اسر ينقصها الأولاد لكنها تملك السعادة
"تعتبر نعمة الانجاب من اعظم النعم التي منحها الله للبعض وحرم منها البعض ، فمنهم الذى حزن ومنهم من وضع تلك العقبة خلفه وتطلع إلى المضي قدما في طريق السعادة ، لذلك أثرت طريقا أخر ٍلإعطاء الآخرين أمثلة مقنعه لأسر شبيهة أسر ينقصها الأولاد ولكن لا تنقصها السعادة ، وكانت الأسئلة هي ، ما أثر غيبة الأطفال في حياتهم ؟ ، و إذا كانوا اعتادوا فهل استطاعت العادة أن تنسيهم الحاجة الطبيعية ؟ ، وماذا عن الطرف الأخر ؟ ، وهل رعاية الحيوان خيارا بديلا ؟ ، ومن أين يجدون العوض عن عدم وجود أطفال ؟ ، وما موقف الأهل والأقارب والجيران منهم ؟، وكيف يستطيع زوج أو زوجة أن يعيشا سعداء بلا أطفال ؟، كل تلك الأسئلة وإجاباتها في نص التحقيق التالي ..."
الأبوة الروحية
· يقول الدكتور (ز.ك) أستاذ جامعي أنة قد فات الأوان على التفكير في هذا الموضوع بالنسبة لرجل في العق السادس من عمرة، اعتاد الحياة بلا أطفال منذ ربع قرن تقريبا . وأن الأبوة في راية واسعة المدلول فهي دائرة من الممكن أن تنبسط على أفاق رحبة من النشاط الانسانى ، فليس من الضروري أن يكون الأب والد لأبناء من صلبة فمن الممكن أن يكون أبا روحيا لمجموعة من الطلبة والطالبات ، فقد وجد في طلابه وطالباته هذا العوض عن الأبناء والبنات ، ولا يستطيع وصف النشوة الروحية التي يجدها في حياته عندما يلتقي بأحد طلابه في البيت أو في الشارع فضلا عن الجامعة .
وعن زوجته يذكر أن الأمر كان مختلفا بعض الشئ بالنسبة لها ، فإدراكها بأنها هي السبب كان مصدرا لقلقها و وساوسها ، و لكنه استطاع أن يزرع الثقة في حياتها ، من خلال أعماله و أفعالة التي تنم عن حب عميق لها لا يمكن أن ينتزعه عدم إنجاب أطفال أو لاى سبب أخر .
وبذلك استطاعوا أن يجتازوا معا اشق العقبات ، وبقيت عقبة التطلع إلى ما لدى الأهل والأصدقاء والجيران من زهرات جميلات ، وهنا دفع بزوجته إلى طريق العلم و لإكمال دراستها العليا وقد حققت نجاحا منقطع النظير حتى أصبحت زميلة في إحدى الجامعات .
· و تضيف السيدة ( أ.م) أن عقبة عدم الانجاب ظلت معها وتؤلمها بسبب أفعال الأهل والجيران لها مما دفعها للعمل في التربية والتعليم ، حتى تشبع غريزة الأمومة لديها من خلال التعامل مع تلاميذها الصغار وقيامها بنصحهم وإرشادهم إلى الأفضل ، وبذلك تتلافى معايرة الأهل والجيران لها واستغلال أوقاتها في شئ مفيد.
رعاية حيوان
· و تذكر السيدة (ح. ع) أنها كانت تقوم بتربية القطط والكلاب ومنزلها ملئ بالعديد منهم ويشبهه حديقة الحيوان ، فكانت تعاملهم كأولادها تعتني بهم وتحنو عليهم وتقدم لهم الطعام وإذا مرض أحدهم سهرت إلى جانبه وإذا اقتضى الأمر تحضر له الطبيب .
· وتشير إن الآن قد خفت حدة هذا الاتجاه وذلك عن طريق إحدى صديقاتها والتي شعرت أن طاقات أمومتها سلكت طريقها غير سوى فعاونتها على تغيير ذلك الطريق من خلال النشاط الاجتماعي ، فقد صحبتها صديقاتها ذات يوم إلى دار تضم عددا من الأطفال اليتامى ، وحرصت على أن تتردد معها على تلك الدار لمدة شهرين ، حتى وجدت نفسها غارقة مع هؤلاء الأطفال في مشاكلهم وأحست بين جوانحها نبضا اخذ يرتفع شيئا فشيئا حتى بلغ مرتبة الحب لهم ، ووجدت في هولاء الصغار المساكين أولادا لها . وهى الآن تنتهز كل فرصة لإهداء حيوان أو حيوانين لصديقة أو زميل ، وذلك حتى تكون متفرغة لأطفالها في اقرب وقت .
· وتؤكد السيدة (س.ح)انه كان لديها العديد من الكلاب من نوع اللولو حتى وصل عددهم إلى ثلاثين ،ولكنها شعرت بالرغبة في التعامل مع إنسان لذلك دعت أقاربها للعيش معها في فيلتها حيث أنهم فقدوا والدتهم وبذلك وجدت طريقة لتشبع غريزة الأمومة لديها ، وقد قامت بالاستغناء عن الكلاب التي تقوم بتربيتها .
