على مدى أكثر من ثلاثة عشر عاماً والدم العراقي ينزف والإرهاب ينهش بأبناء هذا البلد الجريح وأكثر هذا النزيف جاء نتيجة التناحر بين السياسيين الذي إنعكس بدوره على الشارع، فكلما صار خلاف أو تناحر فيما بينهم تحدث الكارثة في الشارع العراقي, حيث توجد مفخخة هناك وحزام ناسف هناك, وعبوة في شارع, وسيارة ملغومة في مول تجاري ويحصد بذلك حياة العشرات بل المئات من أبناء البلد يومياً بسبب هذا التناحر والتنافر بين ساسة إيران وأميركا لأنهم يمثلون أجندات تلك الدول وليس مصلحة العراق, فلو كان همهم بالفعل العراق لما حصل ما حصل في هذا البلد من تردي الوضع السياسي والأمني والإقتصادي.
وكلما حصلت مجزرة بحق العراقيين نرى هؤلاء السياسيين يتراقصون على جراح أبناء البلد حيث الجميع يجعل منها سلماً يعرج فيه إلى مبتغاه ومصلحته, فيجعل منها ذريعة لتسقيط الآخرين ويحولها طريقاً لنفسه نحو مكسب جديد أو مصلحة جديدة, حتى وصل الأمر بهم بأن يسلموا العراق على طبق من ذهب لتنظيم داعش الإرهابي من أجل طموحهم السياسي ومن أجل إرضاء الدول التي تدعمهم ويعملون لصالحها في العراق, فالدم العراقي رخيص جداً عند هؤلاء المرتزقة.
فهم يعتبرون هذه الدماء الزكية عبارة عن قربان للعملية السياسية البائسة فنجدهم يتكلمون ويهاجمون بكل شراسة كل من يهدد مواقعهم ومناصبهم ولا نجدهم يتكلمون بل ولا يهتمون ولو قليلا بالدماء النازفة والتي هي عند الله اشرف من الكعبة، فأين حقوق ضحايا المجازر التي حصلت في العراق في كربلاء وسبايكر والصقلاوية والسجر وجامع سارية ومصعب بن عمير والمقدادية وكل المجازرالتي حصلت في العراق في ديالى وصلاح الدين والأنبار وبغداد وباقي المحافظات لماذا لم نسمع صوتاً لهؤلاء السياسيين يطالب بحقوق ضحايا تلك المجازر أو بحقوق الشعب أو يقف لجانب الشعب في المطالبة بالتغيير ؟! بل نرى إن كل مطالبهم وخلال جلساتهم البرلمانية واجتماعاتهم الحزبية تختص بمناقشة مخصصاتهم وامتيازاتهم, حتى وصل الأمر بهم أن يحاولوا أن يشبعوا كروشهم ويملؤا حساباتهم المصرفية في الخارج على حساب الشعب فراحوا يصدرون القرارات وبحجة التقشف والضائقة المالية التي تمر بها البلاد بسبب فسادهم يصدرون قرارات تأخذ وتستقطع من المواطن المسكين والموظف البسيط فرفعوا نسبة الضريبة والجباية واستقطعوا من رواتب الموظفين البسطاء, بينما رواتبهم ومخصصاتهم وامتيازاتهم خط أحمر لا يمكن المساس بها, بل هم الآن يسعون إلى تحويل حتى التعليم في العراق إلى القطاع الخاص " الأهلي " يريدون أن يجعلوه مقابل ثمن ورسوم واموال !! وبحجة إن الدولة تخسر على الطالب الواحد في العراق أكثر من 13 مليون دينار عراقي !!!.
فإن العراق في ظل هذه العملية السياسية الفاشلة ومن يمثلها من ساسة سراق ومفسدين وطائفيين بحاجة إلى تغيير جذري من الأساس وعلى جميع المستويات من دستور و نظام حكم وكتل وتنظيمات سياسية، وهذا التغيير لن يقوم به السياسيون لأنهم المستفيد الأول والأخير من الذي يجري الآن, فلابد أن يأتي التغيير من الشعب ويجب المطالبة بالتغيير الجذري الحقيقي وحل الحكومة والبرلمان وإلغاء الدستور الفاشل الذي أصبح مصدر تشريع للفساد والمفسدين ذلك الدستور الذي خطته الأيادي الأميركية وأوجبته مرجعية السيستاني, والذي أوجب في الوقت ذاته إنتخاب هؤلاء الفاسدين وسلطهم على رقاب العباد وخيرات البلاد, ليجني بذلك ويل الآخرة وعذابها بسبب ما كتبت يداه من فتاوى أهلك الحرث والنسل وأحرقت الأخضر واليابس, كما يقول المرجع العراقي الصرخي في المحاضرة الثالثة من بحث " السيستاني ما قبل المهد إلى ما بعد اللحد " ...(( الإمام العسكري " عليه السلام " ذكر معاني فيها دلالات واضحة على إنحراف علماء وفقهاء اليهود الذين أفتوا بالباطل ودلسوا وكذبوا مقابل ثمن دنيوي قليل فاستحقوا الويل والعذاب المضاعف في قعر جهنم, فلهم ويل وعذاب شديد جزاءً لما كتبت أيدهم من أكاذيب وفتاوى باطلة, ولهم ويل وعذاب شديد آخر جزاءً لما كسبوا من أموال ورُشا من العوام والسلاطين ثمناً للفتاوى الباطلة والتي منها تشرعن وتبيح التسلط والإحتلال ومفاسده ومنكراته, وكذلك الفتاوى التي تلزم العوام على إختيار أفسد الفساد والفاسدين المفسدين وتسليطهم على العباد ومقدرات البلاد )).
