البشرى الثمانون بشرى
الختام والسلامة والوئام
والآن وصلنا إلى خاتمة البشريات وكنت فى الحقيقة أحبُّ أن أجعلها أول البشريات لأنها فى ترتيب الدين قد تكون من أول البشريات لأنها أول ما تقابل من يدخل رحاب الإسلام! وأول ما كان النبى علم أصحابه ولكن آثرت أن أجعلها الخاتمة حتى لا ننساها هذه الأيام فأنا أرى هذه البشرى من أهم البشريات التى يحتاجها مجتمعنا فى يومنا وما سيتأتى من السنين والأعوام فقد إنتشرت الفرق والطوائف بين بنى الإسلام والكثير منها يقول أنا من فى النور و الباقون فى الظلام وياليتهم وقفوا عند القول بل أتبع ذلك بعضهم بالفعل وخرج من استحل الدم والعرض ونصب نفسه قاضياً ومنفذاً فأشاعوا الخوف والشحناء والفرقة والبغضاء وشوهوا صورة الدين السمحاء لا حول ولا قوة إلا بالله كيف هذا كيف يدعى مسلم أن له الحق أن يؤذى مسلماً آخر أو حتى غير مسلم من أبناء مجتمعه لأنه لا يوافقه الرأى؟ أو يختلف معه فى القضية! كيف يستبيح مسلم مالاً أو دماً أو عرضاً أويروع أحداً كيف والبشرى التى أريد أن أضعها أمام أعينكم وسأقول لكم لم أسميها بالبشرى هى قول الحبيب المصطفى الذى جمع كل أجناس البشر فى نسيج متجانس متكامل فقال{ كُلُّ المُسْلِمِ عَلَى المُسْلِمِ حَرَامٌ ، مَالُهُ وَعِرْضُهُ وَدَمُهُ، حَسْبُ امْرِىءٍ مِنَ الشَّرِّ أَنْ يَحْقِرَ أَخَاهُ المُسْلِمَ }[5] فالبشرى أن المسلم قد أمن تماماً على نفسه فى مجتمع المسلمين أمن على ماله ودمه وعرضه أمن ليس من الإعتداء السافر وفقط بل أمن حتى من أبسط وأقل وأتفه مظاهر التعدى أمن من الهمز أو اللمز أو الغمز[6] أمن من أى مظهر من الإحتقار بالفعل أو الإشارة أو القول أمن من الترويع الفعلى أو القولى أو الهزلى أمن من حتى أن يشير إليه أحدٌ بحديدة أو بخشبة عوضاً عن سلاح معروف أمن من كل ما يؤذيه أو يضره فى كلِّ ما يخصه من نفسه وعرضه وأهله وماله أو فى ممتلكات المجتمع العامة التى ينتفع بها الجميع من ماء وهواء وظل وشجر وبحر وأرض وحيوان فضلاً عن ممتلكات الأفراد الخاصة أمن سواء كان الفاعل أو المتعدى متعمداً أو ساهياً أو هازلاً بقصد أو عن غير قصد أمن ألا يمسَّ مطلقاً إلا بحق الله الذى أحقته الشريعة البشرى أن المسلمون آمنون بحكم الله وبدستور دين الله آمنون جميعاً فى بيوتهم ومحالهم فى قراهم ومدنهم فى ليلهم ونارهم فمن يحميهم إذاً؟ يحميهم كل المسلمون بلا استثناء لأن كل مسلم حارس على دينه فلا يلزمه تكليفٌ شخصى بعد تكليف سيد الرسل والأنبياء من يريد بشرى فوق هذه فإننا بانتسابنا لدين الله صرنا فى حصون الحفظ المنيعة و التى لا يستطيع أحد أن يدخل إلينا فيها ليؤذينا لأننا محميون بكل الناس حولنا هذا بالطبع فضلاً عمن أوكل لهم المجتمع تلك الوظيفة العملية من قوات أمنية وكل من يقول لا إله إلا الله بنص الحديث الذى كلكم يحفظه عن ظهر غيب فقد عصموا أنفسهم وأموالهم إلابحقها وكلكم يعرف أن سيدنا أسامة لما قتل المشرك الذى صاح "لا إله إلا الله" لما اندفع إليه أسامة ليقتله صرخ بها صائحاً ليقى نفسه بالكلمة