هذا سؤال موجه إلى حكامنا الأشاوس الذين لم تنبس شفاههم بكلمة أو ينبض لهم عرق إزاء ما يحدث الآن في القدس الشريف، سكون وسكوت وكأن شيئا لم يحدث، هل نستطيع الآن وبكل جرأة أن نكيف هذه الحالة على أنها خيانة للأمانة، وتضييع للحقوق، ومعاونة للأعداء؟
ماذا بقى لهم ليفاوضوا عليه ؟ إذا كان التهويد يتم الآن جهارا وفى وضح النهار، وإذا كان محو التاريخ والمقدسات يتم بلا خجل أو خوف، فلماذا يبقى هؤلاء على رأس القيادة والسلطة حتى الآن، حتى مجرد التعبير عن الغضب لم يعد مسموحا به في عالمنا العربي، فمن يندد أو يتظاهر أو يرفع صوته شاجبا ما يحدث للأقصى الشريف ليس له إلا الآلة الأمنية الباطشة، وما اعتقال المئات من المتظاهرين من أجل الأقصى في الأردن ومصر عنا ببعيد؟
عندما قامت انتفاضة الأقصى الثانية في العام 2000 كانت وسائل الإعلام العربية الرسمية متجاوبة معها: مما عبأ الشعور العام ضد الصهاينة، حتى أصبح رجل الشارع الذي لم يكن مشغولا إلا بلقمة عيشه، والبحث عنها في ظل أوضاع معيشية مزرية، أقول أصبح مهتما بقضية فلسطين وما يحدث فيها، وتجاوب الفنانون وقتها مع القضية، وظهرت الأعمال الفنية المتنوعة التي تندد بما حدث، وتعبأ الشعور العام تجاه القضية، مع يقيننا ساعتها أن أيدي الأنظمة العربية ممتدة إلى الصهاينة بكل ألوان الدعم والمساندة، إلا أنها لم تكن تجرأ على التصريح بذلك، أو محاولة إظهاره بأي شكل من الأشكال.
أما الآن وبعد مضى عشر سنوات فلا تكاد تسمع صوتا في العواصم العربية، اللهم إلا الصوت المبحوح للشعوب العربية المغلوب على أمرها، والتي تئن تحت الضربات الموجعة للأمن العربي، وتتحمل في سبيل قولة الحق وإظهار الغضب كل ألوان الاضطهاد والاعتقال والحرمان من الأهل والعشيرة، والقبع خلف قضبان الذل والجبروت مدد لا يعلمها إلا الله عز وجل، حتى مجرد التعبير لم يعد مسموحا به، حتى مجرد التنفيس الذي كانت تسمح به الأنظمة العربية لم تعد تتحمله تلك الأنظمة أو تطيقه، فضلا عن المجاهرة بالدعم المادي والمعنوي للصهاينة: من عقد صفقات تجارية مشبوهة، وتصدير للغاز، وحصار محكم شديد لقطاع غزة، فماذا حدث ؟
هل اطمأنت تلك الأنظمة إلى ضعف شعوبها ؟ هل مورست سياسة الترويض المنظمة مع الشعوب، حتى باتت الأنظمة مطمئنة إلى سكونها وعدم قدرتها على الفعل والتغيير؟ أم أن تلك الأنظمة قد ضاعفت- في غفلة من شعوبها- من سطوتها وقدرتها على السيطرة، وشل أي حركة للتغيير يمكن أن تلوح في الأفق، ربما شيئا من ذلك قد حدث، وربما كل ذلك.. لكن قد تأتى الرياح بما لا تشتهى السفن...
محمد عبد الفتاح عليوة
Elewamohamed75@yahoo.com
التعليقات (0)