مواضيع اليوم

بعد سقوط الأقنعة وكشف المستور ها هو عليوة تحت طائلة القانون فمتى يأتي دور الآخرين؟

إدريس ولد القابلة

2012-07-13 03:07:08

0

بعد سقوط الأقنعة وكشف المستور
ها هو عليوة تحت طائلة القانون فمتى يأتي دور الآخرين؟

 


ها هو خالد عليوة ومن معه اليوم تحت طائلة المساءلة، لكن متى يأتي دور الآخرين، مدنيين وغير مدنيين، وما أكثرهم؟ سيما وقد يعتقد الرأي العام مساءلة البعض دون الباقي، هو مجرد در الرماد في العيون ، بل مكر سياسي يرنو التغليط متخفيا بثوب الصرامة في مواجهة الفساد تفعيلا لإرادة الإصلاح والتغيير.


لقد نقل خالد عليوة، مساء يوم الجمعة 29 يونيو، إلى سجن عكاشة في الدار البيضاء وأّودع خلف قضبانه بالجناح رقم 5 -الجناح المخصص لمعتقلي السلفية الجهادية- رفقة يونس و العربي عليوة و حميد زيزي. وكانوا قد اقتيدوا في وقت سابق للمثول أمام قاضي التحقيق بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء، الذي أمر بالاحتفاظ رهن الاعتقال الاحتياطي.وقد أودع بالجناح رقم 5، وهو الجناح المخصص لمعتقلي السلفية الجهادية.


فهل فعلا بعد عبد الحنين بوعلو (فضيحة مكتب المطارات) وخالد عليوة (السياش) سيتلوهم آخرون للخضوع للمساءلة،أم أن اللعبة وصلت لنقطة "جيم أوفر" GAME OVER . علما أن وزير العدل والحريات سبق وأن توعد منذ شهر فبراير كل المتورطين في ملفات الفساد والواردة أسماءهم في تقارير المجلس الأعلى للحسابات بالمتابعة القضائية.

التهمة وقرار المتابعة


طالبت النيابة العامة يوم الجمعة 29 يونيو 2012، بمتابعة خالد عليوة، الوزير السابق
والمدير العام السابق للقرض العقاري والسياحي، وعدد من المسؤولين في حالة اعتقال.
وضمت لائحة المتهمين أخت خالدعليوة وابني عمه ومسؤولين سابقين بالبنك ومديرِي فنادق ورجال أعمال.
يتابع المعتقلون بالإضافة إلى 12 شخصاً أخرين يوجدون في حالة سراح أو متابعين غيابياً، في قضايا تبديد مال عام و تفويت غير قانوني للمركب السياحي في تطوان. ويعتبر خالد عليوة، المتهم الرئيسي في هذا الملف. وفد انطلقت إجراءات المحاسبة والمساءلة مع أكثر من 20 شخصا من معاوني عليوة ومعارفه على خلفية تهم متفاوتة الخطورة.


إن كل من يونس عليوة والعربي عليوة متابعين في قضية تفويت المركب السياحي في تطوان، في حين أن حميد زيزي، توبع في قضية نهب المال العام. وتوبع 12 آخرون في حالة سراح وكفالة، مع المنع من مغادرة أرض الوطن، واثنان منهم صدر في حقهم متابعات غيابية.


في آخر المطاف استقرت تهمة المتابعة في تبديد أموال عمومية واستغلال النفوذ بالنسبة لخالد عليوة، والمشاركة في تبديد أموال عمومية بالنسبة للمتابعين الآخرين.


ففي غضون شهر مارس من هذه السنة صدرت أوامر قضائية بإغلاق الحدود في وجه خالد عليوة وبعض المديرين السابقين الذين وردت أسماؤهم في تقرير المجلس الأعلى للحسابات المرتبط بتبذير أموال عمومية وسوء التسيير. و بات عليوة لحظتئذ ممنوعا من مغادرة التراب الوطني حتى يتسنى لعناصر الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، المكلفة بالبحث في الموضوع، الاستماع إليه، ويكون رهن إشارة القضاء، تفاديا لتكرار السيناريو المعروف الذي طرأ عندما حضرت نية مساءلة الزاهدي الذي استقر بالديار البرتغالية بعد أن فلت من المحاسبة . وجاءت الأوامر بإغلاق الحدود بناء على المعطيات التي توصلت إليها عناصر الفرقة الوطنية للشرطة القضائية خلال استماعها إلى بعض المتهمين.