كلهم أبناؤنا
· ويوضح (ج.ب) موظف إن السعادة تنبع من أعماق الإنسان ، كما للظروف أثرها الكبير في تحديد صورة السعادة وتلوينها بهذا اللون أو ذاك ، و لكن تبقى بعد ذلك شخصية الإنسان وارادتة فهي مصدر للسعادة الأصيل ، فهناك ملايين الأزواج والزوجات الذين يملكون العديد من الأطفال ومع ذلك فأنهم ابعد ما يكونون عن معنى السعادة . كما أضاف انه لايستطع أن ينسى إحدى الليالي في السنة الثانية من زواجه ، بعد إن عرف من خلال التحليلات الطبية انه مصدر العقم فرأى إن يواجه الأمر بشجاعة ترتفع إلى مستوى الموقف لان الزواج ليس رحلة سنة أو سنتين بل انه رحلة العمر كله ، وهى من اجل ذلك تحتاج إلى كل شجاعة وصراحة وبخاصة عندما ترتفع في طريق علامات الخطر الحقيقي فجلس إلى زوجته ، وأعلن لها الحقيقة مجردة بلا عواطف ، وترك لها الأمر في الاختيار وأمهلها شهر لتقرر فيه موقفها النهائي ، وبلا تردد أعلنت رأيها ، وهو إن يبقى لهما عشهما الذى بنوة معا على الحب والفهم العميق ....
وكانت هذه هي نقطة الانطلاق إلى حياة مستقرة تبسط عليها السعادة جناحيها ، ويضيف انه لا يستطيع القول إن صوت الأبوه أو الأمومة قد انتهى في حياتهما . بل انه يأبى إن يعلن عن نفسه بين الحين والأخر ، ولكنه يجد رضاه عند أبناء أخواتنا ، حيث يجده في العطف عليهم و زيارتهم بين الحين والحين حاملين معهم اللعب والهدايا ، ومحتفلين معهم بأعياد الميلاد والمناسبات الطيبة ، ثم في ترددهم الاسبوعى على بيتهم الذى أصبح منتدى لهم .
الارتقاء بالشخصية
· صرحت السيدة (ل.ع) في الثلاثين من عمرها أنها حاولت الانجاب ولكن هل يستطيع احد إن يقف في وجه الأقدار ؟ فإذا كان الجواب بالنفي فلماذا نحاول إن نضع العقدة أمام المنشار ؟ وأشارت إن القدر الذى سد هذا الباب في وجهها قد فتح أمامها أبوابا أخرى .. فهذا هو الواقع ولا تحاول أن تضفى عليه شيئا من تفاؤلها أو تشاؤمها..فعندما ادركت أن هذا الباب مغلق ، فلم تقف امامة وجعلتة مبكى لها .. بل ذهبت إلى الابواب الأخرى ، و ما كادت تطرقها حتى انفتحت على مصرعيها ، كما أكدت أنها تعيش حياة أفضل بكثير من حياة أمهات لهن أولاد وبنات ، فلقد أعادت بناء شخصيتها من جديد .. فراحت تتعرف على عيوبها في كل ميدان فأصلحتها ، لذلك أصبحت عاملة و زوجة ممتازة و صديقة محبوبة ومثقفة ملمة بأهم مشاكل العصر ...... و في رأيها الانجاب ليس هو ما ينقص المرأة فهذه رسالتها الطبيعية ، وكل امرأة تقوم بها ولا فضل لها في ذلك .. أما رسالتها الاجتماعية فهي ما حاولت إن تحققه لنفسها ، رسالة الارتقاء بشخصيتها إلى المستوى الانسانى إلى ليق بأمراة تعيش في عصر الذروة و الأقمار الصناعية والانترنت .
· وتؤيدها السيدة (ص.د) حيث أنها امرأة عاملة تستغل وقتها في العمل ، والنشاط الاجتماعي والثقافي وليس في البكاء على شئ ليس بيدها ، كما أنها حاولت التكفل بطفل ولكن زوجها قد رفض ذلك بشدة ، مما جعلها تقرر التوجه إلى النشاط الثقافي والاجتماعي وتنمية المجتمع من خلال الجمعيات الأهلية المنتشرة بالإضافة إلى عملها . كما أنها أوضحت أن أكثر ما يؤلمها هو نظرة الآخرين إليها فهي ترى نظرات الحزن عليها في أعين أقاربها ، كما تجد من زميلاتها في العمل يجرحونها بإلقائهم كلمات تهكم وازدراء ولكنها لتعيرهم اهتماما حتى تستطيع الاستمرار فى زواجها ، بل وحياتها الطبيعية .
وبعد
إن انهار السعادة من المستحيل إن تنحصر أو تجف في حياتنا..
وكل ما نحتاج إليه هو الإرادة القوية والبصيرة الصائبة ، فالبصيرة تدلنا على الطريق الصحيح والإرادة القوية تزيل الحواجز والعوائق حتى تجعل النهر متدفقا صافيا ، مما يجعلنا نهنئ بحياتنا بل ونسعد من حولنا ، حتى و إن شاء الله بحرماننا من نعمة الانجاب لأنه إعطانا العديد من النعم الأخرى .
التعليقات (0)