مواضيع اليوم

بعيداً‮ ‬عن المرمى

soso-n nafee

2009-06-10 14:11:50

0


من منا لا تنتابه لحظات ضيق وقهر شديد حتى الشعور بالغربة وهو بين الأهل والأحباب, من منا لا‮ ‬يغمره شعور مرير بالمقاومة بصعوبة بالرغبة في‮ ‬الصراخ وبثورة لا‮ ‬يهدؤها إلا تدمير أي‮ ‬شيء‮. ‬نكبح رغائبنا لعلمنا من تجارب سابقة إننا‮ ‬غير قادرين على صراخ ولا تدمير لأننا أضعف من أن نترك لأنفسنا العنان لتفعل قبل أن نتساءل هل‮ ‬يفيد الصراخ والتدمير‮.‬
لا ليس إحباطاً‮ ‬بل ألم ذلك الشيء الذي‮ ‬يغزو نفوسنا فيسكتنا،‮ ‬ألم حزن‮ ‬يولد فجأة ربما من قلب ضحكة ربما من أعماق فرحة‮.. ‬نحسه‮ ‬يمتصنا‮ ‬ينتشر على كل خلية وعصب‮. ‬لا نعرف له ملامح،‮ ‬نزيل ثقيل على القلب‮.. ‬حزن‮ ‬غريب‮ ‬يختلط بذرات الهواء الذي‮ ‬نستنشقه‮.. ‬يفيض‮ ‬يصبح جدولاً‮ ‬من لهب‮ ‬يعتصرنا حينا ويعتقنا حينا آخر‮.‬
الحزن إحساس‮ ‬يغمر النفوس التي‮ ‬لا تؤمن بمقولة لا أرى،‮ ‬لا أسمع،‮ ‬لا أتكلم‮.. ‬عاطفة متميزة نبيلة تصنف البشر‮.. ‬حامل تلك العاطفة إنسان متألم فعلاً‮.. ‬هو ليس من الفئة المتشائمة ولا من الفئة المتفائلة أيضاً‮. ‬لا‮ ‬يجد في‮ ‬التفاؤل أكثر من مسكن مزعج‮ ‬يضلل الحقائق‮.. ‬ولا‮ ‬يجد في‮ ‬التشاؤم مغزى سوى انه‮ ‬ينكر الحقائق‮.. ‬إنه إنسان‮ ‬يرجو جلو الحقائق وتبلورها وظهورها في‮ ‬مكانها وزمانها الصحيحين‮.‬
إن الفروق في‮ ‬حياة البشر أكبر من هذا ميت وهذا حي‮. ‬فروق عريضة بين الأحياء أنفسهم في‮ ‬نصيبهم من الحياة أساسها القدرة على الاستجابة لما‮ ‬يحدث حولهم‮.. ‬فقد‮ ‬يبتسم ذلك المتفائل ويقول متأففاً‮ ‬لا فائدة ترجى ولا حتى في‮ ‬نفسي‮ ‬بينما الإنسان الحزين عامراً‮ ‬بالحياة والحيوية فكراً‮ ‬وفعلاً‮..‬
هذا الإنسان الرافض المتحدي‮ ‬الحزين في‮ ‬أعماقه قلقاً‮ ‬ورغبة في‮ ‬رمي‮ ‬حجر في‮ ‬بحيرات أولئك الراكدين من المتفائلين والمتشائمين‮. ‬منتظراً‮ ‬ببالغ‮ ‬الصبر ردود أفعالهم بأن تتسع الدوائر على السطح الراكد تهتز بعنف وتتكاثر فلا‮ ‬يبقى وحيداً‮ ‬يحلم بالأفضل والأحسن‮.. ‬يستفز مقومات الحياة التي‮ ‬تملكها تلك الأفراد وتتجاهلها عن عمد حيناً‮ ‬وعن جهل معظم الأحيان‮.. ‬إن سئل بجفاء لماذا تحرك بركنا الراكدة ؟‮ ‬يجيبها بسؤال أكثر دقة‮.. ‬لماذا هي‮ ‬جامدة ومخالفة لطبيعة الحياة؟
هذا الإنسان إذا تكلم زفر وإذا نظر حوله انحسر البصر،‮ ‬إذا سكت انفجر‮.. ‬لأنه‮ ‬يرى أكثر مما‮ ‬يرى ويسمع أكثر مما‮ ‬يقال سراً‮ ‬أو علانية‮.. ‬فكلامه ضرورة مثل جرس إنذار‮ ‬يدوي‮ ‬في‮ ‬عالم الاستكانة والدعة‮.. ‬فالدنيا تستحق الجهد والعناء تستحق أن‮ ‬يوظف لها كل القوى والحواس والجوارح فلم‮ ‬يعطك الله سبحانه شيئاً‮ ‬عبثاً‮.‬
إذا استطبنا التمدد على شطوط منتظرين إن‮ ‬يصلنا المدد في‮ ‬كل حين فالعيش الهادىء عيش مهين ولا‮ ‬يعني‮ ‬إلا المزيد من تعطيل الطاقات وأهمها هذا العقل العظيم والذي‮ ‬لا‮ ‬يختلف في‮ ‬تكوينه عن تلك العقول المنتجة وهذا القلب الزاخر بالنبض ليس أقل من بقية القلوب وهذا اللسان الأداة الطيعة‮. ‬وهذه الجوارح القوية المسخرة،‮ ‬دعها تعمل‮. ‬تأمل وأعمل‮. ‬فكر وأعمل‮.. ‬وظفها وأعمل‮..‬
يقول الكثيرون أن الشقة بعيدة بين المطلوب من جهة والمستطاع من جهة أخرى والسؤال الأجدر أين مكمن الداء؟ كيف نشفي‮ ‬عللنا؟ ولا جواب سوى إن نريد ذلك فيتحقق‮.. ‬نحول الوهم ليقظة‮.. ‬الخمول لحركة‮.. ‬من قعود وسكون إلى انتفاضة ومغامرة‮.. ‬المهم إن نتحرى عن الهدف‮.. ‬لن‮ ‬يفيد أي‮ ‬شيء قبل الوصول إلى الهدف والاتفاق عليه ومن ثم نؤمن به وندافع عنه‮.‬
لا تصدق أننا هكذا خلقنا وهكذا سنموت،‮ ‬لا‮ ‬يغرنك هذا الهدوء على الوجوه‮.. ‬في‮ ‬الأعماق شيء مختلف،‮ ‬لا دوام لسلام بين الشيء ونقيضه المتجاورين‮.. ‬قد تتغلب علينا سلبيتنا حينا لكن سيتحرك جانبنا الايجابي‮ ‬الراكد فينا حتماً‮. ‬انه‮ ‬يعمل أيضا بهدوء تموج به تيارات فكرية متخلقة متوترة لكنها تعمل بجد وبصمت‮.. ‬فالقوس المشدود هو الذي‮ ‬يختزن العزيمة حتى تأتي‮ ‬اللحظة المناسبة فتطير إلى هدفها‮.. ‬فاقترب من مرمى الحقيقة ولا تبالي‮.. ‬قل كل ما تعتقده حقيقة ولا تخف‮.. ‬لا تقل أشياء وتخفي‮ ‬على نفسك أكثر مما تقول‮..‬




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !