لأول مرة، بكى وزير الثقافة والإعلام السعودي عبدالعزيز خوجة وأجهش الشيخ السلفي ناصر العمر بالبكاء عند قراءتهما "تغريدة" الكاتب حمزة كشغري عبر "تويتر" وهو يتطاول على الذّات الإلهية وعلى النبي صلى الله عليه وسلم.
وكتب حمزة كشغري العامل في صحيفة "البلاد" بمناسبة عيد المولد النبوي الذي لا تحتفل به المملكة "في يوم مولدك لن انحني لك، لن اقبل يديك، ساصافحك مصافحة الند للند، وابتسم لك كما تبتسم لي واتحدث معك كصديق فحسب".
وتابع كشغري "في يوم مولدك اجدك في وجهي اينما اتجهت، ساقول انني احببت اشياء فيك، وكرهت اشياء اخرى ولم افهم الكثير من الاشياء الاخرى. ساقول انني احببت الثائر فيك، لطالما كان ملهما لي ولم احب هالات القداسة، لن اصلي عليك".
وقوبلت تلك الرسائل فور نشرها بردود فعل غاضبة وساخطة من جميع المشاركين في تويتر الذين طالبوا بمحاكمة الكاتب وتطبيق الحد الشرعي عليه.
وأمر الوزير خوجة بمنع كشغري من الكتابة في أي صحيفة أو مجلة سعودية وتوعّده بـ"إجراء قانوني" وبـ"الخضوع للمساءلة النظامية أمام الجهات المختصة" عن إساءته إلى الله ورسوله في بلاد الحرمين حيث لم يسلم الملك عبدالله ولا بعض الأمراء من النقد والتجريح.
وكتب خوجة على موقعه في تويتر "وجهت بمنعه من الكتابة في اي صحيفة او مجلة سعودية مع اتخاذ الاجراء القانوني حيال ذلك لقد بكيت وغضبت من ان يتطاول احد (...) على مقام النبوة بكلام لا يليق بمسلم يخاطب سيد الخلق اجمعين".
وقوبلت الإساءة لله تعالى ونبيّه الأعظم باحتجاج عارم من المشايخ وطلبة العلم والدّعاة والنشطاء الذين طالبوا، كأول إجراء، بـإيقاف حسابه في "تويتر".
وطالب الشيخ العمر بـ"ضرورة التصدي للكتّاب" الذين يتعدون على الله ورسوله "وإنزال العقاب بهم"، محذرًا من "غضب الله تعالى وعذاب يوشك أن ينزله بأمتنا إذا تهاونت في ذلك". واعتذر الشيخ عن عدم استطاعته إلقاء درسه الأسبوعي بمسجد خالد بن الوليد بالرياض الأحد، بسبب "تطاول السفهاء".
توبة مرفوضة
وسرعان ما أصدر كشغري عبر صحيفة "البلاد" بياناً يعلن فيه التّوبة والاستغفار عما بدر منه، قائلاً "والله لم أكتب ما كتبت إلا بدافع الحب للنبي الأكرم. لكنني أخطأت وأتمنى أن يغفر الله خطئي وأن يسامحني كل من شعر وبالإساءة"، ومعلّلا ما صدر منه بـ"حالات نفسية شعورية اخطأت في وصفها و كتابتها".
إلا أن توبة كشغري، وهو ليس سعودي الأصل، قوبلت بالاستهجان من بعض "المغرّدين" والمتابعين الذين يرون بأن "حق النبي لا يسقط بالتوبة" التي " يجب ألا تلغي محاكمته".
وذكّر أحدهم بأن "مظاهرات قامت في أنحاء العالم الإسلامي بسبب رسومات الدنمارك المسيئة لرسولنا. وما قاله كشغري أشدّ وأخبث".
وتساءل "هل سيفلت هذا المجنّس من العقاب على ارض الحرمين الشريفين دولة تحكم بالشريعة الإسلامية؟".
المفتي: تويتر يروّج للافتراءات والأكاذيب
وكان المفتي العام للمملكة ورئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء، الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ، قد حذّر من "تويتر" الذي يمثل في رأيه "مروّجاً للافتراءات والأكاذيب".
وأضاف في خطبة الجمعة الرياض "إن في هذا الموقع دعوة إلى تراشق التهم بين الناس، وترويج الأكاذيب التي يستعملها البعض لإحداث الشهرة ببروزه فيها، ويتخذها وسيلة للسب والطعن في الناس بغير علم. وهذه أمور خطرة لا يجوز للمسلم الانسياق فيها".
إلأ أنه أكد بأن "الإنترنت" يحوي أيضاً "إلى جانب سلبياتها مواقع نافعة إيجابية مفيدة، فيها وسائل علم ومعرفة وعلوم مختلفة وأمور عظيمة وتجارة ودعوة إلى الله".
"رائحة كبت الحرّيات"
غير أن العديد من عشّاق مواقع التواصل الاجتماعي في المملكة، والذين يعدّون بالملايين، رفضوا حكم الشيخ على "تويتر"، وفسّر أحدهم هذا التحريم بـ"الخوف من ربيع سعودي بعد أن كسّر تويتر الحواجز وتخطى البروتوكولات وأحدث نقلة نوعية في ومحاربة الفساد".
و"اشتمّ" آخر من هذا التحذير "رائحة كبت الحريات" وطالب "الامم المتحدة وحقوق الانسان والتجارة الدولية تعليق عضويات الدول التي لا تسمح لمواطنيها حرية التعبير عن آرائها عبر تويتر وغيرها".
وتساءل آخر قائلاً "كيف حكم الشيخ على تويتر وهو ما شافه؟ هل تعلم أن هناك شيوخاً ودعاة معروفين يستخدمون تويتر ويشجعون على استخدامه ويتتبعهم ملايين الاشخاص؟ ادعوك لفتح حساب في تويتر لتقرأ الناس الفتاوي وتتعلم الدين منك بطريقة اسرع".
وأضاف "تكلّم يا شيخ جزاك الله خير في شيء يفيد المواطن السعودي مثل الغلاء والبطالة وازمة السكن".
وكانت الأمانة العامة لهيئة كبار العلماء قد أكّدت الثلاثاء أن المفتي العام ليست لديه أي صفحة على مواقع التواصل الاجتماعي.
ثورة تويتر سقوط للحواجز
وبحسب دراسات محلّية، تعدّ السعودية ثاني أكثر بلد عربي استخداماً لمواقع التواصل الاجتماعي التي انتشرت كالنار في الهشيم حتى بين طالبات المدارس.
تقول أحدث دراسة للباحثة فوزية الحربي إن 59 في المائة من الطالبات يشتركن في خدمة الفيسبوك ويتفاعلن معها.
غير أن هناك من استغل "تويتر" بأجندات معينة، تأثراً بـ"الربيع العربي"، أو لـ"تعرية" مع بعض الشخصيات أو كبار المسؤولين.
وحتى العاهل السعودي لم يسلم من الهجوم من قبل سعوديين حمّلوه مسؤولية "الفقر والبطالة وتردّي التعليم والصحة وقمع الحريات باسم الدين".
التعليقات (0)