"بـغـداد" هل تنتصر للمنصور؟
بغداد يا نبعُ الخلود ... بغداد يا مُرتقاً صعبُ الصعود ... أنت الثريا في الوجود فهل ايامُ مجدك و عزك تعود ... "بـغـداد" هل تنتصري للمنصور؟ كيف لا و أنت الولود الولود ... التاسع من نيسان ... نيسان الذي بت اكرهه لكثرة مآسي الامة به و كثرة المناسبات التي تدمي القلب و ان كان البعض منها يحثنا على الشموخ ... 9-4-2003 يوم سقوط حبيبتنا "بغداد" بأيدي مغول العصر و أعوانه من مُحبي الحروب و قتل الشعوب ... يوم لا يُنسى عندما عبرت الدبابتان الامريكيتان جسر الكرخ على جانب بغداد الغربي و بتعهد من احد مسؤولي وحدات الجيش العراقي السابق(2003) بعدم التعرض لها و بعدها بساعات قليلة و من على جسر الرصافة في الجانب الشرقي عبرت قوافل امريكا مدعومة جوا و بحرا و فضاءً الى عاصمة الرشيد: يوم كان يحكم الامه من هو رشيد! بغداد التي بُنيت عام 762 ميلادي على يد المنصور تدوسها نعال الامريكان و تمزق الحضارة ا... هي ذاتها قاهرة المغول و هولاكو و تيمورلنك و ثاني اكبر مدينة عربية و هي الزاخرة بالفن الاسلامي و المليئه بالعلماء و مراكز البحث العلمي و المساجد و الكنائس و المتاحف و الجامعات و الفنادق ... هي ذاتها دائرية تأبى على مر العصور ان يلتف عليها او يُلفلفُها احد و ليست كغيرها مربعه او مستطيله او بيضاوية !! انها بغداد العربية العظيمة و التي رفضت ان يحكمها احد و باذن الله لن يحكمها احد ... هي ذاتها ام ثورة العشرين عام 1920 يوم الثورة على الانجليز و هي فيها اليوم كتائب ثورة العشرين و كأن الاشياء لم تتغير ... فهي دوما هدفا للغزاة و اشكال الاستعمار و الاحتلال و هي ليست هدفا سهل المنال، خاصة كما تعلمنا في التاريخ و كما نسمع ونشاهد على (الجزيرة) و حتى على اعلام المُستعمر امريكا (السي ان ان) ... هي بغداد عاهدت الزمن و حتى مَلكِ الموتْ بان تُـقدم و يكون الضحايا بها من المدنيين اكثر من العسكريين و لنسميهم باسم الحرية و الاحرا فهم "شهداء" و كفى . و هي ذاتها تُحاصر الحصار و لا تحب عبارات الشجب و الاستنكار و لا ترد على النار الا بالنار و لن يبقى او يدوم بها الظلم ... مرات كثيرة اشعر انها فلسطين و هي تحوي بداخلها شارع فلسطين و حيفا و بيسان و ياسر و القسام ... كلاهن ينزف دما و لا يوجد معتصم جديد او رشيد وليد او صلاحٌ بِدين او بلا دين!! هي بغداد حملت و تحمل اكثر من اسم فهي "المدينة المُدورة و دار السلام و الزوراء" ... هي مدينة و عاصمة و قلعه و معركة و قنبلة و مِحبرة و جوقة موسيقى منها حديثا بطل شهيد كصدام و مطرب رائع ككاظم و شاعر فـذٌ كنزار ... فكم هي بُندقية صدام جميلة مُدوية و كم كلمات نزار بليغة عندما تُغنى بصوت كاظم و هو يقول " بغداد لا تتألمي ... بغداد انت في دمي" ... و نزار يقول : عيناكِ، يا بغـدادُ ، منـذُ طفولَتي --- شَـمسانِ نائمَـتانِ في أهـدابي ...الخنجرُ الذهبيُّ يشربُ مِن دَمي --- وينامُ في لَحمي وفي أعصـابي ... و أضيف أنا فداك عيني و قلبي و روحي و لولا انني اخاف من زعل الانبياء و الاتقياء لقلتُ فداك أُمي و أَبي و مالي و ولدي ... أحبك كالقدس و أكثر و أقدسك كمكة و المدينة و قبور الصحابه و اقسم بالأعظمية كما لو كانت غار حراء ... و ماء دجله طاهر بارد و قد يكون سرٌ من اسرار زمزم كما هو الفرات سر من اسرار البقاء و الانتصار ... هي جزء بسيط من العراق و هي الجبل الذي لن تهزمه سيطرة و احتلال امريكا او دسائس و مكائد و فتن ايران و سيأتي يوم به تخرجون و تجرون اذيال الهزيمة ايها المجرمون ... انت يا عراق ستبقى عربي اصيل و لا يوجد مكان او زمان لتتبادل الورد مع الغزاة و المُستعمرين ... بغداد انت مدينة الحب و مُصيبتي انني ارى حُبي محمولٌ بأكفاني ... و رجالك و اطفالك و نسائك لن ينهي وجودهم سجّان اشقر او اسود في ابو غريب او المنطقة الخضراء ... بغداد: ما زلت في بابك منتظر و اتسول العزة و الكرامة للأُمة التي لم تستطع ان تحميك او تقيك و لو بذرة من حر الصيف و برد الشتاء ... فأهلك و ربعُك لا يزالون في رحلة غير رحلة الشتاء و الصيف ... انهم يفكرون بالتجارة و الحسناوات و العباوات البيضاء و مصافحة بوش و اوباما الحاصل على جائزة نوبل للسلام و اي سلام و اي جائزة ابوها "نوبل"؟ ... فيا ليت من شجاع يُعيد سلام مُنتظر او حتى تحية برلسكوني في عيد الميلاد!! لا اعرف و لا استطيع ان ازيد، فالصمت يسيطر علي و الصبر مني غضبان و يقول لي اترك بغداد و مصيرها فحتى هي لم تجد من يُكلمها او يُضمدَ كُلمها و انت تحبها كثيرا و هواك لها أخرسك و أعماك ... أذهب و حُبْ الابراج العاجية العالية عند جاراتها و شاهد البذخ و الفسق و الفجور ... بغداد ارجوك ان لا تسكتي و اغضبي و ثوري و ... و ابوس على جبينك و اعزي نفسي قبلكَ باهلكِ الذين تحولوا من علماء و صناعين الى نجارين و حفارين يصنعون النعوش ليلا و بكل خوف و عنف و يأس و يحفرون القبور نهارا و بكل ذل و خضوع و حيرة ... انه قدرك و حُكم اللهِ عليك و هزيمتنا النفسية سبب واضح!! حبيبتي بغداد و مرة اخرى فلا تغضبي مني فلا استطيع الان ان اساعدك: فانا فلسطيني مظلوم مثلك و منذ زمن بعيد 1916 او 1917 و انا انتظر و قد مضى على تزويجي مُكرها تسعون سنه ميلادية و لم اسمي الا مولودين "شجب و استنكار" و جميع الامه أجدادهم و هم شاهدون قاعدون، و لم ابني الا بيتا واحدا سميته "دمار" و لم يبقى لي من مال الدنيا الا دينارا واحدا عليه صورة لصدام و بزاويته صورة لجنيه فلسطيني كُتب عليه "عكا" فهو البحر قبل المال و سوء الحال جعل منكما اخوين ... أعذرني و سامحيني ... بغداد : أعرف بأنه يغسلُ وجهك القمرُ ... و تعب سفينة بعد سفرُ ... بغداد: جناحي عصفورٍ طائرٌ فوق الأغصان يشدوا قائلا للحرية الحمراء أنه بكل يدٍ مدرجةٍ يُدقُ و يُغني سمعت في وهجك الوليد توهج النار في القيود ... و يبرق النصر من جديد يعود في ضاحية الرشيد ... بغداد يا قلعة الاسود.. فانت كعبة المجد و الخلود ... اعصفي بالنار و الحديد و عودي للمجد من جديد ... عودي لمجدك و خُلدك التليد ... بغداد تحت النار ... بغداد فقدتِ الكثير و تحتفظين بالكثير و ان شُرد و قُتل اهلها و حتى و ان قُتل و سُجن و عُذب الصحفيون الذين يزودوننا بأخبارها ... فهي باقية شامخة لا و لن يُخرقُها الا شعاع الشمس و صرخات المقاومة ... بغداد تأسفي على رجال باتوا عنك ساكتين ناسين و تاسفي ليوم عيد الاضحى يوم مشنقة رئيس العراق و كانت اثمن ضحيه في ذلك اليوم ... راح الكهل الكبير و جاءت ذنوب و حسنات الموت تسائله و يكفي ان تجيب عيناه و انامله و مواقفه و صلاته و قران بيد يمنى ظل حامله ... فالموت لا يرضى الا بنا و لا يَحرف عن العراق او فلسطين و لا ينظر شمائله او ايامانه ... يُحبنا شهداء و بين تكبير و تهليل نغازله ... فانت يا بغداد بك اكرم و اطهر الشجر الا و هو النخيلا و ان منعوا لساني عن مقالٍ بحقك او عنك فلن يمنعوا الضمير ان يقولا...
التعليقات (0)