القرصنة كفعل هي عمل يقصد من ورائه الربح المادي أو المعنوي لشخص أو مجموعة معينة على حساب شخص آخر أو مجموعة من الأشخاص. وهو فعل إجرامي يعاقب عليه القانون.
فالقرصنة على اختلاف أشكالها وألوانها تبقى مجرد كلمة بالنظر إلى أبعادها المختلفة وطرقها الكثيرة, فالمغرب يمكن أن يأخذ لقب "بلد 30 مليون قرصان" عن جدارة واستحقاق ويمكن أن نفتخر بهذا اللقب ونتخذه شعاراً أبدياً لنا نحن المغاربة.
فالقرصان في بلدنا لا نطلقه على فقط على قراصنة الأقراص المدمجة أو قراصنة الإنترنيت والذين يكسبون رزقهم من إبداع وجهد الآخرين لكننا نطلقه على الجميع ممن يمتهنون طرق التحايل والسرقة, فالفنان أو المغني أو السينمائي مثلما يكون ضحية القرصنة يكون جلاداً من جهة أخرى لأنه يقرصن أعمال الآخرين بدون وجه حق حيث يكسب من ورائها ثروة, ويكفي ما وقع لبعض الأغاني المغربية الخالدة التي ذهبت إلى مصر وكسبت من ورائها للأسف شركات مصرية عملاقة وظفت وجوهاً مغربية اختارت مصر كبداية للعمل الفني وخصوصاً الغناء وكذا لسهولة الشهرة حيث يمكن فقط لأي واحد منا يتوفر على أدنى الشروط للغناء مثل الصوت وأن يختار العامية المصرية أو الخليجية
ويسرق من بلده المغرب بضع أغاني خالدة ويغنيها بأسلوب آخر ليتمكن له أن يصبح مشهوراً في خمسة أيام وبدون معلم ومن بين الضحايا "عائلتا مكري و شقارة" العريقتين في الفن في المغرب حيث هاجرت أعمالها الخالدة بدون جواز سفر وخارج القانون.
فالبنكي والتاجر ونادل المقهى وسائق الأوتوبيس وسائق التاكسي والأستاذ والمعلم والطبيب والطالب والشرطي والدركي والفقيه وحفار القبور والمشعوذ والمغني والفنان والموظف العادي والقائد والخليفة والقاضي والمحامي ورؤساء المجالس القروية والحضرية والنواب والبرلماني والوزير ورئيس الوزراء …الخ… كلهم قراصنة ومتحايلون.
فالبنكي يستغل سذاجة زبنائه خصوصاً الأميات منهن اللواتي يعشن فقط من معاشات أزواجهن حيث يعمد إلى اقتطاع ما تيسر له من معاش تلك الأرملة المسكينة التي لا حول لها ولا قوة, تأخذ المسكينة تلك البركة من النقود وتنصرف غير عارفة بما فعله البنكي. لذلك نجد طائفة كبيرة منهم يحصدون من عملهم المربح الملايين والدليل سياراتهم الفاخرة وفيلاتهم الضخمة وابناؤهم الذين يدسون في المدارس الخاصة ويعلمونهم أسس الاقتصاد وطريقة كسب المال بكل الطرق. أما المدرسون أو أساتذة التعليم العمومي فتراهم في كل المحاضرات يدافعون عن مجانية التعليم ويذهبون بأبنائهم إلى المدارس الخاصة ويمطروننا بخطابات وهمية خاصة بالديمقراطية في كل انتخابات محلية أو برلمانية وهم كثيرون من أصحاب اللحي القصيرة والابتسامة الجميلة ويتكلمون الديمقراطية ويشغلون مناصب فارغة في المعارضة وبدون أي قوة تشريعية أو تنفيذية فالأستاذ يستغل مكانه الحساس أي التربية والتعليم ليشحن تلامذته بأفكار حزبية سياسية تهيمن على اختياراته الشخصية وميولاته حين دخول الجامعة.