فضائح "السياش" عمّرت طويلا


فعلا، من ملفات الفساد التي عمرت طويلا، احتل ملف "السياش" موقعا بارزا في الذاكرة الجماعية منذ إفلات المسؤولين السابقين من المساءلة ، لكن يبدو أنه حان الوقت ليعرض على القضاء. إلا أن مرحلة خالد عليوة تميزت بدرجة من النهم والجشع ظن المغاربة أنه
لم يعد من الممكن قبولها في زمن العمل بمفاهيم الترشيد والعقلانية والحكامة والمساواة أمام القانون وعدم الافلات من العقاب والعدالة الاجتماعية وتقدير المواطن واحترامه والنزاهة والكفاءة والتواصل والتشاركية.


فلم تقتصر مؤاخدة خالد عليوة – ليس كشخص وإنما بصفة "المسؤول السامي"- على استفادته من موقعه لاقتناء شقتين مساحتهما 282 متر مربع و112 متر مربع بأحد أرقى عمارات شارع مولاي يوسف بالدار البيضاء (إقامة الأخوة) بثمن عصي التصديق والتخيل ، بل في تسخير إمكانيات ومقدرات وميزانية القرض السياحي والعقاري من أجل تجهيز الشقتين الكبيرتين وتزيينهما بنمط "آخر تقليعة" كما يقال وأبذخ ما يوجد من أثاث ولوازم . وقد ذهب الكثيرون إلى الاعتقاد – الذي أقرت تقارير الميداوي جوانب منه- والقائل إن خالد عليوة جعل من مؤسسة "السياش" -التي كانت تعاني من معضلات بنيوية ومشاكل كثيرة كادت تؤدي بها إلى الإفلاس - إلى ضيعة في ملكه وملك عائلته، يتصرف فيها تصرف المالك في ملكه الخالص في عرف العدول.


وقد تم كشف منذ شهر أبريل الماضي أن موارد ومنتوجات وتموين الفنادق التي يملكها القرض السياحي والعقاري كانت رهن إشارة آل عليوة ومقربيه،وقد وصل الأمر إلى الاستفادة من بعض المواد الاستهلاكية. على سبيل المثال لا الحصر إن شاحنات المشروبات الغازية التي كانت تزود فندق "السويس" بكورنيش الدار البيضاء، كانت عند الحاجة تتجه إلى بيته بشاطئ "كابو نيكرو" في أقصى شمال المملكة لتموينه بالمشروبات الغازية ومشروبات أخرى. كما أقرّت أكثر من جهة أن أجنحة في فنادق تابعة للمؤسسة البنكية التي كان يديرها وبعض مستخدميها كانوا رهن إشارة عائلته والمقربين. كما استفاد، رفقة بعض أقاربه ومقربيه، من بعض الامتيازات الأخرى، كخدمات مركز العلاج بالمواد المعدنية، والأكل والشراب، وإقامة بعض أقاربه بالجناح الملكي في فندق تابع لـ"السياش"، إضافة إلى استفادة أحد أقاربه من مكالمات هاتفية مجانية خلال مدة إقامته بأحد الفنادق، بقيمة 21 ألفا و 714 درهما، منها 15 ألفا و135 درهما استهلكت في 6 أيام.

 

قضية الشقتين الفاخرتين "عتبة منحوسة"


ومن النوازل الأولى التي طرحت علامات استفهام حول نمط التدبير المعتمد من طرف خالد عليوة نازلة الشقتين اللتين خطط للفوز بهما بشكل مباشر رغم أنهما يعتبران من الرصيد العقاري للقرض العقاري والسياحي وبثمن أقل بكثير مما هو معمول به في السوق تسيل اللعاب. إنهما الشقتان المتجاورتان البالغة مساحتهما على التوالي 112 متر مربع و282 متر مربع الكائنتان بشارع الرشيدي بالدار البيضاء اللتان حازهما "السياش" سنة 1997 عبر مسطرة حجز شابها الكثير من الشك حرمت صاحبهما الضابط في الجيش (الكولونيل بدر الدين غجو) من ملكيتهما بطريقة مبيتة، وذلك بتكلفة إجمالية وصلت إلى مبلغ 1.695.802 درهم. وتم تفويتهما ،على طبق من ذهب كما يقال، للرئيس المدير العام السابق سنة 2006 دون الموافقة المسبقة لمجلس إدارة البنك وذلك بثمن 1.705.000 درهم أي ما يعادل 3.458 درهم للمتر المربع، في حين أن ثمن المتر المربع الرائج وقتئذ في المنطقة كان يتجاوز 20.000 درهم اعتبارا للموقع وندرة العقارات المعروضة للتفويت . وهذا أمر أثار حافظة الرأي العام.


