على غير المتوقع، كافئ ولد عبد العزيز التيار الإسلامي الإخواني حين شاركه الإنتخابات البرلمانية و الجماعية و فك عنه حصارا فرضته المعارضة بأن حل ذراع التيار الدعوي و الخيري جمعية المستقبل التي يرأسها العلامة ولد الددو، توجه ولد عبد العزيز نحو التيار الإسلامي في هذه الأيام الملبدة بغيوم الإساءات يطرح أسئلة جمة حول قضية تدنيس المصحف بمسجد تيارات بالعاصمة، قد لا تكون مؤامرة غير أن تعاطي الرئيس و حكومته مع تداعيات الأزمة هو تعاط أرعن إن صح الوصف، فكيف له بهذا القرار و الناس في هرج و مرج صدورهم تطفح غيرة على مقدسات الإسلام التي باتت تدنس و تهاجم في بلاد شنقيط.
قد يرى الرئيس في الجو الإقليمي فرصة سانحة للانقضاض على التيار الإسلامي صاحب الشعبية النسبية في موريتانيا، ليمر متخطيا المراحل إلى ما يصطلح عليه بتجفيف منابع التيار من خلال حل الجمعيات الدعوية و الخيرية و الاجتماعية ا القريبة من المواطن، كيف له أن قرر ذلك؟ بقراءة عاجلة لمجريات الأحداث في كل من مصر و السعودية و الإمارات و باقي دول العالم العربي يلاحظ أن هناك توجه عام لدى النظام العربي لحظر نشاطات التيارات الإسلامية و محاربتها بل و استئصالها، آخر الأخبار تتحدث عن إدراج السعودية لجماعة الإخوان كجماعة إرهابية، لا ننسى أن الأخيرة احتضنت الجماعة و فكرها حتى باتت رافدا من روافد ما يسمى بالسلفية الإصلاحية أو تيار الصحوة السلفية التي ينتمي إليها كثير من دعاة المرحلة.
قد يكون قرار الرئيس الموريتاني إما بإيعاز من دول بعينها أواستغلال من لدنه للتوجه العام الرسمي و طمع في القرب و استجداء الدعم... ففي بلد كموريتانيا يئن تحت وطأة الفقر كان للجمعيات الدعوية التي تتلقى دعمها من الخليج دورا نسبيا في العمل الاجتماعي و الإحساني مكملة عمل الدولة الضعيف، فهل قام الرئيس بفعلته هذه و عينه على تمويل خليجي يعينه على سد العوار الحاصل؟
من استقبال ولد عبد العزيز للشيخ الحسن ولد الددو بعد الانقلاب و دعم التواصليين للخطوة و مشاركتهم في شرعنة الحكم في ما يسمى المعارضة الناصحة ثم الرجوع إلى المعارضة الناطحة كما تم الوصف و منسيقتها و العمل داخلها ثم العودة إلى التقرب من النظام و مشاركته الحوار و الدخول في الانتخابات البرلمانية التي قاطعتها باقي أطراف المعارضة ممنين النفس بحصة تجعلهم على سدة كرسي المعارضة و هو مطلب و رجاء غريب، هاهو عزيز بعد سنوات من التجاهل و التحالف يبدأ حربه ضد الإسلاميين، هؤلاء يعتبرون إعلان الحرب بداية للعد العكسي لحكم الجنرال و العبرة من قصة ولد الطايع.
يعاب على تواصل تزلفه إن صح التعبير للنظام طمعا في السلطة أو تقاسمها و خروجه عن جماعة المعارضة، لم يحقق نتائج تذكر بمشاركته النظام انتخاباته و خسر ثقة المعارضة كشريك في معركتها، اليوم و بعد حادثة حل الجمعية و فض احتجاجات شباب و مؤيدي تواصل المنظمة استنكارا لحادثة التدنيس ، تعود بوصلة الإسلاميين إلى صفوف المعارضة خاصة و أنهم شاركوا بالفعل في منتدى الحوار الذي أجرته المنسقية للبحث في مسألة الدخول بمرشح موحد للرئاسيات المقبلة، توجه من الأجدر أن يغلف بمراجعات و إعادة تقييم لسياسة الحزب التي جعلته كمن يلهث وراء حقائب و مقاعد خلال السنوات الماضية.
التعليقات (0)