أما التاجر فهو قرصان بالفطرة ولا مجال للشك في ذلك لأن السلع غالباً ما تكون مقرصنة كالدقيق المدعم بمائة درهم المخصص للطبقات الفقيرة حيث يعمدون إلى مسح الطابع الأحمر ب "الدوليون" ويجعلون ثمنه 180 درهماً وهذا مثال واحد فقط عن طرق التجار في الكسب وهناك طرق أخرى كثيرة كبيع مواد فاسدة حيث يغيرون تاريخ "انتهاء الصلاحية" كالدقيق والسكر و بعض المواد الأخرى الأساسية في حياة المواطن المغربي البسيط. فليس غريباً أن تتساءلوا لماذا التسمم يصيب فقط المواطنين البسطاء.
أما النادل فهو العقل المدبر لكل قرصنة تحدث في أي مطعم أو حانة هذا بالاتفاق التام مع المدير أو المسير فهو يفعل كل شيء ما عدا واجبه المهني. فعندما تظهر له "الغفلة" في زبون مبتدئ يقدم على إعطائه جعة قديمة أو مفتوحة قبلاً, ويستغل عربدة الزبناء ليزيد من الحساب ويتقاسم الأرباح طبعاً مع المدير و يبحث لكل زبون من زبنائه على فتاة لكي تلهيه وهذه الفتاة أو المومس يأخذ منها النادل المال من أجل كل ضحية لذلك نرى النادلين يفضلون الحانات عن المطاعم لأن الربح في الحانة أحسن من الفندق أو المطعم حيث أن الأرباح الصافية الشخصية لكل نادل تتراوح من 1000 درهم فما فوق.فالنادل دائماً يسقط في مشاداة مع الزبناء تتحول في أحيان عدة إلى عراك بالأيدي ليتدخل الحراس لفض النزاع وطرد المتعاركين. أما سائق الأوتوبيس والمكلف الشباك فهما لصان فلا يمكن وصفهما إلا بهذا الاسم"مع من شفتك شبهتك" بداعي أن الاثنين يوقعون اتفاقية شراكة مع اللصوص "لصوص الهواتف النقالة وحافظات الجيب"حيث أنهم عندما يصلون بالأوتوبيس علامة" قف" أو "الضوء الأحمر" يعمدون إلى فتح الأبواب لدخول أشخاص غريبين من البابين الأمامي والخلفي مع العلم أن صعود الركاب أو نزولهم ممنوع في "علامة قف"وأول نظرة إلى هؤلاء توحي بأنهم لصوص"سيماهم في وجوههم" وذلك لآثار ضربات الخناجر في وجوههم فتراهم في آخر كل خط يمد اللصوص إلى المكلف بورقة الركوب جزءاً من الصيد الثمين. أما سائق التاكسي فقرصان كذلك لأنه يضعك بين خيارين أن تدفع ضعف مبلغ الركوب أو أكثر في كل مناسبة دينية مع العلم أن استغلال المناسبة الدينية للكسب بطرق غير شرعية ممنوع في القانون.
أما الطبيب فينتظر "بقشيشاً" أو "التدويرة" ويسعى دائماً إلى خدمة من يعطي أكثر ويطل عليه مرة كل ليلة فالممرض عندما لا تكفيه أجرته الشهرية تجعله يبتز أهالي المرضى أو المريض نفسه من أجل خدمات هي في الواقع عمله التي أعطى عليه القسم في بداية مزاولة عمله. ويمكن لأي مريض أن يتوجه إلى مكتب الطبيب الرئيسي في أي مستشفى عمومي ويمد الطبيب شخصياً ب
100 درهم من أجل فحوصات "الراديو" أو فحوصات أخرى دون التوجه إلى الصندوق لأداء 120 درهماً والانتظار لعل وعسى تصل نوبته. هذا إن كان ثمن الصندوق ما زال 120 درهماً لأننا ألفنا تغير أثمنة الخدمات بين عشية وضحاها.