ولم يقف جود وكرم "السياش" على مديره العام عند هذا الحد، وإنما تحملت ميزانية البنك مصاريف إنجاز عدة أشغال وترميمات وتغييرات في الشقتين فوراقتنائهما وقُبيل تفويتهما للرئيس المدير العام، إذ بلغت مصاريف تلك الأشغال أكثر 730 ألف درهم. وبعد أن أصبح خالد عليوة مالكا بقوة القانون للشقتين استمر استمر "السياش" في تحمل مصاريف إضافية للمزيد من التفنن في تهيئة العقارين وهو ما كلف ميزانية البنك مبلغ 1.972.066 درهم حسب الفواتير التي تمكن المجلس الأعلى للحسابات من الحصول عليها.


ومن المعلوم أن المالك السابق للشقتين قام بعدة أشغال بالشقة، حيث عمد لتركيب خطوط الهاتف في كل غرفة، وكذا تركيب خطوط الموسيقى، وخطوط الصحون المقعرة ومكيفيات الهواء.


بهذه المواصفات كانت خبرة داخلية أمرت بها مصالح القرض العقاري والسياحي، وأنجزتها مصلحة التفتيش والتقويم، قد خلصت إلى أن القيمة الحقيقية للعقار المذكور هي حوالي 3 ملايين درهم (300 مليون سنتيم). هذا هو التقديرالذي خلص إليه تقرير مصلحة التفتيش والتقويم بالقرض العقاري والسياحي وقتئذ، تم تعزيزه بخبرة قضائية، كان قد طالب بها الكولونيل المتقاعد، المالك الأصلي للعقار، حيث استجاب رئيس المحكمة الابتدائية بالدارالبيضاء للطلب، سنة قبل إجراء عملية البيع بالمزاد العلني، ليخلص تقرير الخبير بعد المعاينة، إلى أن تقييم ثمن الشقة هو حوالي 7 ملايين درهم بتحديد ثمن المتر الواحد في 14 ألف درهم. وحين تقرر البيع بالمزاد تم إنجاز خبرة قضائية لتقويم الثمن الافتتاحي الذي سيبدأ منه المزاد على الشقتين، حيث حدد الخبير إلياس الصديق، هذا الثمن في 650 ألف درهم للشقة الواحدة.


وأقرّرشيد الفيلالي، الكاتب العام لجمعية محاربة الرشوة "ترانسبارنسي المغرب"، أن خسارة القرض العقاري والسياحي ،في قضية الشقتين الفاخرة التي استفاد منها خالد عليوة بسعر غير سعرها الحقيقي، بأكثر من مليار سنتيم. علما أن "السياش" رفض بيع نفس العقار لمالكه الأصلي بثمن اقتنائه وفرض عليه تقريبا ضعف هذا الثمن. أما بخصوص التعليل الذي ساقه عليوة والذي مفاده أن عملية شراء هذه العقار تمت تحت مراقبة مجلس المراقبة الذي يرأسه مصطفى البكوري، المدير العام لصندوق الإيداع والتدبير، صاحب أغلبية الأسهم في "السياش"،هو تعليل غير مقبول في نظر الفيلالي، ومصطفى البكوري، بهذا المنطق، يعتبر شريكا في هذه الجنحة التي ارتكبت بالسياش عندما باع عليوة الشقة لنفسه بغير سعرها الحقيقي، لأن صندوق الإيداع والتدبير، حسب الفيلالي، يتحمل المسؤولية من وجهتين: الأولى ذات طابع عمومي يرتبط بالثقة التي وضعت في الصندوق لإنقاذ هذه المؤسسة من الإفلاس بضخ أموال عمومية فيها، والوجهة الثانية لها علاقة باعتبار الصندوق هو المساهم الرئيسي الذي أؤتمن من طرف جميع المساهمين فيه من أجل المحافظة على مصالحهم تجاه المسيرين لمؤسسة السياش. لكن الذي وقع في هذه النازلة هو أن مسؤولي الصندوق ومديره العام انحازوا إلى الرئيس المدير العام "للسياش" ضد مصلحة المساهمين في هذه المؤسسة، وهذا أمر لا غبار عليه.


"فلاش باك" سينايو التحقيق مع عليوة ومن معه


إن التحقيق الذي تكلفت به الفرقة الوطنية للشرطة القضائية (قسم مكافحة الجرائم الاقتصادية و المالية) وأشرف عليه عبد الحق الخيام، رئيسها بنفسه ،في نطاق ما أضحى الشارع يطلق عليه "فضائح عليوة"،شمل مجموعة من الاختلالات التي عرفتها الفترة التي تولى خلالها خالد عليوة قيادة سفينة القرض العقاري و السياحي لإنقاذها من الغرق ،وخاصة النفقات غير المبررة المخصصة لبعض الوحدات الفندقية التابعة للبنك المذكور. علاوة على مبالغ مالية مهمة ومتباينة قيل أنها خُصّصت لإعادة تهيئة بعض الفنادق ولمنح امتيازات غير قانونية للمدير العام و لأفراد من عائلته وعدد من المسؤولين بالمؤسسة البنكية. وكذا التخطيط لاعتماد مكتب محامات و احد بعينه للتكفل بالعديد من القضايا بكلفة أتعاب و صلت إلى 4 ملايين درهم.