إلا أن أسامة لم يصدقه فقتله فظلَّ النبى يعاتبه دهراُ طويلاً: أقتلت رجلاً بعد أن قال لا إله إلا الله! وكان أسامة يقول: ولقد تمنيت أنى لو لم أسلم قبلها فكل مجتمع الإسلام محفوظ بقانون ودستور وشريعة الدين ومحمىٌ بالجنود وهم كل المسلمين ومحفوظ أيضاً من أن الله لا يعطى القضاء على الناس أو الحكم فيهم إلا لمن ولوه عليهم و لا يحق لأحد أن يولى نفسه قاضياً بأى حال أو زمن كان هذه هى البشرى فلنفرح ولنسعد فكلنا حارس محروس وحافظ محفوظ ولا يحق لأحد حتى ولو أن ينتقص حقك بإحتقار! فى معاملة أو فعل بل ولا يحق لأحد أن يظنَّ شراً أو سوءاً فى أحد فقد قال النبى وهو يطوف حول الكعبة يعظمها ويقدمها{ لا إله إلاّ الله، ما أَطْيَبَكِ وأَطْيَبَ رِيحَكِ، وَأَعْظَمَ حُرْمَتَكِ، والمُؤْمِنُ أَعْظَمُ حُرْمَةً مِنْكِ، إنَّ الله تعالى جَعَلَكِ حَرَاماً، وحَرَّمَ مِنَ المُؤْمِنِ مَالَهُ ودَمَهُ وعِرْضَهُ، وأَنْ نَظُنَّ بِهِ ظَنّاً سَيِّئاً }[7] فحرمة المؤمن فوق حرمة الكعبة! وفوق حرمة الحجر وفوق حرمة الملائكة بنصوص الأحاديث وكل المسلم حرامٌ حرامٌ حرامٌ على المسلم حتى لا يحلَّ الظن السوء به إلا أن يكون فى شأن مباح للحيطة أو الحذر مع شواهد من عقل أو فهم وأختم البشرى بشيئين: الأول أن المسلم يحرم عليه المسلم كله ومعه يحرم أيضاً كل من دخل بلاد المسلمين فأقام بينهم أو مرَّ بهم أو من عاش فى وسطهم من ملَّة غيرهم أو عاهدهم أو ذهب هو لبلادهم وأقام بينهم أو مرَّ من عندهم فالمسلم لا يستبيح أنفساً لم تعتد ولم تفسد فلا يحق للمسلمين إيذاؤهم و لا إلحاق الضرر بهم فمجتمع المسلمين كله محفوظ من شر كله وكله حافظ نفسه عن ضرر كله ويشمل الحفظ كل داخل فى عهدهم ما حفظ عهده فمن فرط من مسلم أو غيره فأمره إلى ولى أمرهم ولا يقوِّم أمره أحد منهم بنفسه أما إسداء النصحية فهو عامٌ من كل من يحسنه لكل من يحتاجه مع الأخذ بقواعد النصيحة وسننها وثانياً سأورد حديثاً يجمع بعض الحقوق الواجبة للمسلمين بينهم، قال النبى
{ لا تَحَاسَدُوا ولا تَبَاغَضُوا ولا تَنَاجَشُوا ولا تَدَابَرُوا ولا يَبِعْ بَعْضُكُمْ على بيعِ بعضٍ، وكونُوا عبادَ الله إِخواناً، المسلمُ أخُو المسلمِ لا يَظْلِمُهُ ولا يَخْذُلُهُ ولا يَحْقِرُهُ، التَّقْوَى هَهُنَايشيرُ إلى صَدْرِهِ ثلاثَ مراتٍ بِحَسْبِ امرىءٍ من الشَّرِّ أَنْ يَحْقِرَ أخاهُ المسلمَ كُلُّ المسلمِ على المسلمِ حرامٌ دَمُهُ ومالُهُ وعِرْضُهُ}[8] وأضيفوا إلى هذا مئات الأحاديث والآيات والوقائع والحكايات فى حقوق المسلمين على أنفسهم فى مجتمعاتهم نسأل الله أن يعيننا على حفظ حقوق مجتمعنا وجيراننا
تم نقل الموضوع من كتاب[بشائر الفضل الإلهى]
http://www.fawzyabuzeid.com/table_bo...&id=66&cat=7
[5] سنن أبي داوود،عن أبى هريرة
[6] الهمز باليد، والغمز بالعين، واللمز باللسان.
[7] رواه الطبراني في الكبير، وروى فى عشرات المراجع بصورة عديدة متقاربة
[8] رواه مسلم في الصحيح عن القَعْنَبِيِّ عن أبي هريرةَ، سنن الكبرى للبيهقي
التعليقات (0)