بصائر الله و آياته البينات تضيء درب المؤمنين بها ارتكازا على كون الخلق مفطورين على الحق ، و لا تقدم حلولا عملية لأي شأن من شؤون الحياة ..!!
بقلم : محمد بن عمر / كاتب و ناقد تونسي /
ما يأبى أن تفهمه البشرية عبر مختلف أحقاب تاريخها هو كون الرسل عليهم السلام ،هم حملة لآيات الله و أنواره المضيئة ، يبلغونها كما أنزلت عليهم دون زيادة أو نقصان ، و لم يكونوا في يوم مبشرين بحلول عملية لمختلف مشكلات الحياة الدينية و السياسية و الاجتماعية و الاقتصادية و غيرها ، و هذا ما أكد عليه الله في عشرات من الآيات البينات.
و مثال ذلك قول الله عز وجل في سورة طه : ( قال اهبطا منها جميعا بعضكم لبعض عدو فإما يأتينكم مني هدى فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى ( 123 ) ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى ( 124 ) قال رب لم حشرتني أعمى وقد كنت بصيرا ( 125 ) ) ( قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى ( 126 ) ) .صدق الله العظيم /
فالآيات البينات هي بمثابة الشمس التي تضيء أركان الكون ، و للإنسان أن يستفيد من أنوارها و أشعتها المضيئة و يوظفها لخدمة مختلف شؤون حياته ، كما له أن يتغاضى عن ضياء الشمس و يكفر بأشعتها ، واضعا حاجزا يحول بينه و بين الاستفادة من ضيائها ، مختلقا حقائق وهمية لا وجود لها في واقع الحياة أصلا ، فيكون بناؤه وهما كالسراب ، لذلك تكون أعماله كالسراب يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئا ..
يطالبني أعداء الحق دائما بتبيان "كيفية الصلاة " و غيرها من العبادات في القرآن المجيد، ليبرهنوا على كون القرآن لم يتنزل " تبيانا لكل شيء " كما "أزعم أنا " مبرهنين بذلك على تكذيبهم لكل آيات القرآن المجيد الذي يزعمون بهتانا "إيمانهم به ".
و الجواب كما سبق و بينت ، أن الله الخالق قد فطر جميع خلقه على الحق ، و ألهمهم القدرة على العيش في هذا الكون الفسيح و سخر لهم الوجود بأسره بما يكفيهم أن يكونوا خلفاءه في الأرض و كرمهم على بقية المخلوقات بالعقل و الإدراك و علمهم أسماءه و حقائقه و أشهدهم على أنفسهم بربوبيته و وحدانيته في الخلق و زودهم "بالنسبية" في جميع صفاته و كماله ، إذ هو خالق وهم مبدعون ، وهو عالم مطلق للسر و أخفى وهم متعلمون "بعضا من علمه" وهو أرحم الراحمين وهم "رحماء بينهم" ...إلخ .
إن الرسل عليهم السلام ، تنزل عليهم آيات الله البينات ، فيؤمنون بها كلها ، ما يحولها في أذهانهم إلى "أنوار" ، تضيء دربهم و درب أتباعهم من المؤمنين بكتاب الله ، فيخوضون تجربة الخلافة لله في أرض هي ملك لله وحده ، و إذا ما استطاع أعداء الحق خداعهم في بعض الأحيان ، تذكروا ما أودعه الله فيهم من "إيمان و أنوار"1 فإذا هم مبصرون ، و مستغفرون الله على تقصيرهم ، و تائبون إلى مولاهم الحق الذي خلقهم و هداهم إلى سواء السبيل ..!!
أما غيرهم من أهل الباطل فبحثهم منصب على تبرير معصيتهم "لأمر الله في الكتب المنزلة "
متبعين ما تشابه منها ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله ، لأنهم في واقع أمرهم لا يؤمنون و لو بآية واحدة من كتاب الله .
و إذا ما ذكروا بوحدانية الله اشمأزت قلوبهم ، وهو حال السلفيين من أهل السنة و أهل الشيعة ، و أهل القرآن ، و غيرهم من العلمانيين المنكرين لربوبية الله و وحدانيته ، و تجدهم يستبشرون إذا ذكر الذين من دونه أنبياء كانوا أو مصلحين أو مفكرين أو كهنة و مفسدين في الأرض ../
التعليقات (0)