المرجع السياسي للشيعة العرب العلامة السيد محمد علي الحسيني (حفظه الله)
البحرين من دون نفوذ الولي الفقيه
فتح صفحة جديدة من العلاقات بين العرب والنظام الايراني، يتطلب توضيح الموقف الايراني من العديد من الملفات العربية المتباينة، هذه الملفات التي لکل واحدة منها أهميتها وحساسيتها ومکانتها الخاصة، لکنها جميعا وبسياق متصل، تحدد واقع وحقيقة العقب والعراقيل والعقد التي إکتنفت ولا زالت تکتنف هذه العلاقات.
ومن الممکن إعتبار موقف النظام الايراني من الملف البحريني، واحدة من تلك الملفات الشائکة والتي مازال الغموض واللف والدوران يحيطان بحقيقة وواقع هذا الموقف، ولاسيما وان للقضية جذور ورواسب عميقة تمتد الى عهد نظام الشاه يوم کانت مختلف الاوساط السياسية والاعلامية والثقافية تؤکد على مسألة عائدية مملکة البحرين لإيران وتسعى بمختلف الطرق الى تقديم أدلة ومستمسکات عديدة محبوکة بصورة دقيقة جدا ترکز على کون البحرين أرضا إيرانية!
وعلى الرغم من دهشة مختلف الاوساط السياسية والاعلامية المقربة من النظام الايراني او تلك التي کانت قد تفائلت بمواقف إيرانية إيجابية بعد سقوط الشاه، من استمرار المواقف السلبية من قضايا عربية متعددة، لکنها کانت تتوقع(على سبيل أضعف الايمان)، أن يکون الموقف الايراني مختلف تمام الاختلاف حيال البحرين، لکن مرور الايام وتعاقبها وتداخل الاحداث، أفرزت مجددا ذات الموقف السلبي الذي کان سائدا أيام الشاه حيث کررت بعض من الوجوه الايرانية التي تحتل مراکز مرموقة في هرم نظام ولاية الفقيه، نفس تلك المزاعم المشبوهة التي تدعي زيفا ودجلا وکذبا بأن البحرين تابعة لإيران، ولئن تصورت بعض من الاوساط العربية بأن هذه المزاعم هو مجرد کلام من أجل الاستهلاك المحلي، فإن الواقع ولسان حال تصرفات نظام ولاية الفقيه على الارض کان أيضا مشابها ومکملا لهذه المزاعم والتخرصات المشبوهة، ومن هنا، کانت المساعي الحثيثة للأجهزة الامنية الخاصة للنظام، تسير بإتجاه تلغيم الارض البحرينية بخلايا سرطانية تابعة لها والتي کانت أهمها وأخطرها تلك الخلايا المتخفية تحت ستار(حزب الله البحريني)، ناهيك عن خلايا أخرى إتخذت أشکالا ومحتويات ثقافية وفکرية واقتصادية مختلفة، والحق ان هذا النشاط المشبوه والمرفوض وغير المقبول من مختلف الوجوه، کان يستهدف إحکام التأثير السياسي والفکري والامني لنظام ولاية الفقيه على شرائح محددة من الشعب البحريني لدفعه بالتشکيك بنظامه السياسي بداية ومن ثم السعي للوقوف ضده ومواجهته من أجل إحلال نظام سياسي مشابه لذلك الذي يرزخ تحت جوره الشعب الايراني.
ان التدخلات الايرانية المشبوهة في البحرين وبوتائر وسياقات متباينة، قد حملت في مضمونها رسالة مفهومة جدا ليس للبحرين ونظامها السياسي الشرعي فحسب وانما لجميع الدول العربية وللنظام العربي الرسمي بشکل خاص، وان إدعاء النظام عبر تصريحات شفوية و اعلامية معدة لأغراض تمويهية بحسن نواياه حيال البحرين، لايتفق إطلاقا مع هکذا تدخلات وتصرفات غير مقبولة على الارض، ومن حق السلطات البحرينية ان تشکك وتنظر ريبة الى العديد من النشاطات التجارية والثقافية الايرانية وتتحسب منها بل وحتى تتحوط منها أمنيا من أجل إتقاء شرها المحتمل.
اننا کمرجعية سياسية للشيعة العرب، نؤکد بأن الطريق الافضل والاقوم لمعالجة موقف النظام الايراني من البحرين يکمن اساسا في رضوخ هذا النظام لمنطق الحق والصواب والاذعان له من خلال إقراره وإعترافه الرسمي بعروبة الارض البحرينية وزيف وکذب تلك المزاعم الباطلة التي تسعى لجعلها تابعة لإيران، وبغير ذلك، فإننا کعرب من حقنا النظر بريبة وتوجس لموقف النظام الايراني والتشکيك به، وهنا نجد من واجبنا الشرعي والقومي حث أخوتنا من شيعة البحرين الى أخذ الحيطة والحذر من تلك الموجات الثقافية والفکرية القادمة من نظام ولاية الفقيه وعدم إعارتها أي اهتمام بل وحتى إعتبارها عدائية ومناقضة لکل ماهو وطني وقومي واسلامي، سيما وان سموم المواد المخدرة وکذلك الاسلحة المسربة عبر منافذ مختلفة للبحرين من أجل الاضرار والاخلال بأمنها القومي والاجتماعي في سبيل تحقيق أهداف مشبوهة ومعادية لمصالح وتطلعات الشعب البحريني والامة العربية، واننا في الوقت الذي ندعو فيه الى وقف هذه الممارسات العدوانية ووضع حد نهائي لها، فإننا في نفس الوقت نحذر هذا النظام من مغبة الاستمرار بهذه الاساليب المرفوضة على مختلف الاصعدة ومن النتائج السلبية التي ستترتب عليها.
المرجع السياسي للشيعة العرب.
التعليقات (0)