بلبل يهزم الطاغية / قصيدة
للشاعر/ إبراهيم أبو عواد .
..........................
ذُبابةٌ تَنحدرُ مِن عَائلةٍ مُفكَّكةٍ
وتمتصُّ عَرَقَ الفلاحين
في الحقل الذي تُراقِبه
وِزارةُ الإِبادةِ الجماعيةِ
والغَرْبُ يُشَرِّحُ جَسَدَ المرأةِ
على مَوائدِ المقامِرِين
قِطَعاً متساوية الحجم
ويُسَمِّي ذلكَ حُقوقَ المرأةِ !
والأعرابُ يَحْملون الجواري
في عَرباتِ الفياغرا
ويَركضون خَلْفَ جَائزةِ نُوبل
بُلبلَ الأعاصيرِ
اصْعَدْ مِن هَزيمتكَ في مَعركة الظلالِ
وادفنْ دُموعَكَ في جُثمانِ خَجَلِكَ
هَل خَجلوا مِنَّا حِينَ قَتلونا ؟!
لا تتَّسعُ قُبَّعةُ الطاغيةِ للزَّهْرِ والينابيعِ
وَدِّعْ مَحاصيلَ الذُّرةِ
واحْرِقْ ظِلالَ نَعْشِكَ بِوَهْجِ رُموشِكَ
وانطلقْ أَجْنحةَ عُقْبان
اكسرْ أَوْثانَ الذاكرةِ
كَحجارةِ الدُّومينو
واعْبُرْ حُقولَ الياقوتِ الدَّمويِّ
كَي يَنكسرَ مُسدَّسُ الشَّيطانِ
أُصِيبَ الطاغيةُ بالصُّداع
مِن كَثْرةِ القَتْلِ
وقالَ لأظافرِه :
(( غَداً نُكمِل القتلَ ! ))
قَارَّاتٌ عَاقِرٌ كَصَخرةٍ مُتَّشحةٍ بالزِّئبق
بَاضَت حَمَامةٌ عَلى جُذوعِ البَارودِ
في عَرينِ الأشلاءِ
وَقُوَّاتُ الأمنِ تُلاحِقُها
وَتَفرشُ السُّمَّ على صَخْرٍ مُشَقَّقٍ
كَرِداء حَضارة الذِّئب
وَذَلِكَ المساءُ في جِلْدي
أكثرُ نَقاءً مِن خُدودي
في الشِّتاءِ القَريبِ مِن سَيْفي
تنهارُ رَاياتُ الثعالبِ
على خَاصرةِ الجليدِ الحادَّةِ
كَحَوَافِّ الميناءِ القديمِ
الذي شَهِدَ أعراسَ السَّمكِ
مَقابرُ القَياصرةِ تَركضُ
في بَساتينِ صَوْتي الحزينِ
وَبَيْنَ أضراسِ الضَّوْءِ
يَمدحُ القاتِلون القاتِلِين
اقْتُلي فَحيحَ غُرفِ التَّعذيبِ يَا صَوَاعقُ
الشُّموسُ العُشبيةُ تَسقطُ
في دَمِي الأبيضِ
أَفْتحُ نَوافذَ الوَداعِ لِوَرْدةٍ مَجْهولةِ النَّسَبِ
سَتَقْصِفُها طَائِراتُ الغُزاةِ
وصَمْتُ الأغنامِ يَحْشو الرَّصاصَ في البَنادقِ
وَبُوصلةُ الثَّوْرةِ تَكْسرُ التماثيلَ المنصوبةَ
عَلى أصابعِ أطفالِنا
كُلُّ سُفنِ القَراصنةِ بُرتقالةٌ
عَلى نَصْلِ المِقْصلةِ
أَقتلعُ مِن حَناجِرِ السُّنونو
عَاصِمةَ الفِطْرِ السَّام
أَنزعُ سَجائرَ الفِرنجةِ
مِن عِظامِ الشُّطْآنِ
نَزِيفُ البُرتقالِ عَلى نُحاسِ سَاعاتِ اليَدِ
نَشيدُ الرِّماحِ عِندَ الغُروبِ
وَخَريرُ الماءِ يُحصِي عَددَ الأسئلةِ
التي يَطْرحُها المحقِّقون على الثائرِ
حَضَنَ الموجُ أطفالَه الصِّغارَ
