جاء الاعلان عن بدء المفاوضات حول انضمام الاردن الى دول مجلس التعاون الخليجي مفاجئا بشكل عام وتم تقديم العديد من التحليلات والتصورات حول غايات تلك الخطوة والتي أشارت في مجملها الى مواجهة ما يسمى بالتهديد الشيعي الايراني وتطبيق اساس يمكن تسميته بالدم مقابل النفط فيما قد يشكل خطوة نحو خصخصة المواطن الاردني بعد استنفاذ كل ما يمكن خصخصته من ثروات وموارد البلاد في عملية بيع الوطن .
النقطة التي أحب الاشارة اليها هنا هي الخطر المتمثل بقبول سيناريو الوطن البديل كنتيجة لعملية الانضمام المشار اليها وكجزء منها ، واتسائل اولا هل هناك مؤشرات سابقة على امكانية قبول الوطن البديل ؟ وللاجابة عن هذا السؤال سأعرض لبعض نصوص اتفاقية وادي عربة .
تنص ديباجة اتفاقية وادي عربة على ان الدولتان الموقعتان على الاتفاقية "تهدفان إلى تحقيق سلام عادل ودائم وشامل في الشرق الأوسط مبني على قراري مجلس الأمن 242 و 338 بكل جوانبهما" . وقد خلت الاتفاقية من أي اشارة الى عودة اللاجئين او القرار الدولي ذو العلاقة رقم (194) : اذا فعودة اللاجئين ليست ضمن نصوص الاتفاقية ، بل هناك نصوص تشير الى عمل الدولتان الموقعتان على توطينهم (سيناريو الوطن البديل، دون الاشارة الى أن يكون الاردن بشكل خاص هو الوطن البديل! ) كما يبين ذلك نص الفقرة ج من المادة الثامنة من نص الاتفاقية بشكل صريح والتي تحمل عنوان "اللاجئون والنازحون" والتي تنص على "تطبيق برامج الأمم المتحدة المتفق عليها، بما في ذلك المساعدة في مضمار العمل على توطينهم " .
كما تتضمن الاتفاقية مواد تشير الى التزام الدولتان بالعمل بمضمونها وحتى في الحالات التي تتعارض فيها مع اي التزامات او اتفاقيات دولية أخرى بما يتضمن القرار 194 والذي تتناقض مواد الاتفاقية معه حيث تشير احدى فقرات المعاهدة الى انه " يتعهد الطرفان بعدم الدخول في أية التزامات تتعارض مع هذه المعاهدة." و " في حالة تعارض بين التزامات الطرفين بموجب هذه المعاهدة وأي من التزاماتهما الأخرى، فإن الالتزامات بموجب هذه المعاهدة ستكون ملزمة وستنفذ.".
اذا يلتزم الاردن بالعمل على توطين اللاجئين طبقا لمواد اتفاقية وادي عربة دون الالتزام بأن يكون الاردن هو مقر التوطين . وان صدقت التحليلات حول غايات ضم الاردن الى مجلس التعاون الخليجي بحيث يكون المواطن الاردني هو ما سيتم تقديمه من الجانب الاردني مقابل دعم مالي فان السيناريو المتمثل بأن يكون الاردن هو الوطن البديل يكون مرجحا لما يشكله من سيتم توطينهم من رأس مال بشري قابل للتبادل ضمن صفقة الانضمام وترجح ذلك الحقائق التالية :
1- التزامات الاردن بالعمل على توطين اللاجئين والنازحين كما تبين مواد اتفاقية وادي عربة التي خلت من أي اشارة الى حق العودة والقرار 194 ذو الصلة بحق العودة .
2- ان البراجماتية وليس الايديولوجيا هي ما يشكل أساس عملية صنع القرار السياسي وهي المبرر الذي تم تقديمه لتوقيع اتفاقية وادي عربة.
3- يظهر الخطاب الرسمي النظر الى اسرائيل كشريك استراتيجي والنظر الى ايران كعدو .
4- استنزاف مقدرات الوطن في عمليات الخصخصة بشكل مثير للشكوك بحيث لا يكاد يكون هناك ما يمكن خصخصته الا الدم الاردني والمواطن الاردني.
التعليقات (0)