التحدث عن بلد يحمل اسم العراق يدعونا إلى الغوص في عمق التاريخ على امتداد آلاف السنين ويفتح الباب امامنا بالوقت ذاته على أهم وأبرز المحطات والانعطافات المليئة بالتجارب والأحداث، سيما التوقف عند مسلة حمورابي..
تلك الشريعة التي تعد من أقدم الشرائع المكتوبة في التاريخ البشري والتي تتكون من مجموعة من القوانين, ما يعني أن بلاد النهرين يعد من أوائل الدول التي شرعت القوانين لتسيير حياة الفرد المجتمع لئلا يتحول إلى غاية يأكل القوي فيها الضعيف، وهو ما يستوجب على أن يكون العراق بلداً مثالياً تقتدي به الدول والشعوب على مر السنين لا سيما بالوقت الحاضر بالرغم ما مر به من أحداث ووقائع جعلته يقبح تحت سيطرة الغزاة الطامعين بأرضه وخيراته لعقود وقرون طويلة، إلا ان واقعية المؤثرات تدل على العكس حيث أصبح هذا البلد العريق من البلدان الناشئة وحديثة الولادة في جانب الدستور الذي يحكم البلد، بل صار الدستور بعد سقوط اللانظام شماعة تعلق عليها أغلب الأزمات الحاصلة بين الكتل السياسية، سيما المشاكل التي تطفو على سطح المشهد السياسي بين الفينة والاخرة بين بغداد وأربيل.
لقد اصبح الدستور العراقي محطة لانطلاق المشاكل والازمات بدلا من ان يكون المنظم الاساس لحياة الفجر الجديد, فاغلب تلك المشاكل يرى اصحابها بانها دستورية وان على الطرف الاخر الالتزام بما جاء في نصوص الدستور,
قبل ايام وعند عودتي إلى المنزل ليلاً أخذت أقلب بجهاز التلفاز بحثاً عن برنامج يشدني إليه وفي تلك الأثناء ظهرت أحد القنوات الاماراتية وفي أعلى الشاشة (لوغو) فيه سبعة رجال يلبسون الزي العربي، وبعدها ظهر اعلان يدعو فيه المواطنين الاماراتيين إلى الحضور للاحتفال الذي سيقام بمناسبة تأسيس دولة الامارات العربية المتحدة والذي يصادف الأول من ديسمبر المقبل وهو التاريخ الذي تم فيه كتابة الدستور الاماراتي بعد اجتماع سبعة أشخاص يمثلون سبعة قبائل أو امارات ليعلنوا تأسيس دولة الامارات العربية المتحدة بعد يوم من كتابة الدستور،
عند ذلك أخذت أحدث نفسي وأعقد مقارنة ما بين بلدي المثخن بالجراحات والآهات وما بين تلك الامارات التي تحولت في ظرف أربعة عقود من صحراء قاحلة إلى قبلة عالمية للسياحة والتجارة، فلم أجد وجهاً وجيه لعقد تلك المقارنة، وأخذت أقولك : هاهي بنت الاربعين عام اضحت تناطح السحاب بفنها المعماري وامست مقصدا للزوار من اقصى الارض الى اقصاها,
متى يا موطني؟ ألم يئن الأوان لنكون بلداً مثالياً يحتذى به, وذلك إذا أخذنا بنظر الاعتبار أن العمر له (كرامته) وليس السبعة آلاف سنة كالآلف أو القرن أو العقد.
التعليقات (0)