سَيْفي صَرْخةُ النُّجومِ في لَيْلِ الخوْخِ
أنا صَوْتُ المطرِ في بَراري التَّطهيرِ العِرْقيِّ
وَقَعتْ جَرادةٌ عَلى شِراعِ قَاربي
الذي يَغْرقُ وَلا يَغْرقُ
كُلَّما تَرَسَّبت بَواخِرُ السِّلاحِ
في قَاعِ مَعِدتي
تَجمَّعَ القَراصنةُ
لِسَقْي أزهارِ البَحر
واقْتسامِ جُثَّةِ الشَّاطئ
أَيَّتها الرِّيحُ
اعْتَقِلي تُجَّارَ الحروبِ
للرَّصيفِ البلاستيكيِّ
عَائلةٌ قَلِقةٌ عَلى غِيابه
كَتبت الأعاصيرُ تقريراً غامضاً
عَن حَالتي الصِّحيةِ
وسَلَّمَتْهُ إلى النَّعناعِ
في الجهازِ العَصبيِّ للبُحَيْرةِ
كَفَني مُتْحَفٌ لِلمُراهِقات
أَجْمعُ جُثثَ أَصْدقائي كَطَوابعِ البَريد
فَكُنْ وَسيماً مِثْلَ الهياكلِ العَظْميةِ
لِتَعْرِفَ الفَرْقَ بَيْنَ أرقامِ الزَّنازينِ
وأرقامِ الرَّاقصاتِ
وَكُنْ هَادِئَ الأعصابِ
مِثْلَ الزَّوْجاتِ الخائناتِ
لِتَعْرفَ الفَرْقَ بَيْنَ اكتئابي
والوَسْواسِ القَهْريِّ
وَطنٌ مَاتَ
وَجُثثُ الملوكِ في طُرقاتِ الفِئران
سَقَطَ الصَّهيلُ في بِئْرِ الإِبادةِ
وَالخيولُ تُسَجِّلُ ابْتساماتي
في أَرشيفِ المذْبحةِ
أَعْضائي مُومياءُ الشَّكِّ
وأَعْصابي تَسيلُ عَلى حَيْرةِ أَعْمدةِ الكَهْرباءِ المنْطفئةِ
كَانَ الجسدُ المحترِقُ أثاثاً لِلخَفَافِيشِ
التي تُقدِّسها صُكوكُ الغُفران
يَا زَائِرةَ ضَرِيحي في الشِّتاء
تَغْرَقُ النُّسورُ في خِصْلاتِ شَعْرِكِ
وَالضَّبابُ الأُرْجُوانيُّ
يَرْمي حَوَاسَّه في الظلامِ
كَي يَذبحَ الظلامَ بِخِنْجرِ الذاكرةِ
أُهاجِرُ إِلى الضَّوْءِ
حَامِلاً جُمْجمتي في أكياسِ الشَّفق
ويَدخلُ قلبي في خُيوطِ مِنْديلِ الفَراشةِ
أُمِّي الأُمِّيةُ تَقْرأُ مُؤلفاتِ الرُّعودِ
الجثثُ المعطَّرةُ بِضَحِكاتِ الخريفِ
فَيَا صَدِيقي المشْنوق
اغْتَسِلْ بِدُموعِ أُمِّكَ
وَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ
وَادْخُلْ إِلى قَبْرِكَ
وَاثِقاً بِأكفانكَ المسْتَوْرَدَةِ
عُمري مَسافةٌ ضَوْئيةٌ بَيْنَ ضَريحَيْن
مِن أَجنحةِ الفَراشاتِ
والأكفانُ المسْتَعْمَلَةُ مُعلَّقةٌ
عَلى أبراجِ المرَاقَبَةِ
اكْرَهِيني في الصَّباح
واعْشقيني في المساء
لِيَشْهدَ شَجرُ الصَّنوبرِ
عَلى كَأْسِ السُّم
تَحْتَ شُرفاتِ اللهبِ
لأوَّلِ مَرَّةٍ
أَكتشفُ أَنَّ وَجْهي
لَيْسَ خُيوطَ عَناكبِ الأساطيرِ
أنا العَتمةُ المهاجِرةُ إِلى نُورِكَ يَا قُدُّوس .
facebook.com/abuawwad1982
التعليقات (0)