أما الشرطي والدر كي وحارس السجن والمخازنية ورجال السلطة والقائد والخليفة والمقدم ورؤساء المجالس القروية والحضرية والنواب, فهم قراصنة من طينة رفيعة ولا داعي لذكر اختصاص كل واحد منهم لأنها ظاهرة للعيان ولا يحتاج اكتشافها إلى أي مجهود عضلي أو فكري فقط يمكن إبقاء العينين جاحظتين لرؤية العجب. أما الفقيه وحفاري القبور والمشعوذين فهم في كفة واحدة فالأول يمارس طقوسه تحت ظل المسجد ويستغل سذاجة النساء , أما الثاني من حفاري القبور فيعمدون إلى إلى استغلال حرمة القبر من أجل مكاسب مادية ضخمة من النساء اللواتي يردن إنجاب الأطفال أو إلحاق الضرر بأحدهم أو قصد الزواج حيث أن نفس الشخص الذي يحفر القبر ودافن الميت ومثلي القرآن عليه في النهار يصبح في الليل نابش القبور. أما الثالث فهو المشعوذ وهو يستغل الحالة النفسية لزبنائه للتلفظ بترهات وأكاذيب لا تسمن ولا تغني من جوع
مثل "فلان وضع لك سحرا في "مقبرة" أو "تحت الأرض" أو في "فم القط" أو في "كرش الذبابة"…الخ…
ومن هنا يتضح مدى النقص الذي تعاني منه النساء في العقل والإدراك …حيث يصدقن كل ما يٌقال لهن دون أدنى تفكير … لذا سنضع المشعوذ ضمن لائحة القراصنة الذين يدمرون المجتمع. وننتهي من قائمتنا التي لا تنتهي, فهناك الطالب والوزير ونواب الأمة ورئيس الوزراء, حيث أن غالبية الطلبة في المغرب غشاشون, يجعلون من النجاح شيئاً مستحيلاً لو أنهم لم يقدموا على الغش فعدد الغشاشين في المغرب في صفوف الطلبة يمكن أن تصل 99 في المائة فيما أن النسبة المتبقية يمكن أن تحصر في الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة لإيمانهم بالعمل وكدهم وبذلهم لأقصى مجهود وكذا لإيمانهم بتحقيق أهدافهم وطموحاتهم على الرغم من كونها بسيطة. أكبر مثال"أولمبياد بيكين" حيث صدق إيمان ذوي الاحتياجات الخاصة ونجحوا في حصد الميداليات وتشريف
الوطن, ولم ينجح غش أبطالنا الوهميين الكرتونيين والذين لا حول لهم ولا قوة وخرجوا من المنافسات بخفي حنين أقصد ميداليتين يتيمتين فضية ونحاسية. أما وزراؤنا أملنا في المستقبل فالله وحده أعلم حجم ما يفعلونه في أروقة مكاتبهم الفاخرة من صفقات لا يمكن أن نقول إلا "الله يرحم ضعفنا" هذه الصفقات التي دأبت صحافتنا المستقلة على الدخول إلى بواطنها وأعماقها وفضحها للرأي العام الذي لا يعرف غير ما يمليه عليه "البراحون" في القناتين الأولى والثانية أما رئيس الوزراء, أقصد الوزير الأول "فحدث ولا حرج" لا شيء يدعوا للصمت فالفاسي جعل من المغاربة شعباً اتكالياً ضعيفاً متهاوناً شعباً لا يمكنه أن يٌنتج إلا بواسطة الطرق التي أخرجها الفاسي ودشنها وأعطى انطلاقتها منذ زمن طويل من قرصنة وتحايل ولصوصية , فالفاسي عندما سرق الأمل من 30.000 شاب مغربي وقرصن بذلك مالهم وأذلهم وتخلص منهم بسهولة حين جعلهم ضحايا ما يسمى "النجاة" والعهدة على "النجاة" يا ضحايا "النجاة" فالفاسي بريء وأنا بريء مما قلت وسأقول.
نخلص إلى أن الحال في هذا البلد يدعوا إلى التقيؤ والغثيان وبعد مدة ربما خمس أو عشر سنوات إذا ما استمر الحال على هذا النحو سيكون هناك قانون ساري المفعول من إخراج الفاسي وأصدقائه وأصهاره الذين وبالمناسبة نتمنى لهم مقاماً كريماً في كراسي حكومتنا, هذا القانون يشبه إلى حد كبير قانون الغاب فالأسد يأكل الغزال "وتوم يأكل جيري" أقصد القط يأكل الفأر والفاسي يأكل السوسي وهكذا … إلى أن تنتهي السلسلة الغذائية "شي يأكل شي".
deelyara@yahoo.fr
عبد الله بولحيارا
التعليقات (0)