مواضيع اليوم

بـَارْتـْيـَامُـو

رَوان إرشيد

2012-10-11 09:10:16

0



بـَارْتـْيـَامُـو

 


 

مهما ارتقت لغات العالم منذ بداية التعامل بها إلا أنها لم تجد طريقة بالغة الوضوح من أجل إدخال الكائن المقدّس مجال اكتمال قداسته، مما جعل الشعراء و الأدباء و الفنانين و على رأسهم الفلاسفة يختلفون في المنبع و المسار و المداخل و المخارج لتوصيف بعد فهم هذا المخلوق الذي هو: الإنسان.
و من لا يفهم إنسانيته لا يمكن أن يكون إنسانـــا !!! هكذا بدا لـي من أوّل حل لعقد التفكير، لكن الإشكالية أكبر بكثير من أن ألخصها في بضع كلمات منسجمة، لأنه نوع من المخلوقات المتميزة رغم تكرر وجودها عبر العصور، و مع هذا يمكننا أن نصفه بأنه فصيلة رائعة من الصفات و العمليات الآلية و الروحية القائمة على اللحظة التي توجد فيها، عبر نظام كامل من الأفكار و التي تحرّك معصم الأخذ و الــرد.
لقد كانت الفئات الإنسانية تعيش عبر الزمن في فلك غير متساو، و مع أنها اشتكت كثيرا من هذه الموقعة المجحفة إلا أنها بقيت ملازمة لها حتى الآن. و لكم كان الأمر غريبـا و نحن نمرّ على مسار محاولة موازنة المعادلة عبر العنف حينا و المعاقلة أحيانا أخرى، في مشهد يختلط فيه الفرح بالألــم، و لكن دون نتائج ثابتة.
فالبشر ينشد القيم و لا يؤمن بها، و إن هو آمن بها لا يطبقها، و إن هو طبقها لا يحكم عليها بالايجابية، و إن هو حكم عليها بالايجابية، فإنها لا تتكرر أبدا، هذا ما يفسّر غموض الفرد البشري!.
فمن الأكيد أن الأعمار عبر قصرها لا تحدد نهايتهــا، لكنها منتهية لا محالة، و هنا الحد الفاصل بين القيمة المتغيرة و القيمة الثابتة، و الفاصل هو الوقوع على سبيل الإيقاع الموجود، و منه فهو كفيل بإقرار العملية فتقر. و من هذا النموذج يظهر جليا ما مدى قدرة الإنسان على مراجعة الاكتساب لأي أمر جال في إرادته أو بالقرب منها، فيحوله بعد أخذ الإذن من المحيط إلى حقيقة ملموسة تطيعه طاعة لا نظير لها.
حتى أن العمليات التي تخرج للواقع من منبع إنساني هي آليــات حكيمة، تجعل من الوقود الأصلي ميزة فارقة في تأليف الأسباب لنجاح المرجعيات الخالصة، فلا الإنسان هو فاعلها على سبيل الترهيب، و لا الطبيعة هي المستقبل لها بالضرورة على سبيل الترغيب، و إنما كلاهما هو مشارك في المنظومة برمتها على سبيل استخلاص العدول من الوجود سواء كان زائفا أم حقيقيــا.

من غير الممكن أن يكون الفرد الإنساني معزولا، أو أن يتفرّد على غيره من الأفراد على نحو طبيعيّ لمجرّد أنه خلق على ذلكـ، و إنّما تحكم مميزاته الإرادة و العمل على تحقيقها، لأنّ الأهداف عندما تظهر إلى جانب الوسائل، يبقى العقل البشريّ العلامة التي تصنع الفـرق في الحيــاة كلها، سواء غلبة أم صبرا أم تخطيطا أو تنفيذا. هكذا وجد البشر، و هكذا سيبقون إلى نهاية البقيــة.