لقد استمعت عناصر الفرقة الوطنية للشرطة القضائية إلى حوالي 50 شخصا، من بين المسؤولين والعاملين في القرض العقاري والسياحي، وكذا أشخاص استفادوا من امتيازات البنك بطرق مشبوهة وغير قانونية. ومن بين الأشخاص الذين استمعت إليهم الفرقة الوطنية للشرطة القضائية في حالة سراح، 7 مشتبه بهم، جرى استفسارهم حول استفادتهم من امتيازات بنكية بطرق غير قانونية.
وقبل حلول دور خالد عليوة في التحقيق راجت إشاعات مفادها أن هذا الأخير هدّد بإزاحة الستار على جملة من الفساد المستطير أبطالها مسؤولون كبار ويحتلون مواقع حساسة.


بعد بعد اعتقال عبد الحنين بنعلو، المدير السابق لمكتب المطارات وإيداعه السجن بعكاشة، نشرت أكثر من يومية مقالات تتضمن ما مفاده "أن خالد عليوة هذّد، إن تم اعتقاله وإحالته على القضاء، بفضح ملفات قال إنها ثقيلة وضخمة، تتورط فيها عدة شخصيات، غير أن عليوة يبدو أنه بدأ في الهذيان، مع شعوره بدنو دوره في المساءلة والمحاسبة".


وفي هذا السياق، كشف إدريس سبأ، محامي خالد عليوة- في أحد تصريحاته- أن موكّله لم يدل بأي تصريحات تحدث فيها عن كشف ملفات فساد كبيرة إن تم اعتقاله. آنذاك كان دفاع المدير السابق للقرض العقاري والسياحي قد اتهم بعض الجهات دون الكشف عنها، بـتصفية الحسابات مع عليوة، من خلال استعمال وسائل إعلام نشرت معلومات مغلوطة لا تمت بصلة بالوقائع والأحداث . وحسب شاهد عيان كان عليوة يحضر كل صباح إلى مقر الفرقة الوطنية للشرطة القضائية بالدارالبيضاء، على متن سيارته الخاصة، ليسجل اسمه ورقم بطاقته الوطنية في سجل حارس الأمن الذي يقف في مدخل المقر.


لكن بعد إيداعه بسجن عكاشة قام خالد عليوة بتغيير طاقم دفاعه، حيث كلف كل من ادريس لشكر، عضو المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي، والمحامي الاتحادي محمد فرتات بتولي مهمة الترافع عنه.


كان خالد عليوة آخر الأضناء المستمع إليهم،وخلال التحقيق في ضيافة الفرقة الوطنية للشرطة القضائية نفى الوزير الاتحادي السابق والمدير السابق للقرض العقاري و السياحي،كل ما نُسب إليه من تهم وخروقات وتلاعبات .


فعندما ووجه بالمستندات وأقوال وتصريحات الأضناء الآخرين ظل النفي السبيل الذي سار عليه خالد عليوة بثبات – وقال قائل أنه اعتمد استراتيجة "سبّق الميم" . هكذا نفى بشكل قاطع أن يكون قد أمر المديرة السابقة لفندق " ليدو – رياض السلام "، أو المدير السابق لشركة "مهد السلام "، المكلف بإدارة الفنادق التابعة للقرض العقاري و السياحي، بدفع مبلغ 129.250.00 درهما، لصالح ممون الحفلات " أفراح فاس " من خلال فاتورة الخدمات التي قدمها في عام 2006، في مناسبة خاصة بوفاة زوج أخته، وذلك رغم أن شقيقته أكدت – بما لا يدع أي مجال لأدنى شك - أن أخوها خالد هو الذي تكلف بمراسيم الجنازة، لكنها لا تعلم كيف دبّرالأمر وتجهل الطريقة التي دفع بها المال لممون الحفلات ومصدر هذا المال.