لذلك فإن لا خلاص من هؤلاء الشرذمة الفاسدة المفسدة التي لا تهتم إلا لمصلحتها الشخصية والحزبية إلا بمشروع خلاص الذي طرحه المرجع العراقي الصرخي والذي دعا فيه إلى :
1ـ قبل كل شيء يجب أن تتبنّى الجمعية العامة للأمم المتحدة رسمياً شؤون العراق وأن تكون المقترحات والقرارات المشار اليها ملزمة التنفيذ والتطبيق .
2ـ إقامة مخيّمات عاجلة للنازحين قرب محافظاتهم وتكون تحت حماية الأمم المتحدة بعيدةً عن خطر الميليشيات وقوى التكفير الأخرى .
3 ـ حلّ الحكومة والبرلمان وتشكيل حكومة خلاص مؤقتة تدير شؤون البلاد الى أن تصل بالبلاد الى التحرير التام وبرّ الأمان .
4ـ يشترط أن لا تضم الحكومة أيّاً من المتسلطين السابقين من أعضاء تنفيذييّن أو برلمانييّن فإنّهم إن كانوا منتفعين فاسدين فلا يصحّ تكليفهم وتسليم مصير العباد والبلاد بأيديهم وإن كانوا جهّالاً قاصرين فنشكرهم على جهودهم ومساعيهم ولا يصحّ تكليفهم لجهلهم وقصورهم ، هذا لسدّ كل أبواب الحسد والصراع والنزاع والتدخّلات الخارجية والحرب والإقتتال .
5- يشترط في جميع أعضاء حكومة الخلاص المهنية المطلقة بعيداً عن الولاءات الخارجية ، وخالية من التحزّب والطائفية ، وغير مرتبطة ولا متعاونة ولا متعاطفة مع قوى تكفير وميليشيات وإرهاب .
6- لا يشترط أي عنوان طائفي أو قومي في أي عضو من أعضاء الحكومة من رئيسها الى وزرائها .
7- ما ذكرناه قبل قليل يشمل وزيرَيْ الداخلية والدفاع ويجب تشكيل منظومة عسكرية جديدة تمتاز بالمهنية والوطنية والولاء للعراق وشعب العراق ولا يوجد أي تحفّظ على المنتسبين لها سواء كانوا من ضباط نظام سابق أو نظام لاحق ماداموا مهنيين وطنيين شرفاء .
8- في حال قبول ما ذكرناه أعلاه فأنا على إستعداد لبذل أقصى الجهود لإنجاح المشروع من خلال حث الأبناء والأخوة الأعزّاء من رجال دين وعشائر وشيوخ كرام وعسكريين وخبراء وأكاديميين ومثقفين وكل العراقيين الباحثين عن الخلاص ، نحثّهم للإلتحاق بالمشروع واحتضانه وتقديم كل ما يمكن لإنجاحه .
9- لإنجاح المشروع لابدّ من الإستعانة بدول وخاصة من دول المنطقة والجوار ولقطع تجاذبات وتقاطعات محتملة فنقترح أن تكون الإستفادة والإستعانة من دول كالأردن ومصر والجزائر ونحوها .
10- إصدار قرار صريح وواضح وشديد اللهجة يطالب إيران بالخروج نهائيا من اللّعبة في العراق حيث أنّ إيران المحتل والمتدخّل الأكبر والأشرس والأقسى والأجرم والأفحش والأقبح .
11- في حال رفضت إيران الإنصياع للقرار فيجب على الأمم المتحدة والدول الداعمة لمشروع الخلاص أن تُجنِّب العراقيين الصراع فتؤمِّن مناطق آمنة محميّة دولياً يعيش فيها العراقيون تحت حماية ورعاية الأمم المتحدة ، ونترك جبهة قتال مفتوحة ومباشرة بين إيران والدولة الإسلامية (داعش) يتناطحان ويتقاتلان فيها ولتكن (مثلاً) محافظة ديالى وليستنزف أحدهما الآخر وننتظر نتائج القتال وفي حينها سيكون لنا قرار وفعل مع من يبقى منهما ، فنحن غير مستعدّين أن نجازف بحياة أبنائنا وأعزائنا بحثّهم على دخول حرب لا ناقة لنا فيها ولا جمل بل كل الخسارة والهلاك علينا فلا نرضى أن نكون حطباً لنيران صراعات قوى محتلّة غاصبة طامعة في خطف العراق واستعباد شعب العراق .
بقلم :: احمد الملا
التعليقات (0)