شروى نقير..او اقل قليلا ..هي كل ما حصدته القائمة العراقية من اندفاعها المسرف تجاه دول الاعتدال العربي ..وطويلة وخاوية هي تلك الليالي التي قضاها اقطاب القائمة العراقية وهم يبثون شكواهم الى الآفاق ويقضون الساعات الطوال في الزيارات والاجتماعات والمكالمات الهاتفية الساخنة التي اعقبت اعلان التحالف الوطني عن مرشحه لمنصب رئيس الوزراء في العراق..
والاكثر اثارة للرثاء هو ان كل هذا الزعيق والاستصراخ والتهليل الصاخب لم ينتج سوى كلمات لا تفتقر الى التكرار الممل انتزعها السيد اياد علاوي من بايدن حول ان الولايات المتحدة تقف على مسافة متساوية من جميع الاطراف..وتصريحات مشابهة –وان كانت اقل وضوحا- من الرئيس السوري بشار الاسد..والانتشاء المترع بالفرح الطفولي دامع العين لشرف المثول بين يدي الرئيس المصري حسني مبارك وخادم الحرمين الشريفين..
من المؤسف ان هذا الارتماء يذهب بعيدا في التنكر للصورة التي حرصت العراقية على تلبسها
والتي اريد من ورائها ارتداء قلنسوة القوة المناهضة للسياسة الامريكية والتدخلات الاقليمية وانتحال صفة القائمة القادمة الى الحكم بقوة قاعدتها الجماهيرية والزخم الذي اكتسبته من التقاطعات التي حكمت العلاقة بين طرفي الائتلاف الوطني..
والاكثر ايلاما ان نرى بعض اقطاب القائمة العراقية..وهم الرجال الذين يتحصلون على شرف تمثيل ملايين العراقيين..ويمتلكون من القانونية والشرعية الدستورية بحجم مؤثر وحقيقي ومعترف ومرحب به ضمن خارطة البنفسج العراقي العظيم ..ولهم من وزن التمثيل الوطني اكثر بكثير من رموز الانظمة التي يسألون عطفها..ان يتقبلوا نصائح ووصايا من رؤساء اجهزة مخابرات دول لا زالت تؤمن بالحق الآلهي في الحكم..او من رئيس يتبجح بانه لم يجد في ملايين شعبه السبعون من يصلح ليكون نائبا له..ونشفق على من تحدى العراقيين قوى الارهاب والظلام ووضعوا فيهم ثقتهم وآمالهم ومنتهى تطلعاتهم في الغد المشرق المنير..غد الديمقراطية والقانون والتداول السلمي للسلطة وحقوق الانسان..ان يربطوا مصير ممثليهم بدوائر الدول المأزومة برهاب الديمقراطية والمحكومة بعروش متهالكة متلبسة بالخوف من يوم لا ريب فيه يأتي به فجر الحرية الموعود..
ان على قياديي القائمة العراقية ان يضعوا نصب اعينهم حجم المسؤولية الملقاة على حيث كونهم يمثلون شريحة مهمة من ابناء الشعب العراقي..ويجب ان يعوا قوتهم من خلال قوة المواطن العراقي البطل الذي اوصلهم لسدة التصدي لهذه المهمة الوطنية الكبرى وليس من خلال علاقات اقليمية محكومة بمصالح لحظوية ضيقة قد لا تتطابق مع مصلحة الشعب العراقي العظيم..
نجرؤ على ان نهمس في اذن السادة اقطاب القائمة العراقية بانه ليس من الحكمة ان تقزموا المنجز السياسي العراقي الضخم وعمليته السياسية من خلال ادخال دول الاعتلال العربي اطراف مؤهلة للتدخل في تجربة ديمقراطية ينظر اليها كنوع من المحرمات الجنائية في بلدانهم ..كما ان مثل هذه الممارسات تصب في مصلحة تلك الانظمة –كعامل تلميع وتبييض لوجه النظام-اكثر مما تخدم القائمة العراقية نفسها..وخصوصا ان للعراقيين تجربة واضحة ومريرة مع هذه الانظمة لحقبتي ما قبل وما بعد التغيير في العراق..
ننتظر من ممثلي الشعب في القائمة العراقية العودة الى حاضنتهم الشرعية الا وهي الدستور والقانون وشرف اعلاء صوت المواطن العراقي الشهم والطيب والصابر الذي انتخبهم ..ولنا كل الثقة بجميع القوى السياسية التي اختارت الاحتكام الى صناديق الاقتراع ورأي الجماهير في تأكيد وجودها على الساحة السياسية في العمل من اجل تخليق الاليات التي تساعد على وحدة العملية السياسية والدفاع عنها وترسيخها وتحصينها تجاه القوى المتربصة المعادية للعراق والعراقيين والداعمة للقوى الظلامية ومشروعها المدنس في اثارة التقاطعات السياسية والفتن الطائفية وتذليل المصاعب التي تواجهها قوى الارهاب في مسعاها الاجرامي للحيلولة دون قيام حالة استقرار سياسي وأمني ينتج مناخا ملائما للبدء بعمليات التنمية والتطور الاقتصادي والاجتماعي في البلاد..
وما ينبغي المراهنة عليه هو المشتركات الكثيرة بين ابناء الوطن الواحد ممثلا بقواه السياسية ..وقدرتها على انضاج المتفق عليه منها ..وتفعيل للحوار بحيث يكون وطنياً وشاملاً، يعزز الاصطفاف والتلاحم والتوافق الوطني، ويسهم في الخروج بتصورات واعية وعقلانية تتضمن إيجاد الحلول والمعالجات لمختلف القضايا المفصلية التي تهم المواطن ويعمل على تمتين جسور الثقة وترسيخ تقاليد الممارسة الديمقراطية وأخلاقيات الاختلاف والرأي الآخر والممارسة المنضبطة لمفهوم التباين السياسي كعامل تدافع ايجابي.. والانحياز للمشروع الوطني واولية إحلال الأمن والاستقرار باعتبار أن ذلك هو المدخل العملي، الذي سيمكن العراق من التعاطي مع مشكلاته الاقتصادية والتنموية..الموقف يتطلب من الجميع وقفة مع النفس..وادراك عالي لجلال وعظم المسؤولية أمام الله والتاريخ والأجيال القادمة التي تنتظر منا ان نوصلها إلى بر الأمان، ودرء التحديات والأخطار التي تجابهها وانتشالها من بحر الفرقة والتمزق والصراعات والفوضى التي ليس لها قرار، ولهذا نقول مرة أخرى: لا بديل إلاًّ العودة إلى طاولة الحوار من أجل الوطن ومستقبل أجياله القادمة..
التعليقات (0)