بعثة الأمم المتحدة واستحالة مراقبة شروط وقف إطلاق النار
عبـد الفتـاح الفاتحـي٭ هسبريس
الأحد 12 غشت 2012 - 17:42
يتوقع أن تبادر الأمم المتحدة إلى سحب مراقبيها من جانب البوليساريو لانعدام الأمن هناك، وهو ما يتهدد اتفاق وقف إطلاق الموقع تحت إشراف الأمم المتحدة سنة 1991، ويعيد المنطقة إلى حالة لا سلم بسبب التهديدات المتكررة لجبهة البوليساريو بالعودة إلى حمل السلاح في وجه المغرب، كحالة يأس بين غداة تراجع التأييد لأطروحتها الانفصالية.
والحق أن احتمالات سحب الأمم المتحدة لمراقبيها العسكريين وأعضائها المكلفين بتطبيق شروط الاتفاق العسكري بين المغرب والبوليساريو جد موضوعية، بدليل ما عبر عنه تقرير مجلس الأمن الأخير حول الحالة في الصحراء لأبريل 2012، ولاسيما المادة 53 منه، التي عبرت بوضوح شديد عن حجم التهديدات التي باتت الأمم المتحدة تستشعرها تجاه أعضائها، وفي ذلك تشير الفقرة إلى أن "حادث الاختطاف الذي وقع الأول من نوعه منذ إنشاء البعثة. ويشكل عدم الاستقرار الأمني في المنطقة خطراً يوشك أن يداهم المراقبين العسكريين غير المسلحين الذين يعملون على مقربة من الحدود التي يسهل اختراقها شرق الجدار الرملي مسألة تدعو إلى القلق".
وقد أكد التقرير بشدة على ارتفاع تهديدات الأمنية لأعضاء البعثة الأممية من مواقع المراقبين العسكريين شرقي الجدار الرملي الذي أقامه المغرب في كون عدد من هؤلاء المراقبين يتمركزون في مواقع نائية معزولة عن وحدات الدعم التابعة لجبهة البوليساريو، وهم عرضة هجمات محتملة.
ويعتبر قرار اسبانيا إجلاء متعاونيها من مخيمات تندوف لأسباب تهديدات أمنية قد يرفع من إمكانية مسارعة الأمم المتحدة إلى اتخاذ ذات الخطوة ولانعدام الحماية لمراقبيها العسكريين شرق الجدار الرملي.
وإن لم يتم سحب مراقبي بعثة المينوريو من هناك، فإن لذلك تداعيات أخرى على مستوى فعالية دوريات المراقبة، وقد كانت جد واضحة في التقرير الأخير حول الحالة في ما يتعلق بالصحراء، حيث أنه على الرغم من اشتكاء الجانب المغربي للبعثة بقيام البوليساريو بعدة تجاوزات تطال المنطقة العازلة إلا أن التقرير أقر بعدم توفره على أدلة على صدق اتهامات المغرب، وفي ذلك عجز المراقبين عن مراقبة دقيقة للانتهاكات التي تقوم بها البوليساريو في المنطقة العازلة.
إن المغرب والحالة هذه، أمامه مدخلا معقولا لقيادة حملة دبلوماسية تنبه إلى عدم حيادية واتزان التقرير الأخير حول الصحراء الذي وضعه كرستوفر روس أمام يدي الأمين العام للأمم المتحدة بان كيمون، ذلك للاعتبارات السالفة، إذ لا ضمانات بشأن مدى فعالية عمل مراقبي الأمم المتحدة، بذات الفعالية اللازمة على قدر التحرك الذي يتوفر لهم بالأقاليم الصحراوية.
ولقد عبر التقرير الأخير حول الصحراء عن انعدام السلامة والأمن لأعضاء ومراقبي بعثة المينورسو لدى جانب البوليساريو، وجاء في الفقرة 51 أنه "لم تكن منطقة العمليات في مأمن من تداعيات حالة عدم الاستقرار السائدة في أماكن أخرى. فمن بواعث القلق الشديد أن اختُطف مواطن إيطالي ومواطنان إسبانيان كانوا يعملون في مجال المساعدة الإنسانية مع منظمات الإغاثة العاملة في مخيمات اللاجئين من رابوني، بالقرب من تندوف، في 23 تشرين الأول/أكتوبر. ولم يُفرج عنهم حتى الآن. وأشارت بعض المصادر إلى أن ”الحركة من أجل الوحدة والجهاد في غرب أفريقيا“، التي يقال إنها مجموعة منشقة عن تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، ادعت مسؤوليتها عن اختطافهم".
وبناء على ذلك فإن الأمم المتحدة باتت تستشعر الخطر الداهم لمراقبي وأعضاء بعثة المينورسو إلى الصحراء ولذلك أفردت للموضوع ثلاث فقرات، وجاء في الفقرة 52 من التقرير أنه "وفي أعقاب عمليات الاختطاف تلك، كان ممثلي الخاص في الصحراء على رأس وفد ضم أفراد أمن وأفرادا عسكريين تابعين للبعثة وممثلين لمفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في جنيف، وانضم إليهم خبراء أمنيون من فريق الأمم المتحدة القطري في الجزائر، سافر إلى الجزائر العاصمة وتندوف لإجراء مناقشات مع المسؤولين في حكومة الجزائر والدبلوماسيين المقيمين في الجزائر بشأن الحادث، وكذلك لدراسة التعزيزات الأمنية للأمم المتحدة والعاملين في مجال الإغاثة الإنسانية في المنطقة. وزار الوفد أيضا مخيمات اللاجئين في رابوني، حيث اجتمع مع موظفي الأمم المتحدة ومسؤولي جبهة البوليساريو لنفس الأغراض. واتخذت البعثة خطوات فورية لضمان سلامة جميع العاملين في كل من تندوف وشرق الجدار الرملي، وهي تنطوي على تعزيز التعاون والتدابير في مجال الأمن، وفرض قيود على التنقل، ورفع مستوى الأمن في تندوف وشرق الجدار الرملي، وكذلك إجراء تعديلات تشغيلية وتشييد تحصينات حول مواقع الأفرقة".
محلل سياسي مختص بقضايا الصحراء والشأن المغاربي
elfathifattah@yahoo.fr
التعليقات (0)