كما نفى خالد عليوة فحوى أمال البهاوي، المديرة السابقة لفندق " ليدو – رياض السلام "، بخصوص اختفاء المعدات المطبخية الباهضة الثمن والقتناة باسم الفندق الذي تديره، علما أنها أكدت أنها أُمرت شفويا من قبل المدير العام السابق "للسياش "، بدفع قيمة الفاتورة المتعلقة بأواني مطبخية فاخرة والصادرة عن شركة " إنترناسيونال ديلر "،وفعلا تم الأداء عن طريق شيكات بلغت قيمتها الإجمالية 278.200 درهم، دون أن يستفيد الفندق من المعدات المؤدى سعرها من صندوقه. كما سار عليوة على محاولة دحض تصريحات محمد زيزي، المدير السابق لشركة "مهد السلام "، الذي يؤكد أنه زار قاعة العروض في شركة " إنترناسيونال ديلر "، برفقة خالد.وكذا الأمر بالنسبة لأقوال عبد الرحمان مرادس - مهندس متقاعد من " السياش "- كان مكلفا بإنجاز أشغال التجديد والإصلاح اللذان طالا شقتي خالد الكائنتين بشارع الراشدي بالدارالبيضاء. وقد أقر المهندس المتقاعد في التحقيق أمام عناصر الفرقة الوطنية أنه كان مكلفا من قبل خالد عليوة بتسليم جزء من تلك المعدات والأواني المطبخية، إلى الشقتين المعنيتين المذكورتين. وهذا ما أنكره عليوة، جملة وتفصيلا، طيلة فترات الاستماع إليه في ضيافة الشرطة القضائية. وبنفس الطريقة والنهج تعامل المدير السابق "للسياش" مع نازلة إعداد الوثائق المتعلقة بالمعاملات باسم فندق " ليدو – رياض السلام " في شأن المعدات والأجهزة الكهربائية المنزلية التي تم اقتنائها من الشركة الفرنسية " شميت "، بقيمة قدرها 20 ألف أورو ، وتم دفع ثمنها من مالية الفندق المذكور.


وكذلك الأمر بالنسبة لقضية فندق "لوليدو" الذي اكترى سنة 2007 معدات صوتية وبصرية (160 جهاز تلفاز LCD "32"، و50 جهاز تلفاز LCD "20"، و210 ثلاجات صغيرة، و210 خزنة حديدية) مقابل مبلغ شهري 71.417 درهما، واختفاء عدد من هذه المعدات (12 جهاز تلفاز LCD "32"، و2 جهاز تلفاز LCD "20" ومعدات لصنع القهوة، و ثلاجات صغيرة) تم تحويلها إلى مقر إقامة خالد عليوة بمدينة طنجة.

 

عليوة يتهم مسؤول بــ"سي. دي. جي" الذي توعده بإدخاله السجن


ظل خالد عليوة يقرّ ويؤكد،على امتداد التحقيق الذي اضطلعت به الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، أنه على يقين تام بأن كل التهم الموجهة إليه تم نسج خيوطها من طرف جهة معلومة أرادت الإطاحة به والنيل من سمعته، وأنه واثق من أن هذه القضية – من يائها إلى ألفها- جرى تلفيقها له للانتقام منه. وللتدليل على هذا الإدعاء صرح المدير السابق "للسياش" أن في حوزته محضر اجتماع لمجلس إدارة القرض العقاري والسياحي يشير بوضوح إلى أن "سعيد لفتيت"، ممثل صندوق الإيداع و التدبير في هذا الذي المجلس – قبل أن يشغل منصب الكاتب العام لهذه المؤسسة- كان قد هدده ،بصريح العبارة ودون لف ولا دوران، بإدخاله إلى السجن، مشيرا إلى أن السبب في ذلك يعود إلى جملة من النزاعات التي نشبت بينهما ، سيما حول إدارة " السياش" وتسيير شؤونها.


وقد دافع خالد عليوة عن نفسه، وعن قانونية عدد من الصفقات التي أبرمها، إضافة إلى موضوع الشقة، التي فوتت بمبلغ 90 مليون سنتيم، بينما يصل ثمنها الحقيقي إلى 200 مليون سنتيم، حسب منطوق تقرير المجلس الأعلى للحسابات. وتبلغ مساحتها 130 مترا مربعا، تقع بأحد الأحياء الراقية بقلب العاصمة الاقتصادية "غوتييه"، كانت مخصصة لأحد المحامين، قبل أن تشتريها مؤسسة القرض العقاري والسياحي، في إطار ما يعرف بتحقيق الرهن، بعد امتناع صاحبها عن أداء القروض والمستحقات.

 

معالم المتابعة رهن الاعتقال كانت بادية منذ الوهلة الأولى


بعد صدور تقرير المجلس الأعلى للحسابات،ومنذ الوهلة الأولى أهلت في الأفق مؤشرات ومعطيات تشير أن النيابة العامة ستتابع عليوة في ملف الاختلالات التي عرفها القرض العقاري والسياحي في عهده. وتقوّت تلك المؤشرات خاصة بعد صدور قرار منعه من مغادرة التراب الوطني. وكان وزير العدل السابق، لراحل امحمد الطيب الناصري، قد توصل بهذا التقرير في 20 يناير 2011. وبعد أن تمت دراسته من طرف مديرية القضايا الإجرامية تم تحويله إلى مكتب الوكيل العام بالرباط الذي حوله بدوره إلى الفرقة الوطنية للشرطة القضائية. كما سبق للهيئة الوطنية لحماية المال العام بالمغرب أن راسلت وزير العدل السابق بخصوص أسباب البطء الشديد في معالجة العديد من ملفات الفساد ونهب المال العام، ومنها ملف "السياش". ولما حلّ مصطفى الرميد، وزير العدل والحريات،توعد كل المتورطين جنائيا في ملفات الفساد والتي وردت أسماؤهم في تقارير المجلس الأعلى للحسابات بالمتابعة القضائية.


وقد صيغ تقرير الأعلى للحسابات برسم عام 2009 بطريقة تبين أنه لا مندوحة لخالد عليوة عن المسائلة القانونية، إذ كشف بوضوح عن وجود إختلالات كبيرة في تسيير القرض العقاري والسياحي، في عهد رئيسه ومديره العام السابق القيادي الاتحادي. كما صورت الوقائع والنوازل الواردة فيه أن عليوة كان يتصرف في دواليب "السياش" تصرف المالك في متاعه الخاص دون منازع.


فقد أقرّ أن عليوة أدار المؤسسة العمومية بطريقة أحادية وانفرادية، وهذا في وقت أقر الجمع العام المختلط "للسياش" النعقد يوم 14 يناير 2007 باتخاذ المؤسسة شكل شركة مساهمة يسيرها مجلس إدارة جماعية ومجلس رقابة، بدل شركة مساهمة يسيرها مجلس إداري.كما
كشف التقرير عن الكثير من الامتيازات التي كان يخولها لنفسه ولبعض أقاربه، ووضع موارد ومنتوجات الفنادق التي كان يسريها البنك، رهن إشارته ومقربيه وضيوفه دون مقابل وبالمجان، وجعل ماليتها (أي الفنادق) تتحمل مصاريفه الخاصة والشخصية، علاوة على استخدام العاملين فيها بدون وجه حق لتلبية طلباته وطلبات دويه.


وأشار التقرير أيضا حظيرة السيارات الموضوعة رهن إشارة المقر الرئيسي للبنك والمخصصة للرئيس، والتي حوت 11 سيارة، تستهلك معدلا سنويا يقدر بــ 550.000 درهم أي 70 بالمائة من الميزانية المخصصة للمحروقات. بل حتى مصاريف استعمال الطريق السيار ووقود سيارة عليوة الخاصة كانت تقتطع من ميزانية المؤسسة، في الوقت الذي ظل يستفيد فيه من مبلغ قدره 28.838 درهم كتعويض عن التنقل، علما أن فواتير تنقلاته الخاصة تجاوزت مصاريفها مبلغ 90.000 درهم. كما أن فواتير هاتفه المحمول الشخصي ظلت تثقل كاهل ميزانية البنك، إذبلغت 120.169،45 درهم.


كما سجل التقرير أن أعوانا وظفوا على أساس مقدمي خدمات استفادوا من تعويضات مهمة غير متضمنة في عقود توظيفهم، كمدير الديوان السابق للرئيس. حيث أن المعني بالأمر بالرغم في توظيفه كمقدم خدمات بأجر شهري صافي يقدر بــ 40.000 درهم، وليس كمستخدم للبنك، إلا أنه استفاد من تعويضات إضافية مهمة قدرت على الأقل ب 700.000 درهم تم أداء غالبيتها دون مراعاة المسطرة الخاصة بتنفيذ الميزانية الجاري بها العمل وذلك بغية إخفاء أي أثر لهذه العمليات. وتجدر الإشارة إلى أن المدير السابق لديوان الرئاسة السابقة للقرض العقاري والسياحي كان عضوا في عدة هيئات، خاصة اللجنة الإستراتيجية واللجنة المديرية وهيئة إعداد ورفع التقارير التجارية والمالية وهيئة إعداد ورفع التقرير العام وهيئة الإدارة مع دور تقريري وهيئة المطالعة والهيئة الداخلية للقرض و لجنة تحصيل الحسابات الكبرى، هذا ما جعله يطّلع على "الشادة والفادة" كما يقال .


وقف التقرير على عدة تفويتات عقارية، بأسعار بعيدة عن سعر السوق، حظي بها الأهل والأحباب والأصدقاء والمقربين، منها:
- شقة بأكدال بالرباط (157 مترا مربعا) تم بيعها بـ 863.500 درهم، أي 5500 درهم للمتر مربع، في حين أن سعرها الحقيقي 15 ألف درهم للمتر السعر .
- عمارة من أربعة طوابق تتكون من 58 محلا تجاريا و88 شقة بشارع محمد الخامس بالقنيطرة بيعت سنة 2007 بـ 23.2 مليون درهم، بينما ثمنها الحقيقي أكثر من 38 مليون درهم.
- بمراكش، بيعت عمارة غير مكتملة البناء من 5 طوابق بمنطقة كيليز بـ 14 مليون درهم فقط، بينما اقتناها البنك سنة 2002 بـ 25 مليون درهم.
- بمدينة فاس مركب عقاري بمدينة فاس مساحته 2761 مترا مربعا (4 عمارات من 5 إلى 6 طوابق ومرآب سيارات و42 محلا تجاريا و7 مكاتب ومقهى و61 شقة) بثمن 35 مليون درهم فقط (سعره الحقيقي يتجاوز 54 مليون درهم).
- محل تجاري بحي "راسينغ" بالدارالبيضاء بيع بخمسة ملايين و300 ألف درهم ويقدر ثمنه بـ 9 ملايين و930 ألف درهم.

- منزل صيفي بالمضيق تم تفويته لشخص يدعى (م.ش) بـ 950 ألف درهم، بخسارة ما بين مبلغ 3 ملايين و879 ألفا و300 درهم ومبلغ 4 ملايين و844 ألفا و300 درهم، وقد اكتشف المجلس الأعلى للحسابات أن المستغل الحقيقي لهذا المنزل لم يكن سوى عليوة نفسه.
وقبل صدور تقرير المجلس الأعلى للحسابات ،تدخل مجلس المراقبة، التابع "للسياش"، يوم الجمعة 24 أبريل 2009 لاتخاذ قرار قاضي بتنحية القيادي الاتحادي،وتعيين نائبه على رأس الإدارة العامة. آنذاك بدأ تسريب جملة من الحقائق تدين خالد عليوة.


ومن المؤشرات كذلك وجبت الإشارة، من جهة إلى تقرير لجنة تقصي الحقائق البرلمانية والذي كشف بدوره عن عدة اختلالات. ومن أخرى إلى عملية التفتيش التي أنجزتها المفتشية العامة للمالية في صيف 2009 بفندق "رياض السلام"، التابع للقرض العقاري والسياحي، بخصوص طرق صرف مبلغ 7 ملايير مخصصة لإعادة هيكلة الفندق، خلال اسنتين 2007 و2008، إذ وقف مفتشو وزارة المالية على مجموعة من الاختلالات التي تهم السير العام بالفندق، وكان أبرزها توظيف مقربين من عائلة خالد عليوة. حيث تبيّن أنه أقدم على توظيف مجموعة من المقربين منه بفندق السلام، ومن بين هؤلاء أخته، التي عينها في منصب مديرة الموارد البشرية، كما عين ابن أخيه، وهو طبيب متخصص في أمراض العظام، مسؤولا عن مصحة "العلاج بالماء"، بالإضافة إلى تعيينه شخصا يسمى (ي. عليوة)، تجمعه به علاقة قرابة، مديرا للجودة بالفندق، ومنها كذلك تعيين مقرب من العائلة مديرا عاما بالنيابة للفندق. هذه الممارسات دفعت بمدير الفندق، الذي عمل في وقت سابق بـ "قصر المؤتمرات" بمراكش وبفندق "رويال منصور" بالدارالبيضاء قبل الالتحاق بفندق "رياض السلام"، إلى تقديم استقالته أكثر من مرة، لكن تم تعليقها إلى حين الانتهاء من الافتحاص الداخلي. كما كشف التفتيش أن عليوة كان يستغل، بين الفينة والأخرى، الجناحين رقم 15 ورقم 75 بالفندق ، كما كان يرسل 20 وجبة غداء يوميا إلى عمال البناء الذين كانوا يشتغلون بالمنزل الذي شيده بالرباط.


ومن الحقائق التي توصلت إليها اللجنة إقدام إدارة "السياش" على جلب أبواب "الشاليهات" التابعة لفندق "رياض السلام" من القاهرة بمصر، وكان خالد عليوة قد أشرف، رفقة محمد الزيزي، المدير السابق للفندق، على إنجاز الصفقة، حيث سافر الاثنان معا إلى الديار المصرية للتعاقد حول صفقة شراء الأبواب والكراسي، لكنه تبين أن هذه الأبواب الخشبية من النوع الرديء، حيث إن العديد منها أصبح متلاشيا غير صالح للاستعمال.


بعد أن أنهت لجنة تفتيش الموفدة من طرف وزارة المالية، بادر المقربون من عليوة إلى تقديم استقالاتهم من إدارة فندق رياض السلام" بالدار البيضاء، التابع "للسياش. وتضمنت لائحة الاستقالات كلا من محمد الزيزي، مدير الفندق، وأمين عليوة (ابن أخ خالد عليوة) وهو دكتور متخصص في أمراض العظام. وعينت إدارة "السياش"، توّا، كمال أكزناي - وهو إطار مالي بالقرض العقاري والسياح، تم إبعاده إبان فترة تسيير خالد عليوة- مديرا لسلسلة فنادق "مهد السلام" وهو الاسم الذي أطلقته إدارة "السياش" على سلسلة الفنادق التابعة لها.
آنذاك اعتقد الكثيرون أن هذا التقرير الناري، الذي أنجزته المفتشية العامة للمالية سيعرض على النيابة العامة بعد اطلاع وزير العدل وقتئذ، عبد الواحد الراضي، عليه، إلا أن الأمر لم يتم.


كل هذه الوقائع والنوازل كانت كافية وزيادة لضرورة الإسراع بالمساءلة وتفعيل القانون.

وماذا عن موقف حزب الاتحاد الاشتراكي من عليوة؟


لقد سبق لعبد الهادي خيرات ،عضو المكتب السياسي لحزب الاتحاد الاشتراكي، أن أكد أن خالد عليوة قطع علاقته بالحزب منذ سنوات، ولم تعد تربطه به أي علاقة، وأن لا دخل للاتحاد الاشتراكي في الدفاع عنه في حال ثبوت تورطه في ملف "السياش"، حيث قال بالحرف " إذا كان عليوة مدانا فمرحبا بمتابعته ولا شأن للاتحاد به"، مُسطرا أن هذا الملف وغيره من ملفات الفساد تم تحريكها منذ حكومة التناوب التوافقي التي قادها الأستاذ عبد الرحمان اليوسفي.


وعلى ما يبدو، إن الاتحادين منقسمين بخصوص مساندة خالدعليوة أو عدمها، علما أن نزر قليل منهم ترون في اتهام عليوة اتهاما للحزب بأكمله، في حين تذهب الأغلبية إلى اعتبار أن عليوة لم تعد تربطه علاقة بالحزب منذ أن غادره، وأن الاتحاد لا يمكنه قبول احتضان أي شكل من أشكال الفساد. علما أن الرغبة الأكيدة لفريق الحزب في البرلمان استجواب رئيس الحكومة،عبد الإله بنكيران، بخصوص ملفات الفساد المحالة على القضاء وتلك التي لم تحل بعد، مازالت حاضرة بقوّة وموضوع الساعة.


هل ستتحقق نبوءة أحد الصحفيين:
من أحضان الثورة إلى براثن الفساد والرشوة"؟


بدأ خالد عليوة مشواره السياسي في كنف "الاختيار الثوري" عندما كان يحلم بالثورة قبل أن يعدل المسار ليؤمن بالتغيير السلمي ويخطو خطواته الأولى في تألق المراتب في صفوف حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية وأصبح في لجنته المركزية وتمكن من الاستوزار أكثر من مرة في أحضانه مع حلول فترة التناوب التوافقي.


ازداد خالد عليوة سنة 1949، حاصل على دكتوراه في علم الاجتماع السياسي وعلى دبلوم عالي في الدراسات المحاسباتية والتدبير، درّس بجامعة الحسن الثاني بالدارالبيضاء. اضطلع برئاسة المجموعة الحضرية للرباط سنة 1992 وانتخب مستشارا جماعيا بالرباط أكدال في استحقاقات 1997 وتنافس بقوة على منصب عمدة الدار البيضاء سنة 2003.


في 14 مارس 1998 عينه الملك الراحل الحسن الثاني وزيرا للتنمية الاجتماعية والتضامن والتشغيل والتكوين المهني وناطقا رسميا في حكومة التناوب التوافقي. وفي 7 نونبر2002 عيّنه الملك محمد السادس وزيرا للتعليم العالي والبحث العلمي في حكومة إدريس جطو. وفي شهر أبريل 2009 عُيّن على رأس القرض العقاري والسياسي لإنقاذه من الإفلاس واضطلع بهذه المسؤولية إلى حدود إعفائه في غضون ابريل .


بعد تعيينه ناطقا باسم حكومة عبد الرحمان اليوسفي طار خالد عليوة على الديار الفرنسية على حين غرة لعيادة رفيقه "بوستة"، أحد مناضلي "الاختيار الثوري" الذي كان يحتضر وقتئذ بعد ان عاش في المنفى. بعد القيام بالواجب الإنساني تحجج عليوة بأسباب خاصة لقضاء الليلة بحوار رفيقه. في الواقع وحسب مصدر جيد الاطّلاع، كان هدفه محاولة استرجاع بعض الوثائق والمستندات تهمه عندما كان يحلم بالقيام بالثورة والتي من شأنها التشويش على مساره الجديد إن حصل وتم كشفها سيما وأنه بات من عداد المسؤولين السامين بالبلاد. وقد أكد هذه القريبة أحد أقارب بوستى.




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات