في المناطق الشعبية هناك عدة أسماء لصنبور الماء فمنهم من يسميه (الحنفية) والآخر (المزملة) والثالث (الطرمبة) وغيرهم (اللولة) لكن النتيجة واحدة يبقى هو أنبوب معدني ينساب فيه الماء من المصادر الرئيسية الى البيوت لتستخدمه العوائل في احتياجاتها،
ومعلوم ان الاستهلاك البشري للماء في الصيف أضعاف ما في الشتاء لذا تحصل شحة في (أصل الحياة) عند اشتداد الحر وإعلان تموز وآب عن حلولهم ضيوفا مفروضين قبل ان يرى مشروع ماء الرصافة النور الذي تطلق عليه أمانة بغداد (الكبير) ويطلق عليه سكان شرق القناة بما فيهم أحياء الحواسم والدوانم واللوبكة والصعيد وعرب عبد العودة (الحلم) . هذا الحلم أو الوليد المرتقب طال انتظاره حتى رأيت بأم عيني كما يقول العرب امرأة اعتزلت الإنجاب منذ زمن سحيق بعد ان داهمتها سنين اليأس وهي تجلس في ربع الليل الأول أمام (الحنفية) منتظرة ان تجود عليها بقطرات ندى تبلل بها جفاف صيفها المعلن شدته في أيار لكن هذه الحنفية تمسكت بعقمها حتى بعد مرور أكثر من نصف ليلها فأمسكت بها وتذكرت أيام إنجاب الأطفال وناغتها كأنها طفلا ينام في مهده وقالت بصوت شجي : ( دللول العطش يمه دللول ماي الرصافة عليل ونام بالجول ووعد الأمانة لازم يطول يمه كتلنا العطش والماي مامش) وبما ان صوت الليل مسموع والعجائز لا ينمن مبكرا والبيوت متلاصقة مما جعلهن يستغربن من ترنيمات جارتهن الذي أصبح اصغر أبنائها جدا فهرعن إليها مستفهمات، ولما وصلن وجدنها تهدهد طفلها المصنوع من البراص على شكل (طرمبة) لكن الوجوم خيم عليهن يوم رأن تساقط دموعها وحرقتها وما كان منهن إلا تطبيق المثل المتعارف عليه بينهن (الدمعة تريد عونه) فشاركنها البكاء والنواعي وبعد فترة توقفت هي وقالت:( أنا ابكي على شحة الماي التي تمر بنا كل يوم وينعم الفايخين به وعساها بحظ الأمانة وكبيرها وبختهم) .
التعليقات (0)