قبل فترة وجيزة زفّت إلينا حكومتنا (الداهية) بشرى زيادة رواتبنا التي (نشحتها) من خزائنها الممتلئة ، بعمل العبيد ، وبجزاءٍ كجزاء (سنمارك) ، فهتفنا وهللنا ، وغفرنا لها كل خطاياها (الكثيرة) وعثراتها التي لاتقوم منها أبدا مع كل ما أوتيت من قوة وإمكانات ، وعشنا وهم تحقيق أمنية واحدة على الأقل من جملة أماني ندري سلفا أنها شبه مستحيلة التحقيق ، مع سياسة الدولة المتعمدة لترك مستوياتنا في الحضيض لنظل نحني لها رؤوسنا .. هي أمنية لاتتعدى لقمة عيش نستسيغ طعمها في أفواهنا المضربة ـ منذ عقود ـ عن التذوق والإكتفاء بسد الرمق وبأي شيء حتى ولو كان ورق تواليت ! ..
حكومتنا الموقرة تتلذذ بتركنا مساكين المأكل والمشرب ، وإلا ما كانت لتسمح لنفسها بالضحك على أذقاننا بزيادة شحيحة في أجور إستعبادنا ، تزامنا مع عقد إجتماعات على مستوى القمة لحرماننا من التمتع بطبق لحم ، أو شرب فنجان قهوة بسكر زيادة ، وتغار بشدّة من لحظات فرحنا ، حتى تلك التي تتصدق بها علينا من باب (المراوغة) ! ..
هي مراوغة لئيمة تلك التي تجعل من (اللقمة الطيبة) أملا وسراباً ، وتجعل من المواطنين البسطاء مسرحا للفرجة على إحتراقهم بنيران أسعارمأكلهم ومشربهم ، وحرقتهم بأجورهم التي تتضاعف فتضاعف من آلامهم بتضاعفها ! ..
ولعبة مكشوفة تلك التي تستصغر فيها حكومتنا عقولنا ، وتجعلنا بلهاء كي نصدق بأنها واقفة على رجليها ، وقائمة على رعاية مصالح رعاياها ومتطلبات عيشهم ، وأنها حريصة على تقريب آمالهم المعلقة في السماء وجعلها في متناول أفواههم بحكم قربها من ذات السماء أكثر من أيديهم ، ومن أرجلهم المكبلة بالأصفاد لمنعهم من الهرب من الجحيم ، في الوقت الذي يفر فيه المسؤولون بالمليارات والبليارات خارج الحدود ، للتمتع بالزرقة وبالسمرة والحُمرة والصُّفرة على الجزر في أصقاع العالم دون رقيب ولاحسيب ! ..
مسحة لاإنسانية على رؤوسنا الحاسرة تذكرنا بيُتمنا تحت وصاية سفيهة ، تجود على كل شيء سوى علينا ، وترفع من قيم كل الأشياء سوى من قيمتنا كبشر، فأصبحنا في كنفها نباع ونشترى بأثمان بخسة ، تماما كما كان يحدث قبل مئات السنين في أسواق النخاسة ! ..
فهل تعتقد حكومتنا أننا نصدّق فعلا أن (الإسلام دين الدولة) وما ينفقه مسؤولونا من أموال طائلة على العاهرات في فنادق الخمس نجوم ، هي من بيت المال ومن حق المساكين والفقراء والمشردين على الأرصفة وفي الشوارع والطرقات ؟!.. وأن قرارتها فعلية ، وأنها ليست مجرد (واجهة زجاجية) لقرارات في الحقيقة هي لجنرالاتٍ من أصحاب الخمس نجوم ، يجثمون على صدر الدولة كالنياشين ، تماما كتلك التي على صدورهم ، يرفعون أجور عبيدهم في الوقت الذي يكوونهم بأسعار السلع الغذائية التي تأتي على متن أساطيلهم البحرية والبرية والجوية !..
وهل تعتقد حكومتنا أننا نشعر فعلا أننا في مملكة الرب ، تُحترم فيها مناسكنا وشعائرنا الدينية ، ما دامت قد عوّدتنا على إنتظار (شهر الصيام) لإشعال فتيل المأكولات والمشروبات ، وكأنها تتعمد الضغط علينا للإرتداد عن الملة ، لكي لا ينوبنا من شهر البركة حتى ثواب الصوم عن الأكل ، لحساسية كل المتعلقات بموضوع البطون !.
التعليقات (0)