فعندما يسلّم القوم بالضعف، يخرج من بينهم قائد يعلمهم طريق العــزّة، و يلقنهم دروس شموخ النفس. و التــاريخ الإنساني حافل بهؤلاء الكبــار، خاصة و أنهم أنتجوا نظما و معايير على غير استنساخ، و كأنهم قاموا فأقاموا، و بكوا فأبكوا، و سطروا للإنسانية دروبا لا نهاية لها من البذل و المسير.
لكن !!! و على غير العادة، و بعد بحث طويل، يمكننـا الجزم أنّ العملية التي نتحدث عنها ها هنا، هي عملية معقدة البساطة، بحيث أنها قريبة من كل شخص في هذه المعمورة، و مع ذلك قليل القليل من يتعرّف عليها و يتحكم بها على سبيل إحكام السيطرة عليها و بها على الآخرين.
لأنّ جوانب البشر على اختلافهم ينتمون إلى نقطة واحدة، بها يتطوّرون و يطورون ذواتهم، و العالم أيضا، تلك النقطة تدعى: التركيز على التفكيــــر.
فمجالات الحياة رغم تعددها فهي سجينة عقل القــزم الأزرق، ذلك الذي يلبس جلابة تعتليها الرقع، و التي خيطت بخيوط الوقت و الكلفة، و مع كل هذه الأوصاف فإنّ الزرقة التي ذكرناها هي من مصدر معروف، يمثّل منبع الثقافة و الحلم، يأخذ الأقزام كلهم في موكب واحد باتجاه مصيرهم، و من تارة لأخرى يهمس في عقولهم قائلا: "... أرجوا لكم حظا موفقــا...".

لربما للوقعة الأولى في العقول يبدوا لنا القزم مخلوقا صغيرا، و هو كذلك حجما، و مع هذا فإنه يفوق حجمه بملايين الثرليونات، إن نحن قارناه على الطريقة الكلاسيكية المملة. إنه مبدع بشكل لا يتخيله عاقل، و هو صريح لدرجة الوقاحة، و له باع أطول من الطويل في علوم النساء، و فلسفة الأقدار، لدى بكل اختصار هو نموذج لإنسان جاب معظم الأمصار بكل اقتدار.
هكذا وجب علينا الوصف في كفِ خالية من وديان العروق، و لكن لا بأس بالقليل من الحروق على الضفة الأخرى من جبهات القمم، أين يتيه كل أمر، فيعود التفكير إلى بداية الوسط من القدرة على التحمل في هذا المجال اليـائس من الفكرة.
جزء يسبح بنا في الهاوية التي يتفاداها الجميع، بينما يقفز إليها القليل، ليخرج من مستنقعها حاملا في يده اليمنى تاج السلاطين، و في اليد الشمال هموم العبيد على مرّ السنين، و لكنه في محاولة التوفيق بين الحقيقة و الديــن يتدخل القلب بدل العقل في معارك القداسة و استرجاع هيبة الحياة.
ممكن أن يصيب الحق من يقول أنها لعبة محسومة النتائج عن بداية البداية، و مع ذلك إصابة الخطأ أيضا واردة في نفس المقام. لكن في كل هذه الأجزاء هناك! تتدخل حكمة السماء، لتروي فصول النظام و سحر القضاء، و لتعيد لكل فرد نصيبه من فقه الفلاسفة و تشريع العلماء، لأنه حوار يطول بطول أعمار الإنسانية و تأريخ أعمالها، فالبحار على رغم عمقها حصرها الإنسان، و الكون على شساعته فهو على طريق الحصر أيضا، فلا غالب و لا مغلوب في لعبة الوقت و الآجال.
قسوة الجرح النــاتج عن انهيار المشاعر هو الذي يعقد أمور الحياة، و يترك مساحات فــراغ كبيرة بين الحاصل و اللاحاصل، ليجعل من القضايا المصيرية مشبك سجايا، و يقتصر الضرر في علوم بائية التصوّر، و نشاط منطلق من الفلسفة الجوفاء، هكذا برهن الزمن أنه أقوى بكثير من البشر، و هكذا ترجمة قوانين العواطف إلى ردود أفعال مليئة بعنفوان الوجدان.


".... إذا تغيرت الكلمات بطريقة عكسية أو غيرت في اتجاه آخر، فإن أثرها في بعث الإنسان سيتأثر قطعا بسبب ذلك....".

مالكـ بن نبي

فعندمــا نتعامل مع الإنسان، علينا أن يكون ذلك لطيفــا في كلّ الأحول، و لو أن هذا من الناحية التطبيقية يبدوا صعبــا جداّ، إلاّ أنه لو تحقق لزالت عدّة تعقيدات من حياة البشر، و لصاروا كلهم من بني الإنسان جملة قولا وفعلا.

 

السيّد: مــــزوار محمد سعيد (1)

(1): https://twitter.com/msmezouar




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات