مواضيع اليوم

بلطجية التطبيع

Michael Nagib

2010-02-24 17:58:26

0

منع الكاتب المسرحى المصرى على سالم من السفر إلى إسرائيل يؤكد أننا نعيش فى الآونة الأخيرة مسلسل لا ينتهى من المسرحيات الهزلية أكبر من أن يكتبها ويتخيلها الكاتب والمبدع المصرى ، لكننا وللسخرية بشعب مصر نعيش عصر الإنجازات الكبرى والذى جعلها تتقهقر إلى مؤخرة الشعوب العربية .
أصبحت قضية التطبيع بمثابة دين جديد يفرض قوانينه على شعب مصر ويضيف إليهم مشاعر عنصرية مستوردة بالطبع ، وكأن المواطن المصرى ناقص بلاوى وناقص نكسات وهزائم متوالية يأتى هؤلاء العاملين فى الخفاء يزرعون سموم التخلف ويصادرون القوانين والشرائع ويقولون للثقافة المصرية : للخلف در ممنوعة من السفر !!!
لم أجد أى أعتذار يصدر عن وزارة الداخلية أو رئاسة الجمهورية أو حتى عن ديوان البلطجية المنتشرين هذه الأيام يفيد بأنه حدث خطأ فى المنع أو حتى تلفيق التهمة للموظف المسئول زوراً كالعادة بأنه قد أخذته شهامة العروبة وتصرف من تلقاء نفسه لأنه كذباً يكره أولاد القردة وأخوة الخنازير وهى الكلمات التى سئمناها من كثرة التكرار ولم يتعلم منها الشطار !
رئاسة الجمهورية تثبت لرعاياها أن الثقافة مثل لعب القمار والميسر سلعة محرمة ويجب منعها من التداول والسفر ، على سالم ككاتب قد نختلف أو نتفق مع أفكاره لكنه يمثل مصر وليس من حق أنسان أن يحجب عنه حريته ليسئ بذلك إلى حرية مصر وأبناءها.
عندما يؤيد الكاتب على سالم التطبيع فهذا حقه الإنسانى النابع من القيم التى يؤمن بها، لكن نجد من يصفون أنفسهم بالمثقفين المصريين الرافضين للتطبيع يشطبون أسمه من أتحاد الكتاب ولا أعرف بأى ثقافة أو أدب أو علم قد تثقف هؤلاء وبأى قانون تسمح الدولة بحرمان مواطنيها من حقوقهم الشرعية سواء فى التطبيع أو عدم التطبيع ؟
فالنتيجة الحتمية لهذا التهريج الثقافى هو ما قامت به الحكومة أو الحزب الوطنى وهما وجهان لعملة واحدة بمنع الكاتب على سالم من السفر إلى إسرائيل لأستلام شهادة دكتوراة فخرية أو جائزة عن أعماله وهو تكريم من دولة لنا معها علاقات كاملة ، وهذا المنع الغير قانونى يعنى أن مصر وشعبها ليسوا فى يد مبارك رئيس كل المصريين بل مصر الآن فى أيدى عبدة الدكتاتورية والظلم والظلام .
لا معنى إطلاقاً لكل ما يدور فى كواليس لصوص الثقافة وحرية الأبداع المصرى الرافضين للتطبيع مع إسرائيل ويعتبرونها عدواً لدوداً بعد أن أستردت مصر كل أراضيها ، هذا العداء اللعين هو ثمرة من ثمرات ثقافتهم التى لا تعرف إلا الكراهية والحقد الدفين ، تلك الثقافة التى لا تعرف معنى كلمة التسامح أو الحب أو السلام ، ثقافة المرضى بداء أوهام الماضى وشياطينه التى توسوس لهم بأباطيلها المدمرة لكل ثقافة تنادى بالتعايش السلمى بين الشعوب ، يكفى أن نعترف أن فى إسرائيل شياطين كثيرة كذلك لدينا فى أوطاننا شياطين كثيرة ، والشياطين لا ترى إلا شرور الآخرين وتجسمها حتى تحجب الرؤية عن عيونها ، فهل نكف عن إعطاء ثقافة التشنج مكان الصدارة فى حياتنا اليومية ؟
متى تنتهى تلك القوانين الطائشة التى تشوه جمال أمتنا المصرية ؟ متى يصدر وزير الداخلية أو رئيس الوزراء قراراً فورياً بالتحقيق فى هذه الواقعة ومعاقبة المسؤلين عنها ؟ إن صمت الوزراء والرئاسة المصرية عن هذا الموضوع يعنى أنهم متفقين مع مراكز القوى الفاسدة المنتشرين فى هيئات مصر ، فهل سنجد التدخل السريع من المسؤلين الحقيقيين لإنقاذ ما يمكن إنقاذه للحد من سيطرة أعداء الوطن المصرى ؟
كفانا تفريط فى ثقافتنا وحضارتنا وحريتنا وحقوقنا الإنسانية ، وعلى الجميع إلتزام تنفيذ القانون المصرى وليس قانون الطوارئ ، وأن نثبت قدرة المصرى على التعايش مع الزمان والمكان لأنه إنسان صانع حضارة وليس مستعمراً ناقلاً ناهباً لحضارة الآخرين !

2005 / 6 / 4




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !