمل على سلسلة محاور يتجلى أهمها في التشبث بالمرجعية الدينية للمملكة وتعزيز المواطنة المسؤولة".
وترتكز هذه السياسة على تعزيز الهوية المغربية التي تتميز بتبوء الدين الإسلامي مكانة الصدارة فيها، باعتبار إمارة المؤمنين المؤسسة الضامنة لحفظ هذه الهوية.
وأضاف رئيس الحكومة أن هذه السياسة تسعى أيضا إلى "الاستمرار في دعم الخطاب الديني المعتدل وتعزيز مؤسسة العلماء ودعم دورها تكوينا وإدماجا وإشراكا باعتبارها المؤسسة العاملة في مجال الدعوة والإرشاد والإصلاح في المجتمع وكذا الاستمرار في دعم دور المساجد والأوقاف ومؤسسات التعليم العتيق.
ومضاعفة الاهتمام بوضعية العاملين في الحقل الديني بما يناسب مكانتهم في المجتمع ويمكنهم من أداء مهامهم الدينية و التربوية". مشيرا إلى أن "أمير المؤمنين الملك محمد السادس هو الراعي لشؤونهم والكافل لقضاياهم والضامن لحقوقهم وملاذهم في ما يهمهم ماديا ومعنويا.
وبخصوص السياسة اللغوية التي تعتزم حكومته تطبيقها، قال بنكيران إن الدستور"أقر توجهات واضحة في هذا المجال تقتضي تنزيلا تشاركيا يرتكز على تقوية اللغتين الوطنيتين الرسميتين العربية والأمازيغية في إطار يحفظ الوحدة ويضمن التنوع، وذلك بالعمل على تطوير وتنمية استعمال اللغة العربية وإصدار قانون خاص بها وإرساء أكاديمية محمد السادس للغة العربية وتمكينها من شروط الاشتغال اللازمة.
وأضاف أنه بموازاة ذلك ستعمل الحكومة على "تفعيل الطابع الرسمي للغة الأمازيغية عبر وضع قانون تنظيمي يحدد كيفيات إدراج الأمازيغية وإدماجها في التعليم ".
وأكد التزام الحكومة في برنامجها بإرساء المجلس الوطني للغات والثقافة المغربية وتفعيل دوره في حماية وتنمية اللغتين العربية والأمازيغية والمكون الثقافي الصحراوي الحساني ومختلف التعبيرات الثقافية واللسانية المغربية، مع "ضمان التكامل والانسجام بين مجموع المؤسسات المعنية بالشأن اللغوي.
كما استرسل بنكيران أن الدفاع عن السيادة والوحدة الوطنية والترابية، شمالا وجنوبا، والمصالح العليا والقضايا العادلة للمملكة المغربية، وفي مقدمتها النزاع المزمن حول الصحراء المغربية.
تعتبر "أولوية الأولويات للبرنامج الحكومي".. وزاد: "الحكومة ستسخر كافة جهودها من أجل الوصول إلى حل سياسي نهائي متوافق عليه لهذا النزاع في احترام تام للوحدة الوطنية والترابية للمملكة.
وستعمل على دعم مسلسل المفاوضات المنبثق عن المبادرة المغربية للحكم الذاتي للأقاليم الجنوبية التي تتسم بروح الابتكار والتوافق والتي وصفها مجلس الأمن، في قراراته الستة المتتالية بالمصداقية والجدية.
ووجهت باسم الحكومة "تحية تقدير وإكبار لجلالة الملك محمد السادس القائد الأعلى ورئيس أركان الحرب العامة" على "العناية التي يوليها للقوات المسلحة الملكية، ولقوات الدرك الملكي والأمن الوطني والقوات المساعدة".
مشيدا بالروح العالية للتفاني والتضحية التي ما فتئ رجال ونساء هذه القوات يبرهنون عليها من خلال مزاولتهم لمهامهم النبيلة..
كمّا تمّ تأكيد حرص الحكومة على "توفير الوسائل الكفيلة بالنهوض بمهامهم في الدفاع عن حوزة الوطن ووحدته الترابية.
وفي الحفاظ على الأمن والاستقرار وسلامة المواطنين"، مبرزا أن الحكومة "ستواصل كذلك عنايتها بأسرة المقاومة وجيش التحرير".
كما ستواصل الحكومة يضيف بنكيران دعمها ل "المجهودات المبذولة من طرف القوات العمومية في مواجهة التهديدات الإرهابية التي تترصد البلاد، عبر توفير الوسائل الناجعة لاستباق أي تهديد قد يمس أمن واستقرار المملكة.
وضمن الشأن الإعلامي أعلن رئيس الحكومة، حين عرضه للبرنامج على البرلمان، بأن النهوض بالثقافة والإعلام الوطنيين، وتقوية انخراطهما في جهود التنمية والتحديث، يمثل "أولوية بالنسبة للحكومة". وقال بنكيران أن هذه الأولوية "سيتم إدراجها ضمن مقاربة مندمجة تقوم على جعل السياسة الثقافية والفنية دعامة لتعزيز الهوية الوطنية والانفتاح على الثقافات والحضارات".
موضحا أن ذلك سيتم باستثمار تنوع مكونات وروافد الثقافة المغربية وتعددها وغناها و"الارتكاز على قيم الحرية والمسؤولية والإبداع والتربية على الروح النقدية وقيم المواطنة وثقافة التطوع وإعادة الاعتبار للعمل وبذل الجهد والخدمة ذات النفع العام كقيم دينية واجتماعية وإنسانية.
وزاد أن الحكومة "ستلتزم بالإجراءات الكفيلة بنهج ثقافة قرب حقيقية من خلال تعميم البنيات والخدمات الثقافية والإعلامية، وصيانة التراث الثقافي والطبيعي وحمايته وتثمينه، وتحسين حكامة الشأن الثقافي وتحديث التدبير الثقافي ومراعاة البعد الجهوي ومواكبة الإبداع والإنتاج والعناية بأوضاع المبدعين والمنتجين ومرافقة الإبداع الشبابي.
وضم البرنامج كون "التنزيل التشاركي والديمقراطي لمقتضيات الدستور تعد سبيلا للعمل على ترسيخ البناء الديموقراطي للبلاد ومحاربة الاختلالات وأوجه الفساد".
حيث قال بنكيران إن الحكومة "ستعمل على ترسيخ دولة القانون والمؤسسات على أساس فصل السلط وتوازنها وتعاونها ومبادئ الحكامة الجيدة وربط المسؤولية بالمحاسبة والحقوق بالواجبات واضطلاع الحكومة بكامل مسؤولياتها وممارستها لمختلف صلاحياتها في نطاق التقيد بالدستور".
وأضاف أن الحكومة ستعمل أيضا على "إقامة تعاون بناء وتواصل مستمر مع البرلمان في إطار الاحترام التام لفصل السلط.
واعتبر البرنامج الحكومي أن إرساء الجهوية المتقدمة وتعزيز اللامركزية واللاتمركز يعدّ "ورشا حيويا لتعزيز الديمقراطية وتطوير وتحديث هياكل الدولة والنهوض بالتنمية المستدامة والمندمجة اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا وبيئيا وتعزيز سياسة القرب".
وأردف بنكيران أن الأقاليم الجنوبية من المملكة ستحظى في هذا الصدد بـ "أهمية خاصة في إرساء الجهوية المتقدمة في انسجام مع مقترح الحكم الذاتي.
حيث ستسعى الحكومة إلى تفعيل دور الجهات في مجال التنمية وتأهيلها لتدارك الخصاص على مستوى البنيات التحتية والخدمات الاجتماعية وتفعيل التضامن بينها بهدف التوزيع العادل لثمار النمو والثروات وتمكينها من الوسائل البشرية والمالية اللازمة لتساهم بشكل فعال في التنمية الاقتصادية والاجتماعية للبلاد وفي الاستثمار الأمثل للمؤهلات والموارد ومشاركة مختلف الفاعلين المحليين والقطاع الخاص في تطوير وإنجاز المشاريع المهيكلة الكبرى وتقوية جاذبية الجهات.
التعليقات (0)