لا أذكر اسم الشاعر العظيم الذى وردت هذه الحكمة الخالدة فى شعره , هى حكمة تنطبق على كل البشر كأفراد عبر مسيرتهم المضنية فى رحلة الحياة , فكثيرا ما نواجه تحديات وصعابا ترهق أنفسنا وتتعب قلوبنا وتجعلنا نبغض اليوم الذى حدثت فيه ونود شطبه من ذاكرتنا ولكن ما أن تمضى الأيام حتى تفجعنا أحداثها بمستجدات تجعلنا نعتبر أن ماضينا الذى أزعجنا وأبكانا يوما كان هو الأرحم والأحن علينا وعلى إنسانيتنا , هذا على المستوى الفردى أراه يكاد يشمل البشر جميعا , . أريد أن أتحدث على المستوى الوطنى . وهنا أقول بأننا فى مصر كنا ثائرين على عهد الملك فاروق معتقدين بأنه يفرط فى حقوق مصر الوطنية , وأن عصره يفتقر إلى العدالة . وبعد أن قامت ثورة 52 استقبلناها بتفاؤل وحماس بالغين , وبمرور الوقت وظهور الإستبداد والقهر , ووضع إمكانات الوطن فى يد مجموعة من الضباط المرضى عنهم , مما ادى إلى هزيمة 67 , هنا تحسرنا على عصر فاروق وعلى الحريات التى كان يتمتع بها المواطن فى ظلاله . وجاء عصر السادات فاستبشرنا خيرا ومسحنا دموعنا خاصة بعد حرب أكتوبر 73 , ولكن ما لبث السادات أن سلم اقتصاد الوطن إلى مجموعة من المحتكرين , وابتدأ المواطن البسيط يشعر بالمعاناة فى حياته اليومية , وأخذنا نتحسر على زمن عبد الناصر الذى كان أكثر عدالة فى توزيع الثروات . ومات السادات وجاء مبارك الذى وعد أنه لن يستمر فى الحكم ‘إلا فترة واحدة , وأنه سيقاوم الكسب غير المشروع , وقال عبارته الشهيرة ( إن الكفن ليست له جيوب ) , وبمرور الوقت دخلت مصر فى عهده أسود عصورها , وساد السلب والنهب وصار للكفن جيوبا وسراديب , وتقذم دو ر مصر على المستوى الإقليمى والعربى , وزاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر حتى كان يوم 25 من يناير , وقام أنبل شباب مصر من أصحاب القلوب المتوثبة والعقول الحرة بثورة من أشرف ثورات التاريخ . ملأ البشر قلوبنا وارتفعت رايات الأمل فى كل مكان , ومر الوقت , وفجأة رأينا شباب الثورة يسقطون فى الميادين بالعشرات , ويلقى فى السجون منهم بالآلاف , وتشوه سمعة المناضلين الشرفاء بدعوى الاتصال بجهات أجنبية , ويزداد الطين بلة بتسليم أمر الوطن إلى التيار الدينى المتشدد بعد انتخابات هزلية جرى اللعب فيها بعواطف الأميين ودخلت الدعاية الدينية كل مكان وتكدس رجالها أمام اللجان بأجهزة الحاسوب يعطون للبسطاء أرقام لجانهم وعليها أسماء مرشحيهم ,ذلك تحت بصر وسمع المسئولين , وأخيرا سمعنا عن جماعة الأمر بالمعروف التى تريد إرغام الناس على التدين ! . ليس أمامنا إلا أن نتحسر على زمن مبارك رغم شراهة فساده وعنفوان ظلمه . أى وطن انت يا وطنى ؟ ! يامن جعلتنى أتقلب فيك بين الآمال الكذاب , وأراك تنتقل من سئ إلى مخيف . لقد جفت الدموع , وليس أمامى إلا أن أكرر قول الشاعر الحكيم
التعليقات (0)